تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في ندوة أقامتها لجنة الصحفيين بطرطوس... التلوث البيئي في بانياس.. معاناة كبيرة ومعالجات صغيرة !

مراسلون وتحقيقات
الاربعاء 3/8/2005
هيثم يحيى محمد

تقصير في ترجمة قانون النظافة ... والبيئة برسم التنفيذ خلال تشرين الأول المقبل... حرق 200 ألف طن فيول يومياً .. ومواجهات ساخنة بين السكان والشركات الملوثة...

التلوث البيئي في بانياس..‏‏

‏‏

بين معاناة السكان والتأخير الكبير في المعالجات الحكومية كان عنوان الندوة الحوارية الثانية التي دعت إليها وأقامتها لجنة الصحفيين في محافظة طرطوس منذ عدة أيام في صالة المركز الثقافي العربي ببانياس بحضور عدد من أعضاء قيادة فرع الحزب وأميني شعبتي الحزب في بانياس والعمالية وعضو مجلس الشعب.ا‏‏

بنة بانياس السيدة وعد خدام وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة وفعاليات سياسية واجتماعية وتربوية وحشد من أبناء منطقة بانياس إضافة للزميل داؤود عباس رئيس فرع اتحاد الصحفيين والزملاء الصحفيين العاملين في محافظة طرطوس ومدير عام المحطة الحرارية ومعاون مدير عام مصفاة بانياس ومدير العمليات في شركة نقل النفط ومدير وحدة تعبئة الغاز ورئيس مجلس مدينة بانياس.‏‏

وكان الهدف من إقامة الندوة الاستماع إلى معاناة سكان بانياس مدينة وريفاً من التلوث الناتج عن المنشآت الصناعية الموجودة في المدينة واجراء حوار مباشر بينهم وبين إدارات تلك المنشآت ومعرفة الاجراءات المتخذة من قبل هذه الإدارات أو المقرر اتخاذها لاحقاً للحد من التلوث الذي بات يشكل كابوساً حقيقياً على السكان (شكلاً ومضموناً).‏‏

‏‏

وهذه الندوة التي إدارتها لجنة الصحفيين تميزت بالطروحات الشفافة والجريئة والموضوعية وبردود المسؤولين غير المقنعة بمعظمها ما جعل البعض يعقب ويداخل على تلك الردود وما جعلنا نشهد حواراً مفيداً وساخناً بين الناس المتضررين وبين القائمين على المنشآت التي تتسبب بهذا الضرر.‏‏

لن نطيل أكثر وتعالوا نضعكم بأبرز ما شهدته الندوة من طروحات ومداخلات وردود ووعود ومن توصيات.. علّ ذلك يساهم في تحريض الجهات الحكومية المعنية لمعالجة أسباب ونتائج هذا التلوث دون تأخير.‏‏

الزميلة رفاه نيوف (عضو لجنة الصحفيين) قدمت في البداية ورقة عمل ضمنتها كافة الملوثات البيئية التي تقض مضاجع سكان بانياس بدءاً من التلوث الناجم عن محطة توليد بانياس الحرارية وانتهاء بالتلوث الناجم عن مصفاة بانياس النفطية مروراً بالتلوث البحري الذي تسببه شركة نقل النفط..‏‏

والتلوث الناجم عن الصرف الصحي الذي يصب في البحر على شاطىء المدينة مباشرة وتلوث مكبات القمامة ومجابل الاسفلت..الخ.‏‏

وتمنت من الجهات المعنية إيلاء هذه القضية المزيد من الاهتمام والمتابعة.. والمعالجة الجذرية لأسبابها ونتائجها.‏‏

مدينة موبوءة‏‏

عضو مجلس الشعب السيدة وعد خدام, تمنت أن تعود بانياس إلى سابق عهدها من النظافة والنقاء وأن تذهب المنشآت الصناعية التي تخرب البيئة وتلحق افدح الأضرار بالصحة العامة للسكان. وقالت: إن بانياس مدينة موبوءة جداً وتبين من خلال المؤتمرات المتوسطية أنها في المرتبة الخامسة بين دول حوض المتوسط من حيث التلوث وأثاره.‏‏

‏‏

وبالتالي نريد تدخلاً سياسياً من أجلها وخطة وطنية من أجل البيئة وحمايتها وطالبت بالإسراع في إقامة محطات معالجة الصرف الصحي لأن الصرف الصحي يلوث الأنهار والبحر والتربة والمياه.. وختمت بالقول: نعمل لتأسيس جمعية لحماية البيئة في الساحل.. علها تضغط بهذا الاتجاه ولا سيما أن الخطوات العملية لمكافحة التلوث شبه معدومة.‏‏

الدكتور زهير الشاطر: إضافة للتلوث الناجم عن المنشآت الصناعية في المدينة.. نعاني في الكورنيش البحري من التلوث الناجم عن السيارات التي تتوقف في كراجات الانطلاق المتوضعة على الكورنيش, ثم لماذا لا يتم منع السيارات من المرور في شارع الكورنيش مساء من أجل المواطنين?‏‏

سلمان علي: علينا العمل للمحافظة على أجيالنا القادمة من التلوث الذي يزداد خطراً يوماً بعد يوم.. فالمجاري الصحية تصب في كل الاتجاهات وخلال أقل من (5) سنوات اتوقع أن تصاب كافة الينابيع بالتلوث نريد علاجاً سريعاً لكل أنواع التلوث الذي جعل بانياس وريفها من أكثر المناطق تلوثاً.‏‏

خطر على نبع السن‏‏

محمد جنيدة: نبع السن الذي يغذي الساحل مهدد بالتلوث من خزانات المازوت الموجودة فوقه وحوله.. والنفط يلوث البحر ويقضي على نسبة كبيرة من الأسماك.. والقمامة ترمى في الطرقات.. وقرية (القلوع) كلها مستنقعات ملوثة.. ولا توجد فيها مياه للشرب رغم وجودها قرب السن.‏‏

خالد فهد حيدر قال: نريد أن نتحدث عن التلوث بالأرقام.. نريد أن نعرف كم طناً من الغازات والشحار تنفثها المصفاة أو المحطة الحرارية يومياً.. ونريد أن نعرف نسب التلوث في بانياس وريفها لأن الناس على قناعة أن الأمراض التي تزداد (سرطانات -قلب وغيرها) سببها التلوث المتزايد.‏‏

وأكد أن الزراعات المحمية تشكل خطراً كبيراً فالمبيدات تصل للفلاحين بعيداً عن الرقابة الزراعية.. ومع ذلك يقولون إننا بحاجة ماسة لانتاجها وهناك تلوث من الحدائق غير النظيفة.. والقرى تتعرض للتلوث الناتج عن المنشآت الصناعية أكثر من مدينة بانياس ومع ذلك فإن هذه المنشآت لا تقدم أي مساعدات مالية لتلك القرى كما هو الحال بالنسبة لمدينة بانياس.‏‏

المهندس محمد الأعسر قال: نبع السن ثروة وطنية يجب حمايتها من قبل الدولة مهما كانت التكاليف. وطالب بوضع دفاتر شروط قاسية جداً أثناء اجراء مناقصات لتنظيف خزانات النفط في المصفاة أو شركة نقل النفط لأن الشروط الحالية لا تؤدي إلى حماية كافية للبيئة من كافة الجوانب واعطى عدة أمثلة في هذا المجال كونه عمل سابقاً في هذا العمل.‏‏

روائح كريهة‏‏

الدكتور صلاح رقية قال: من خلال عملي كطبيب داخلية قلبية أؤكد أن التلوث أكبر من أي تصور.. فأينما ينظر الإنسان يلاحظ الغازات المنبعثة والدخان الأسود (الشحار) وأينما يقف يستنشق روائح كريهة صادرة عن المصفاة أو المحطة ونقل النفط.. وأيضاً عن سوق الهال والشاطىء.. ونتساءل: هل القائمون على تلك المنشآت يريدون العمل والمعالجة? إذا كان الجواب نعم.. نأمل أن نرى النتائج قريباً.‏‏

المهندس حسن مرجان مدير البيئة وابن ريف بانياس تحدث عن مصادر التلوث المختلفة في المحافظة بشكل عام وبانياس بشكل خاص وأكد على ضرورة تضافر كافة الجهود من المجتمع والحكومة لمعالجتها قبل فوات الأوان.. وأشار إلى أن تطبيق قانون البيئة سيبدأ في الأول من شهر تشرين أول القادم.‏‏

الزميل رئيس فرع اتحاد الصحفيين أشار إلى مشكلات التلوث الكثيرة في الساحل وأن أكثرها في بانياس ولا يجوز أن تبقى الأمور كما هي عليه الآن وهذا ما تهدف إليه الندوة التي تستحق لجنة الصحفيين الشكر عليها.‏‏

السيد يافع ميهوب مدير وحدة تعبئة الغاز أكد أن الوحدة لا تسبب أي تلوث للبيئة‏‏

محطة التوليد‏‏

المهندس محمد غانم مدير عام محطة توليد بانياس الحرارية قال: إن محطة بانياس هي محطة التوليد الوحيدة التي ما زالت تعمل على الفيول نظراً لقدمها.. أما محردة فتم تحويلها للعمل على الغاز لكنها لم تعمل علىه بسبب نقص مادة الغاز.‏‏

وأضاف: مشروع إعادة تأهيل مجموعتين من مجموعات المحطة الأربع متعثر مع الشركة الإيرانية.. أما مشروع تحويل عمل المجموعات للعمل على الغاز الطبيعي بدلاً من مادة الفيول فقد تم قطع شوط في هذا الاتجاه حيث تم مد خط لتزويد المحطة بالغاز الطبيعي والمشروع قيد التنفيذ حالياً وفي مراحله الأخيرة.‏‏

وعلى التوازي يتم العمل على تحويل نظام الاحتراق في المجموعتين 1+2 للعمل على الغاز الطبيعي والفيول.. وتم إدراج مشروع تحويل للمجموعتين 3+4 للعمل على الغاز والفيول في خطة العام القادم إلا أن المؤسسة العامة لم تعتمد المشروع بسبب عدم كفاية الغاز الطبيعي المتاح حالياً رغم أن خطة العام الحالي تضمنت مشروع الاعلان والتعاقد مع مشاور لوضع دفتر شروط فنية لإجراء صيانة عامة للمجوعتين وتحويلهما للعمل على الغاز الطبيعي والفيول إلا أن القرار النهائي لم يحسم بعد..‏‏

وفي حال إقراره واستكمال تعديل نظام الاحتراق على المجموعات الأربع فإن التعديل لن يغني عن حرق الفيول ما يبقي جزءاً من المشكلة قائماً إضافة لخلق مشكلة جديدة وهي مشكلة تصريف الفيول المنتج في المصافي.‏‏

وبعد أن تحدث عن قيام المحطة بدراسة نظام معالجة الفيول عن طريق إضافة مواد كيميائية لتحسين الاحتراق من جهة والحد من تركيز وأثر الملوثات الناتجة عنه..‏‏

وعن النتائج التي خلصت إليها الدراسة وعن أنه تم الاعلان عن تنفيذ هذا المشروع هذا العام لمجموعة واحدة بحيث يتم توسيع المعالجة لتشمل كافة المجموعات بعد نجاحها على مجموعة واحدة قال مدير عام المحطة: لقد تمت دراسة التلوث الهوائي في مدينة بانياس سنة 1985 من قبل فريق الأيكوبول التابع للأمم المتحدة وتبعتها دراسة أخرى قام بها فريق عمل OECF الياباني سنة .1995‏‏

ومن خلال معطيات نتائج المسح البيئي التي قامت به جهات دولية متخصصة يمكن القول: إن الملوثات الغازية الناتجة عن حرق الفيول السوري في مجموعات التوليد البخاري في شركة توليد بانياس والمصفاة لا تتجاوز الحدود القياسية العالمية..‏‏

لكن نظراً لعدم إمكانية تجاوز المظهر السلبي لآثار الرماد الناتج على الأبنية والمرافق المختلفة والذي يتعارض والطبيعة السياحية للمنطقة فإن موضوع معالجة الملوثات الغازية يبقى محافظاً على ضرورته وأهميته.. ومن الضروري أيضاً وضع آلية فعالة للمراقبة البيئىة في إطار خطة شاملة للتقليل من الانبعاثات الملوثة للهواء والالتزام بإجراء تحاليل دورية لتلوث الهواء باستخدام الطرق والوسائل الحديثة في التحليل لاعتمادها في تطبيق اجراءات المعالجة المناسبة من خلال المحافظة على أفضل الشروط التشغيلية.‏‏

المهندس بسام بيطار مدير العمليات في شركة نقل النفط الخام تحدث عن اجراءات الشركة للحد من آثار التلوث النفطي الذي يحدث أحياناً.‏‏

شركة المصفاة‏‏

السيد محمد عباس معاون مدير عام مصفاة بانياس تحدث بإسهاب عن الاجراءات التي قامت وتقوم بها شركة مصفاة بانياس للحد من التلوث البيئي الصادر عنها وقال: نحن في إدارة المصفاة معنيون بإدارتها بشكل اقتصادي وبيئي قدر الإمكان ولسنا المسؤولين عن إقامتها في هذا المكان.‏‏

وأضاف: هناك تلوث.. ولا يمكن لمصفاة في العالم القضاء على التلوث بشكل كامل.. في أوروبا منذ 10 سنوات لم يقيموا مصفاة جديدة إنما يعتمدون على استيراد حاجتهم المتزايدة من المشتقات النفطية حتى لا يلوثوا بيئتهم.‏‏

بالنسبة لمصفاة بانياس وصل عمرها إلى/25/عاماً دون أي توقف عن التشغيل إلا في فترات الصيانة والعمرة.. وحرق الفيول يؤدي إلى تلوث فنحن نحرق نحو /200/ ألف طن فيول في العام- ورغم كل ذلك فإن أحد أهم الأدوار الذي تقوم بها إدارة المصفاة هو الحد من التلوث وقد قطعت أشواطاً كبيرة في هذا الاتجاه من خلال اجراءاتها الدائمة ومشاريع التطوير فيها.. وقد أبرمنا عقداً مع مركز ابحاث البيئة ودلت النتائج الصادرة عنها أن التلوث في الحدود الطبيعية.‏‏

ثم تحدث الدكتور غسان داؤود بالتفصيل الممل عن الاجراءات العديدة التي اتخذت في المصفاة لتقليل التلوث داخل الوحدات وفي المحيط الخارجي مؤكداً أنه تم التوصل إلى نتائج ايجابية والأمر مستمر في هذا الاتجاه.‏‏

مواجهة ساخنة‏‏

وخلال حديث السيد داؤود قاطعه بعض الحضور ولا سيما الأطباء مؤكدين أن التلوث الناجم عن المصفاة أو المحطة واقع ملموس ولا يمكن انكاره ببعض العبارات ولا سيما أن أمراض السرطانات وأمراض القلب تزداد بين سكان مدينة بانياس وريفها.‏‏

وهذا ما تؤكده سجلات المراكز الصحية والمستشفيات وتمنوا على الجهات الحكومية المعنية إيلاء قضية التلوث في بانياس المزيد من الاهتمام والدعم المادي وشكروا لجنة الصحفيين في طرطوس وكافة صحفيي المحافظة على إقامة هذه الندوة وهذا الحوار الذي من شأنه تسليط الضوء من جديد على مسائل التلوث الخطيرة في بانياس.‏‏

أما القاضي غسان أسعد رئيس مكتب النفايات المهنية في فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بطرطوس فقال: البيئة ليست سليمة في منطقة بانياس.. والتنمية تحتاج لمنشآت صناعية وغيرها لكن يفترض أن يتم اختيار مواقع المنشآت بشكل مدروس من كافة الجوانب وهذا يدخل في باب (عقلنة التنمية).‏‏

وأضاف: لابد من تأمين الوسائل الكفيلة بالحد من التلوث الناجم عن المنشآت القائمة في بانياس مثل الفلترة إضافة لاستمرار الجهود لإنجاز المشاريع الاستراتيجية التي من شأنها القضاء على التلوث, ثم تمنى التوجه إلى المراكز البحثية والجامعات لإجراء دراسات وبحوث حول الواقع وكيفية المعالجة.‏‏

وأشار إلى ضرورة تطبيق القوانين البيئية النافذة في سورية ولا سيما قانون البيئة مع اقتراح إحداث محاكم لتطبيق هذا القانون منوهاً في الوقت نفسه إلى أن جميع الجهات المكلفة بتطبيق قانون النظافة /49/ مقصرة في عملها وبالتطبيق الفعلي للقوانين النافذة.‏‏

ختاماً‏‏

نتمنى أن نكون كلجنة صحفيين ومكتب فرع اتحاد الساحل قد حققنا الهدف من إقامة هذه الندوة.. وبالتالي أن تسعى الجهات الحكومية المعنية لتحقيق الهدف الأكبر وهو معالجة التلوث الذي يصيب البشر والشجر والحجر في مدينة بانياس الساحلية وريفها الجميل والذي يعتبر من أكبر وأكثرالمشكلات التي ترخي بظلالها على حياة السكان في تلك المنطقة السياحية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية