|
شؤون سياسية بالقول: يجب انقاذ الأرواح وأخذ المبادرة، مشدداً على ضرورة جمع 1،6 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة و 300 مليون دولار خلال الشهرين القادمين. وفي الوقت ذاته، أطلق العديد من المعلقين والخبراء تحذيرات من امكانية تفجر اضطرابات خطيرة وحتى ثورات عبر العالم نتيجة لتفاقم الأوضاع المعيشية للشرائح الأكثر فقراً في المجتمع. في موقع «كومون دريمز» كتب الصحفي الكندي غوين واير مقالاً بعنوان «مستقبل اضطرابات الغذاء» قال فيه: لو كان الغذاء في العالم يوزع بالتساوي بين الناس، لكان هناك ما يكفي للجميع، وقد كان هذا صحيحاً على مدى قرون، فعندما كانت تحدث ندرة في الغذاء، فإن المشكلة لم تكن بسبب نقص عالمي، وإنما بسبب التفاوت في توزيع الغذاء. وفي وقت سابق من هذا العام، قال عبد الرضا عباسيان، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة:« إننا في بداية وضع خطر»، مشيراً إلى أن ثمن سلة أغذية تعكس أنماط الاستهلاك العالمية، وتتكون من حبوب، وزيوت وألبان ولحم وسكر. وأضاف عباسيان:« لايزال هناك مجال لارتفاع الأسعار إلى مستويات أعلى بكثير، إذا مثلا تحولت ندرة الأمطار في الأرجنتين إلى جفاف، وإذا بدأنا نعاني مشكلات تنجم عن تضرر محاصيل القمح في النصف الشمالي للكرة الأرضية نتيجة لفصول شتاء شديدة القسوة». وأشار إلى أن روسيا وأوكرانيا خسرتا ما لا يقل عن ثلث محصولهما من الحبوب في موجة الحر التي ضربتهما في الصيف الفائت، بالتزامن مع الفيضانات في استراليا وباكستان، وقال إن مثل هذه الظروف تزيد الوضع الغذائي العالمي هشاشة. ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يوجد في شبه القارة الهندية ما يقارب نصف الجياع في العالم، ويوجد في أفريقيا وبقية دول آسيا ما يقارب 40٪. ويوجد في أميركا اللاتينية وأجزاء أخرى من العالم النسبة المتبقية منهم. وحسب تقديرات البنك الدولي يموت ما يقارب 15 مليون طفل من الجوع كل عام، حيث يعيش أكثر من 500 مليون شخص في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية في فقر مدقع، وخلال تسعينيات القرن الماضي مات أكثر من 100 مليون طفل من المجاعة والمرض. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ثلث سكان العالم يحصلون على تغذية جيدة، بينما الثلث الثاني يعاني من نقص في التغذية والثلث الثالث من المجاعة، ففي كل 6.3 ثانية يموت شخص من الجوع، ومن المتوقع أن يموت أكثر من 4 ملايين من المجاعة هذا العام، فمن بين 11 شخصاً هناك شخص يعاني من سوء التغذية بما فيها 160 مليون طفل أقل من عمر 5 سنوات، ويعيش ما يقارب واحد من كل أربعة أشخاص على أقل من دولار واحد في اليوم، ويشكلون 3،1 مليار نسمة أي أغلبية البشرية، ويكافح نحو 3 مليارات شخص في العالم من أجل البقاء على دولارين في اليوم. ونتيجة للأزمة المالية، فقد الملايين من العمال وظائفهم وانزلقوا إلى البطالة والفقر، بينما تمكن الأثرياء من زيادة ثرواتهم. ولهذا دعا تقرير «صوت المستضعفين»الذي أطلقه الأمين العام بان كي مون، إلى ضرورة الاستثمار في الفقراء لاسترداد المكاسب الإنمائية التي اضمحلت بسبب المالية، حيث إن معيشة مئات الملايين من الأفراد عبر العالم وبالأخص الأكثر فقراً أصبحت مهددة. وبالرغم من الحوافز المالية المطروحة في العديد من الدول، إلا أنها لم تستطع تلبية الاحتياجات الفورية للفقراء، فقد أسهم ارتفاع معدلات البطالة وأسعار الغذاء والبضائع إلى زيادة الفقر والجوع والتوتر الاجتماعي وذلك بسبب الجشع والمتاهة المربكة والمبذرة للمنتجين والسماسرة والتجار الذين يتحكمون في أسعار الحبوب والمواد الغذائية، وكذلك قادة العالم السياسيين الذين سمحوا للمؤسسات المتعددة الجنسيات بالدخول إلى العالم الثالث واستنزاف موارده الطبيعية من دون أن يعوضوه بشيء عنها. لقد صنعت المجاعات التي تشل أنشطة أمم بأكملها بنفس التجرد الذي خلفته القنبلة الذرية، ومن الصعب أن تتخلص البشرية من الشعور بالذنب طالما أن الناس لايتساوون في الاستمتاع بالطيبات، ومع الإحساس بالذنب يأتي الخوف من الكراهية التي تملأ أذهان وقلوب الجياع في العالم، في الوقت الذي يدركون فيه أنماط حياة الشعوب الغنية ويقاربون بين المساكن الباذخة وأكواخهم الطينية. إن هذه المعطيات تدق ناقوس الخطر حول التزامات دول العالم تجاه احراز تقدم ملموس في تقليص أعداد الفقراء ومكافحة الفقر، وبالأخص الدول العربية في ما يتعلق بتنمية مجتمعاتها التي تحتل مراكز متأخرة في تقارير التنمية البشرية، حيث تجاوزت نسبة الفقر في الدول العربية 56 بالمئة بعد انهيار الطبقة الوسطى العربية وازدياد الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ذلك أن الفقر يتسبب في اعاقة المشروعات التنموية الهادفة وتفشي الجريمة والانحراف. |
|