تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل يؤدي دوره في الإصلاح.. القطاع المصرفي قدرات مكبوتة يجب استغلالها..

مصارف
الخميس 28-7-2011
أمل السبط

مسيرة الإصلاح مستمرة.. تحتاج إلى أن تقطع أشواطاً كثيرة لكي تكتمل بالمعنى الاقتصادي غيرأن المهم الآن هو بروز دور فاعل وأساسي للقطاع المصرفي في معادلة التنمية خصوصاً مع إعادة هيكلة لقطاعات الاقتصاد الوطني، ففيما غياب هذا الأخير في التأثير بالقرارات والتوجهات الاقتصادية يبقى الرهان لقيام المؤسسات القادرة على الإصلاح، ترسم سيناريوهات مختلفة تتضمن توجيهات لإدارة الدفة التنموية في المرحلة المقبلة!

الواقع السلبي‏

تشكل مساهمة قطاع الخدمات المالية بقطاعيه الأساسيين المصارف والتأمين في الناتج الإجمالي المحلي نسباً عالية ورافعة للاقتصاد الوطني في معظم دول العالم فيما لاينطبق ذلك على خصوصية قطاعنا المالي باعتباره لايتوجه نحو تمويل قطاعات الاقتصاد الحقيقية، فبالنظر إلى القطاع المصرفي يبدو لنا من قراءة الاحصاءات المتوافرة حتى نهاية 2010 أن آليات القروض الميسرة لم تشكل مناسبة لتفعيل وتنشيط الحركة الاقتصادية، وأن المصارف الخاصة لم تستطع حتى الآن التوصل إلى حدود الحجم القادر على جعل القطاع المصرفي السوري يلعب دوره المطلوب في جذب الاستثمارات ويحقق النتائج المقبولة والمتاحة لنسب النمو المطلوبة.‏

وأن المهمة ستزداد صعوبة في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة!‏

فتوزع التسليفات المصرفية حتى اليوم يبدو غير مرض ولاسيما لجهة قطاعات الاقتصاد الحقيقي التي لايمكن تجاهل مدى مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ودورها في تحقيق التنمية، وبحسب احصاءات المركزي تبين أنه في عام 2010 تصدرت تجارة الجملة والمفرق قائمة القطاعات بالاقراض وبنسبة 52٪ من إجمالي التسليفات، وجاءت ثالثاً الزراعة من جهة والإنشاءات العقارية من جهة أخرى، وحصل كل قطاع منها على 14٪ على حين جاءت الصناعة في المرتبة الرابعة وبنسبة 8٪ من تسليفات المصارف، وحلت ثانياً الخدمات الأخرى بنسبة 15٪ وتجاوز حجم التسليفات 1028 مليار ليرة موزعة على القطاعات سابقة الذكر.‏

ويلاحظ تدني اقتراض الزراعة والصناعة مقارنة بالقطاعات الأخرى بل إن الخدمات حظيت بنسبة تسليفات عالية وهو بلا شك ما أثار الكثير من الأسئلة حول جدوى توجه المصارف نحو القضايا الخدمية ولاسيما تمويل قروض التجزئة في الوقت الذي مازالت القطاعات التنموية خارج حسابات المصارف واهتمامها:‏

هذا الواقع يرتدي الكثير من السلبية برغم كل الآليات والمحاولات لتحريك التسليفات الاستثمارية والقروض الصناعية للمؤسسات المتوسطة والصغيرة، غير أن الوضع الجديد سيجعل مهمة القطاع المصرفي التنموية أكثر صعوبة اليوم نتيجة تردد المستثمرين في الإقبال على الاقتراض، وتحفظ المصارف في الاقراض الطويل مما سيضعف من إمكانية نمو أداء المصارف وتوسعها!.‏

ويتفق مصرفيون أن القطاع المصرفي يدخل مرحلة جديدة من التحديات في مواجهة أسواق الاستثمار والتوظيف وسط أزمة مالية متزايدة باعتبار أن الكثير من المشاريع التي لم يتم المباشرة بها سيتريث المستثمرون خلال الفترة المقبلة في مسألة المباشرة فيها وهو ماسيحرم المصارف الخاصة من فرصة توظيف أموالها في المشاريع الطويلة، وهي تحتاج إلى الكثير من العمل للاستفادة منها.‏

ويشرح جمال منصور مدير بنك الشرق أن المرحلة الراهنة تتطلب ضرورة رفع رساميل المصارف الخاصة ليتاح لها جذب استثمارات جديدة وتمويلها والاقراض داخل سورية، والسماح بمزيد من تحرير الخدمات المالية مع الالتزام الدقيق بالشفافية في الصناعة المصرفية خاصة في تطبيق الأنظمة الأساسية للرقابة المصرفية وتعزيز مبادىء الحوكمة في المؤسسات المالية.‏

التحدي الراهن‏

وتشكل عملية التمويل وإعادة هيكلة قطاعات الاقتصاد تحديات جمة أمام قطاع الخدمات المالية يفترض أن تكون داعمة للإصلاح الاقتصادي السليم حيث ينتظر هذا الاصلاح مهمات معقدة في كيفية مواءمة دوره الآن مع متطلبات التنمية ولاسيما أنه يمتلك قدرات كبيرة ومن المفترض أن يكون لتلك القدرات دور حيوي في دعم الاستثمارات لخلق الوظائف من مشاريع البنى التحتية إلى تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.‏

غير أنه ووفقاً للمحلل المالي د. وائل حبش «أن الدور التنموي مازال يقع على عاتق المصارف الحكومية بسبب كبر رأس أموالها مقارنة بالقطاع المصرفي الخاص وقدرتها على ضمان قروضها بشكل أقوى واسترداد قروضها المتعثرة بشكل أسرع من القطاع المصرفي الخاص الذي تركز نشاطه بشكل رئيسي على تمويل التجزئة وعلى الإيداعات في البنك المركزي وإيرادات الاعتمادات المؤجلة مبيناً أن القطاع المصرفي الخاص لن يكون معنياً بشكل مباشر أو غير مباشر خلال المرحلة المقبلة بمشاريع البنية التحتية, أما موضوع تمويله للمؤسسات الصغيرة فهو ضمن المعقول والمناسب لأحجام هذه البنوك».‏

ظاهرياً قد يبدو هذا الطرح بمثابة مقاربة للواقع، غير أن التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في الفترة الراهنة تقدم مايكفي من المسوغات لتبرير دوره الخجول في معادلة التنمية فإلى جانب عدم توفر المناخ الاستثماري الملائم وضيق السوق المحلي فإن هناك محدودية في الأدوات المالية والنقدية المستخدمة وفقر في البيانات الدقيقة والدراسات الموضوعية عن السوق المحلية لأغراض منح الائتمان فضلاً عن التحديات الأخرى كسعر صرف الليرة وصعوبة تأمين العملات الصعبة ومخاطر تباطؤ التدفقات النقدية للمشاريع الممولة من قبل البنوك، ولكي تتحقق النقلة النوعية في كيفية مواءمة القطاع المصرفي مع التنمية هناك اليوم أولوية للاستمرار في بناء نظام مالي متطور يعمل في إطار تنافسي، واستكمال الأطر التشريعية لسوق الأوراق المالية حتى يتمكن الأخير القيام بالدور المناط به على أكمل وجه في دعم الوحدات والقطاعات الاقتصادية وزيادة معدلات النمو!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية