|
دراسات وعندما ينتفي الرادع يبقى كل شيء معرضا للسقوط والانهيار. فهل أصبح الكذب سياسة حقا?! وهل أصبحت السياسة كذبة كبرى يمارسها من يشاء على من يشاء بدون وعي لأبعاد وأخطار هذه الممارسات الذرائعية, أو بوعي مسبق الصنع والإعداد لأهداف لم يعد بالإمكان تجاهلها أو الصمت حيالها في أحسن الأحوال?! وهل بالإمكان القفز فوق واقع السباق الارتهاني في دوائر القرار الأمريكي والسياسة الأمريكية القائمة على توزيع الاتهامات المجانية ونشر الأكاذيب والأضاليل لاستعداء الأمريكيين وغيرهم من الشعوب المحاصرة بإعلام العولمة وسياسة الهيمنة التي تتخذ من العدوان وسيلة ومن الابتزاز أسلوبا لتحقيق خطوات متقدمة في مشروعها الاستعماري بأهدافه القديمة وصوره وأشكاله المتجددة?!. لم يبق في حلبات السباق التضليلي أحد من الإدارة الأمريكية لم يدل بدلوه في حملات الافتراء والاعتداء على جميع الحقائق والوقائع لتشويه القضايا ووضع الشعب الأمريكي في مواجهة دامية مع جميع الشعوب مع التأكيد على أن وجود الشعوب وحقائقها لا تقوم على العدوان, بل تقوم على الاحترام المتبادل في إطار الحرية والسيادة والاستقلال وفق جميع الشرائع والقوانين. فالأحقاد والصراعات من صنع السياسات وليست مبنية على إرادات الشعوب ورغباتها التي تقوم بالأساس على احترام الحياة وأبناء الحياة بعيدا عن الوعيد والتهديد الذي يفجر المواقف ويختلق المقدمات الخاطئة وصولا إلى النتائج الخاطئة بالضرورة. ومن هنا فإنه لا مصلحة لسورية ولا للعرب ولا للمسلمين ولا لغيرهم من الأمم في اختلاق عداوة مع الشعب الأمريكي الذي عانى من التمزق والحروب بين الشمال والجنوب ما يجعله قادرا على وعي أخطار الممارسات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية برعاية محافظيها الجدد. ولقد عبَّر الشعب الأمريكي ولا يزال عن رفضه لمجمل هذه السياسات والتوجهات العدوانية المبنية على المزاعم والأضاليل والتي يذهب ضحيتها العشرات من الأمريكيين وسواهم من الفلسطينيين والعراقيين والأفغان يوميا. ولهذا فإن بؤر التوتر التي تختلقها الإدارة الأمريكية وتلقي عليها مسؤولية ذلك التوتر المختلق, تارة باسم الإرهاب, وطورا باسم الأخطار قد أسقطت مصداقية الإدارة الأمريكية عند الأمريكيين الذين يدفعون ثمن هذه السياسات العدوانية كما دفعتها شعوب كثيرة من قبلهم ولا تزال تذكر تلك الأصابع الصهيونية الملطخة بالدماء المسفوحة على مذابح الأحقاد التاريخية التي تكنها الصهيونية لجميع الأمم والشعوب. ومما يؤكد ذلك كله هذا التناغم والتوافق والتكامل بين سياسة الإدارة الأمريكية وبين المصالح الصهيونية العليا بدءا باستيطان فلسطين وانتهاء بسيطرة رأس المال المتصهين على إرادة الشعوب وثرواتها. فهل لعبة المصالح هذه عرضية أم أنها ذات أبعاد تخطيطية عميقة الجذور بعيدة المرامي والغايات?!. إن الحقائق أكبر من التزوير والمزورين وأصدق من التبرير والمبررين. وإذا كانت شهادة الزور مدانة في جميع الأديان والأعراف والقوانين, فلماذا يكثر روادها تحت شمس الحرية الساطعة?! وإلى متى تفرض نفسها على الأسماع والأبصار?! وفي إطار هذا التصنيف الموضوعي تقع شهادة ستيوارت ليفي نائب وزير الخزانة الأمريكي لشؤون الإرهاب!! أمام الكونغرس الأمريكي بأن سورية تمثل خطرا على الأمن القومي الأمريكي!! تارة بدعم الإرهاب, ومرة بمحاولة امتلاك أسلحة الدمار الشامل, وأخيرا وليس آخرا بالتدخل في الشأن اللبناني. إن المبادرات السياسية الأمريكية الخاطئة لم تحسن قراءة الأحداث ولم تفهم حاجات الشعوب إلى الحرية الحقيقية والديمقراطية القائمة على الفهم والتفاهم بعيدا عن العدوانية السافرة التي مارستها إسرائيل على لبنان بمباركة ومشاركة أمريكية واضحة المعالم. والإرهاب الذي يستهدف المدنيين هو عمل إجرامي مدان في كل مكان وكل زمان يستوي فيه أبناء فلسطين وقانا وجنين مع ضحايا مدريد وباريس ولندن ونيويورك لا فرق بين الأسماء والدماء, وإلا فإن ما أحدثته سياسة الإدارة الأمريكية في العراق وحده يشكل قمة الإرهاب الأكبر في تاريخ البشر. فما ذنب أطفال يلوح لهم بالحلوى ليتجمعوا أحياء ثم يمزقون أشلاء والديمقراطية الأمريكية شاهدة على حقيقة فاضحة يراد طمسها باختلاق الأكاذيب والأضاليل وافتعال الأزمات هنا وهناك تغطية على الإرهاب الحقيقي الذي لم يشهد التاريخ له مثيلا. وبين التخبط الصهيوني والتورط الأمريكي لا بد من دافع للثمن وعلى هذا الأساس يتم التعامل مع سورية الموقع والموقف والهوية والقضية. فهل يعي الشعب الأمريكي تلك الحقائق المرعبة?! أم أن الضلالة أصبحت شريعة السياسات الصهيونية والإنسان المتصهين?! وأين تلك الأصوات المتشدقة بالدفاع عن المستقبل الحر والحرية الواعدة التي يشكل أطفال العراق إحدى مقوماتها كما يدعون?!. فهل لأحد مصلحة فيما يحدث?! وهل تبيح القوانين والأخلاق شريعة القتل والدمار تحت الشعارات الكاذبة والمزاعم الموهومة?!. ومن الذي يقود الشعب الأمريكي في هذا الاتجاه الأعمى?!. إنها بكل أسف وألم وواقعية حقيقية تلك العقلية المتصهينة التي عاثت ولا تزال تعيث فسادا وإفسادا في كل زمان ومكان انطلاقا من دورها الإجرامي في جميع الحروب التاريخية المدمرة, وفي صراع الأديان والحضارات الذي تروج له وتختلق الذرائع والأدوات لتسويقه كضرورة من ضرورات العصر الصهيوني القائم على أوهام هياكل الحقد بين الأمم, والمستتر بجدار الفصل العنصري بين الشعوب, والمستمر بافتعال العداوات بين الدول والحضارات. إن القضية محكومة بمدى وعي الشعب الأمريكي لحقائق التاريخ الصهيوني وعقليته التدميرية القائمة على إشغال العالم لكي لا يلتقط أنفاسه ويقف على حقائق الأحقاد المسوقة غطاء للإرهاب الحقيقي والعدوان الحقيقي والخطر الأكبر الذي يفرزه التلمود الصهيوني تجاه جميع الأمم والشعوب وعلى امتداد العالم بأسره. ولعل الخطر السوري المزعوم نابع من فهم سورية لهذه الدوافع والخلفيات ومعاناتها مع آلية التفكير والممارسة الصهيونية ومن قراءتها الواعية للدور التاريخي المتآمر للصهيونية العالمية على الجميع منذ اغتيال موسى وتوراته وانتهاء باغتيال العالم القطيعي وفق الرؤية الصهيونية الحاقدة. عضو اتحاد الكتاب العرب |
|