|
شؤون سياسية بهذه المؤسسات، وبالتالي بالديمقراطية التي تدعيها لكون هذه المؤسسات أحد أهم الجهات التي تقوم عليها الديمقراطية ليس في بريطانيا لوحدها بل في سائر الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية من هذا النوع! فالبريطاني الذي يعتقد بأن أهم خصوصياته هي محفوظة ومصانة بموجب الديمقراطية التي يحياها اكتشف فجأة بأنها قد تكون عرضة للبيع والشراء والنشر على وسائل الإعلام دون مراعاة الخصوصية ليس ذلك وحسب بل إن الذي قام بعملية التسريب هي الشرطة التي من المفترض أن تكون حامية للخصوصية الشخصية وليست منبراً للفضيحة أو التشهير أو الابتزاز مقابل مبالغ مالية تتلقاها من إمبراطوريات الإعلام لتسريب المعلومات واستخدامها للإثارة! روبرت مردوخ صاحب الإمبراطورية الإعلامية المتهمة بالتنصت نفى ما نسب الى إمبراطوريته وأذرعها الإعلامية لكن ذلك لا يبرئه من عدم المعرفة والمسؤولية وموقفه يشبه موقف ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني التي رأت أوساط إعلامية وسياسية بأن موقعه بات في خطر نتيجة هذه الأزمة خاصة بعد ورود معلومات عن لقاءات بينه وبين مردوخ وريبيكا بروكس الرئيسة السابقة لتحرير صحيفة/نيوز أوف ذا ورلد/ أحد الأذرع الإعلامية لمؤسسة مردوخ قبل صفقة كانت محتملة لشراء محطة سكاي نيوز التلفزيونية وسط تأكيدات متصاعدة لزعيم المعارضة(أد ميليباند) أن كاميرون يبدو غير قادر على تحمل مسؤولية القيادة التي تحتاجها البلاد. فضيحة التنصت لم تود إلى الاطاحة بقائد شرطة اسكتلنديارد بول ستيفنسون ومساعده جون يايت فقط بل هزت كل الأوساط البريطانية بحيث اضطر رئيس وزرائها ديفيد كاميرون إلى اختصار زيارته إلى جنوب إفريقيا وعقد جلسة طارئة للبرلمان البريطاني بحثت تداعيات الفضيحة بعد تعرضه لانتقادات لاذعة حول قيامه بزيارات خارجية وتركه للأزمة دون معالجة تطمينات كاميرون التي أعلنها عن متابعته شخصياً للموضوع وسعيه لمحاكمة ومحاسبة المتورطين فيه لم تهدئ من غضب البريطانيين حول أكبر فضيحة للتنصت على الهواتف الخاصة، فطالبوا بإجراءات فعلية بحق رجل الأعمال روبرت مردوخ ومؤسسته الإعلامية خاصة بعد العثور على مراسل سابق لصحيفة /نيوز أوف ذا ورلد/ ميتاً في منزله وهو الذي أعلن سابقاً لصحيفة نيويورك تايمز ولمحطة (بي بي سي) أن رئيس التحرير السابق للصحيفة /اندي كولسون/ الذي أصبح بعد ذلك مدير الإعلام في مكتب كاميرون كان على علم بالتنصت الهاتفي الذي تقوم به الصحيفة وهو الأمر الذي أثار الشبهة حول ظروف مقتله التي تجري الشرطة تحقيقات حولها.. ويرى البريطانيون في اعتقال ربيكا بروكس الرئيسة السابقة لتحرير صحيفة /نيوز أوف ذا ورلد/ ومن ثم الإفراج عنها خطوة غير كافية وإن أعقبها استقالة بول ستيفنسون قائد شرطة لندن ومساعده على خلفية الاشتباه بتلقيه أموالاً مع قسم من ضباطه بهدف تزويد الصحيفة ببعض القصص التي تخص شؤوناً خاصة لبعض الشخصيات والكشف عن إقامته في منتجع فاخر للصحيفة علاقة به.. حيث كشفت مديرة في منتجع «تشامبنيز» أن ستيفنسون دخل المنتجع في حالة صحية سيئة للغاية وتمكن من خلال تلقيه للعلاج من العودة إلى عمله سريعاً بفض خدمات تشامبنيز. الفضيحة تكشف بلا شك تورط أكثر من جهة في عملية التنصت وقد تطال شخصيات جديدة وكلفت فقدان أكثر من شخص لمنصبه أو وظيفته كما جددت الشكوك حول قدرة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على الحكم على الأمور بعد ان اختصر جولة تجارية يقوم بها في إفريقيا لتصبح يومين بدلاً من أربعة أيام مع تزايد الضغط عليه في بريطانيا لمعالجة الفضيحة التي هزت ثقة البريطانيين في الشرطة والصحافة والقادة السياسيين. كما استقال اثنان من المسؤولين التنفيذيين العاملين لدى مردوك أحد أشهر أباطرة الإعلام الذي أغلق كذلك صحيفة نيوز أوف ذا ورلد التي كانت محور فضيحة التنصت على الهواتف وتخلى عن صفقة قيمتها 12 مليار دولار لشراء جميع أسهم بي سكاي بي لبث الأقمار الصناعية. كما هبط أسهم نيوزكورب في استراليا وفي الولايات المتحدة وخسرت ملايين الدولارات نتيجة الأزمة.. وقد تصاعدت الأزمة بعد الإعلان عن معلومات عن التنصت على الهاتف المحمول للطفلة ميلي دولر التي وقعت فيما بعد ضحية لجريمة قتل. الفضيحة أدت من جملة ماأدت اليه إلى زعزعة ثقة الشارع البريطاني بجهاز الشرطة ومسؤوليه الذين قاموا بتسريب قضايا خاصة تهم المواطنين وتتعلق بقضاياهم الخاصة إلى الصحف مقابل مبالغ مالية جرى قبضها من قبل بعض ضباط الشرطة ما دفع وزيرة الداخلية (تيريزا ماي) للتصريح بالاستياء من هذه التصرفات التي تعكس تضارب المصالح في الشرطة ودعت إلى ضرورة أن يكون هناك خط فاصل بين المحقق ومن يحقق معه مع بقاء الفضيحة مفتوحة على كافة الاحتمالات خاصة وان التنصت طال هواتف الكثيرين بما فيها العائلة المالكة والطبقة السياسية ومشاهير وضحايا الجرائم ومنها جرائم قتل أطفال وضحايا تفجيرات لندن عام 2005. الفضيحة تدل بلا شك بأن الديمقراطية التي تدعيها بعض الدول الغربية ما هي إلا شعارات براقة ،زائفة تحاول ترويجها والاحتماء تحت ستارها للتدخل في شؤون الدول الأخرى في حين تقوم هذه الدول التي تدعي الديمقراطية بانتهاك أبسط الحقوق الديمقراطية لمواطني بلدانها عبر التنصت على هواتفهم الخاصة ليس ذلك وحسب بل واستغلال بعض هذه الخصوصيات ونقلها عبر وسطائها وأذرعها إلى وسائل الإعلام بقصد الاستفادة منها في خلق مواضيع جديدة وزيادة مبيعاتها عبر جلب قصص مثيرة تتعلق بقضايا شخصية لايجوز كشفها إلا بإرادة أصحابها. |
|