|
قضاياالثورة وتعلمون أيضاً, أن مقولة التفوق ونظرياتها الفطرية او الغريزية ساقطة بالعلم وبالتجربة التاريخية, وحتى بمعايير العصر والانتماء الى الحضارة الانسانية. وتعلمون كذلك, ان الحضارة الاوروبية الحديثة كانت سباقة في انتاج نماذج عدة من الفاشية الحديثة والمعاصرة, الألمانية منها والايطالية وغيرها, وكانت سباقة أيضاً الى تدمير هذه النماذج ونفيها والتنكر لها ومحو آثارها والتعالي عليها وعلى مقولاتها. لكنكم لا تعلمون ان بعض العرب يخالجه الإحساس اليوم بالتفوق على البعض الآخر, ويتناهبه الشعور بوهم أفضليته وريادته, لا لأنه أشقر أو أسمر, ولا لأن عيونه زرق او سود على طريقة أدولف هتلر في بعض تجلياته, بل لأنه من هذا الموقع من الجغرافية العربية وليس من ذاك, ولأنه يرطن بثلاث كلمات أجنبية بين كل كلمتين عربيتين, ولأنه حين يتورم الوهم داخله بالتفوق والأفضلية يقيم حمام دم من شرايينه وعروقه بين عقدين من السنين وثالثهما او الرابع, ولأنه الوحيد بين شعوب الأرض الذي فسر الديمقراطية بأنها أحد أشكال القسمة والتقاسم, وفسر الوحدة الوطنية بأنها تنويع الولاءات شرقاً وغرباً, وفسر مجالس الشعب بأنها مجالس الطوائف, علل الاشتراكية بالمذهبية, والفوضى بالحرية, والتوافق بالسياسة, والعمالة بالثقافة, والعروبة بين السفارة والسفارة! ثم يأتيك شاكياً باكياً, بأنك صادرت حريته بذبح شرايينه, وبأنك أطفأت توقه الى ديمقراطية المتاريس وخطوط التماس, وبأنك عطلت اقتصاده وأزهقت رغيفه ببحثك عن الأمن في دارك. أو يأتيك استاذاً واعظاً شارحاً, فطريقك الى الديمقراطية استنبات طوائفه في أرضك وسبيلك الى الحرية استنساخ فوضاه في بيتك. أو يأتيك معلماً ومنظراً, فعروبتك انتماء الى ما يشتهي, وانعزالك في النأي عما يخوض من وحل, وثقافتك في تعلم فلسفة الانقلاب والانقلاب المضاد. في السبعينيات نشرت (دير شبيغل) الألمانية صور ونتائج المزرعة البشرية التي أنشأتها فاشية هتلر, واختتمت تقول: نجح هتلر في التحكم بطول المواليد ولون بشرتهم وعيونهم, لكنه أخفق في صوغ عقولهم كما توهمها! لماذا لا يبادر ذلك البعض العربي إياه الى استباق النتائج فيباشر بصوغ عقل نظيف أولاً?. |
|