|
بيئة
وأكد المشاركون في الاجتماع, وهم سبع دول بينها سورية وعدة جمعيات أهلية, أن من أهم حقوق المواطنين هي معرفتهم للظروف البيئية المحيطة بهم والتي تؤثر على الصحة العامة ومشاركتهم في وضع السياسات واتخاذ القرارات وصولاً إلى تنمية مستدامة. وأشاروا إلى أن دول المنطقة تعاني من نقص الديمقراطية والمشاركة الشعبية ما يضعف من فرص التنمية المستدامة, ولذلك فمن الضروري تحفيز وتشجيع المواطنين على المشاركة الفعالة في التنمية المستدامة وهذا يتطلب توفير الإرادة السياسية الفاعلة والإدارة الجيدة اللازمة لنشر المعلومات وتوفيرها للمواطنين في إطار قانوني وتشريعي ملائم. وركز اجتماع بيروت وخلال يومين متتاليين على استعراض التجارب العربية في توفير ونشر المعلومات البيئية للمواطنين وتحديد المشكلات التي تعيق مشاركتهم في رسم وتنفيذ الخطط والبرامج البيئية إضافة إلى استعراض الاتفاقيات الدولية بخصوص حق المواطن في الوصول إلى المعلومات البيئية والمشاركة في القضايا البيئية واتخاذ القرار, وتحديد السبل اللازمة لإتاحة الفرص لوصول المعلومات البيئية إلى المواطنين وتشجيعهم على المشاركة. والسؤال: ماذا عن التجربة السورية حول توفير المعلومات البيئية للمواطنين من أجل تفعيل مشاركتهم في التنمية المستدامة ? هذا ما نجيب عليه من خلال استعرا ض الورقة السورية التي قدمها للاجتماع د. نادر غازي مدير الإعلام البيئي والتدريب في الهيئة العامة لشؤون البيئة التابعة لوزارة الإدارة المحلية والبيئة... محاولات الهيئة حين أحدثت الهيئة العامة لشؤون البيئة بالمرسوم التشريعي رقم 11 لعام 1991 كان أحد مهامها جمع البيانات والمعلومات البيئية بهدف توفير قسمٍ منها للمواطنين وحسب مسؤولياتهم, إضافة إلى الاعتماد عليها في دمج البعد البيئي في خطط وسياسة التنمية الوطنية غير أن ذلك لم يحدث مع مرور الوقت رغم صدور قانون حماية البيئة رقم 50 لعام 2002 ورغم الحاجة الماسة إلى إنشاء بنك خاص بالمعلومات البيئية... وتكمن المشكلة في التنوع الكبير للمعلومات والبيانات المطلوبة وتوزعها وتشتتها بين عدد كبير من الجهات الحكومية والخاصة والتي غالباً لا تتعاون مع الهيئة وهي تشكو أصلاً من نقص الكوادر الضرورية المؤهلة لهذا العمل. واستمرت محاولات الهيئة لإنشاء بنك معلومات بيئية قادر على دعم متخذي القرار وفي التخطيط وإعادة السياسيات واتخاذ القرارات الصائبة لحماية البيئة, إضافة إلى توفير هذه المعلومات إلى عامة الشعب حسب مستوياتهم وحسب الحاجة إليها لأغراض البحث العلمي أو زيادة الوعي, ورافق ذلك السعي لإنشاء شبكة مراقبة لعناصر البيئة لتقوم بتزويد بنك المعلومات بالبيانات الهامة والمؤشرات لتوصيف حالة عناصر البيئة ليتم بعدها رسم الخطط والسياسات وهذه المحاولات أعطت ثماراً مقبولة ولو جاءت متأخرة نتيجة التعاون بين الهيئة ( ذات الإمكانيات المادية والبشرية المحدودة ) وبين المنظمات الإقليمية والدولية وذلك في إطار عدد من المشاريع الخاصة بالاتفاقيات البيئية الدولية التي انضمت إليها سورية ( التنوع الحيوي - مكافحة التصحر - الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية البيئية...), ما ساعد في نهاية الأمر على توفير معلومات جيدة في الهيئة العامة لشؤون البيئة وتم توظيفها بشكل خرائط رقمية وتقارير ودراسات. إلا أن النتائج الإجمالية عن المعلومات البيئية الحديثة في سورية لاتزال حتى اليوم متواضعة لعدة أسباب مادية وفنية وبشرية وهي لا تتعلق بالهيئة العامة للبيئة وحدها إنما بالجهات الرسمية الأخرى المعنية بشؤون البيئة كالنقل والنفط والزراعة والري والسياحة والإسكان ... وغيرها وتعاون ضعيف معها...? وطالما أن معظم المعلومات عن حالة البيئة تتوفر في جهات رسمية وخاصة خارج إطار الهيئة العامة لشؤون البيئة فإن السؤال المطروح : لماذا لا تتعاون مع الهيئة حين تطلبها منها أو تقدمها لها بشكل دوري دون طلب?! المعروف أن أغلب الوزارات والمؤسسات العامة تمتلك أقساماً ودوائر خاصة بالإحصاء لجمع البيانات المتعلقة بمجال عملها ويفترض أن تقوم بإنتاج معلومات خاصة بها تفيدها في تتبع تنفيذ برامجها والتخطيط المستقبلي لعملها, إلا أنها على أرض الواقع لا تقوم بما هو مطلوب منها إلا إذا طلب منها بعض المعلومات البسيطة والمشاريع المحددة.. ومع هذا كله فإن جمع البيانات يصل في بعض الحالات إلى كم ونوع لا بأس به لكنه يعاني عموماً من عدم التحديث, وغالباً ما يتم نقل المعلومات وتداولها بأسلوب ورقي وبإجراءات روتينية وطويلة ومعقدة ما يعرقل انتشارها ووصولها إلى المعنيين في الوقت المناسب , ولا تتوفر للمواطنين إلا في الحدود الدنيا والقنوات المتاحة حالياً هي وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري( صحف - إذاعة - تلفزيون - ندوات ). ولو عدنا إلى طرق حفظ وتحليل المعلومات البيئية وغيرها لوجدنا أن معظمها يتم يدوياً ورقياً إما بشكل تقارير أو خرائط وأحياناً نسخ الكترونية, والمشكلة تكمن في غياب قواعد بيانات متكاملة يتم حفظ هذه المعلومات بها ما يؤدي إلى صعوبة تبادلها وتداولها سواء داخل المؤسسة نفسها أو بين المؤسسات المعنية, وحتى في بعض الحالات الخاصة لبعض الجهات التي نجحت بإنشاء قواعد بيانات جيدة فإنها تبقى للاستخدام الداخلي ولا يزال التبادل الخارجي شبه معدوم بين المؤسسات المختلفة وصولاً إلى المواطن. أما المكتب المركزي للإحصاء وهو المعني بجمع كافة البيانات والمعلومات الضرورية على المستوى الوطني نظراً لأهميتها في عملية التخطيط فقد أصدر 56 مجموعة إحصائية سنوية منذ إنشائه وهي تشمل جميع المجالات الاقتصادية والتنموية كالزراعة والصناعة والنقل والتجارة والتربية والتعليم وعدد السكان والمساكن والمنشآت وغير ذلك. ومع تنامي الشعور بأهمية حماية البيئة وتوفير المعلومات الضرورية عنها أحدث المكتب المركزي للإحصاء قسماً خاصاً للبيانات والمعلومات البيئية, وهذا ما يتيح مصدراً مهماً بالنسبة للهيئة العامة للبيئة ولكنه غير كافٍ لوحده. ماذا عن المستقبل وقبل أن نسأل عن مستقبل تطبيق مبدأ حق المعرفة البيئية للجميع, نشير أولا إلى المعوقات الكثيرة التي تواجه توفير المعلومات والبيانات المطلوبة عند مصادرها الأساسية والمتواضعة أصلاً وأبرز هذه المعوقات الجمع والتحديث غير الدوري لها وتسرب الكوادر التي يتم تدريبها لهذه الغاية, وعدم تواجد نظام متكامل حتى تاريخه بين الجهات المعنية لتبادل تلك المعلومات. يضاف إلى ذلك المركزية في جمع البيانات وتبادلها ونقص التشريعات الخاصة بها وبمواصفاتها القياسية التي تسهل تبادلها, في وقت تغيب عنه أنظمة المراقبة لعناصر البيئة وتقييمها إضافة إلى نقص ا لمختبرات البيئية, ونقص الوعي حول أهمية مثل هذه النظم في تبادل البيانات والكلفة الكبيرة لإنشاء البنية التحتية لهذه النظم. وإذا اعتبرنا أن الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية البيئة في سورية أحد أهم مصادر المعلومات فإن معلوماتها أصبحت قديمة سواء عندما تم إعدادها أو اعتمادها فيما بعد عام 2003 وصارت بحاجة إلى تجديد دوري, ولهذا برزت الحاجة إلى إعداد تقرير وطني سنوي لحالة البيئة يقدم من خلاله المعلومة الدقيقة والعرض التحليلي للمعطيات والمعلومات البيئية حول حالة الموارد الطبيعية والمنظومات البيئية والضغوطات التي تتعرض إليها إضافة إلى الإجراءات والتدابير المتخذة لحمايتها. ولهذا كله تم العام الماضي تنشيط عمل دائرة الإحصاء والمعلومات البيئية بهدف جمع البيانات البيئية من الجهات المختلفة وتسعى لوضعها في قواعد معلومات متكاملة وإنتاج المؤشرات البيئية الخاصة بالتنمية المستدامة وتحليلها وصولاً لإعداد تقرير التقييم البيئي المتكامل وغيره وذلك بالتعاون مع المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وبالتوازي مع ذلك يتم العمل على إنشاء شبكة لتبادل المعلومات داخل الهيئة وسيتم ربطها مع مركز دعم القرار في وزارة الإدارة المحلية والبيئة ومع مديريات شؤون البيئة في المحافظات والتي يتابع حالياً مشروع تزويدها بمخابر تحليل لكل عناصر البيئة من هواء ومياه وتربة بما سيساعد على توفير البيانات الدقيقة.. وبدورنا : نأمل من جديد أن تتعاون جميع الجهات المعنية مع الهيئة لكي لا نخسر الزمن ونعود إلى حيث AL-baridi@mail.sy ">بدأنا.... AL-baridi@mail.sy |
|