|
شؤون سياسية والمعارك البطولية والتي خاضها لحماية تراب الوطن، وخاصة ضد إسرائيل، عبر المعارك الحدودية معها، وعبر التصدي لحروبها العدوانية منذ قيام كيانها وحتى الآن ضد سورية والعرب بشكل عام. إن هذه الذكرى عزيزة على قلب كل سوري، وكل عربي، حيث ترتبط بها معان خالدة وقيم أصيلة أكسبتها هذه الأهمية الاستثنائية. إن الإعلان عن تأسيس الجيش العربي السوري بشكل رسمي تم في الأول من شهر آب لعام 1945، وقد أصبح هذا اليوم عيداً من الأعياد الوطنية الرسمية، وهكذا فمناسبة حلول الذكرى السادسة والستين لتأسيس قواتنا المسلحة الباسلة لابد لنا من وقفة قصيرة نستعرض من خلالها ظروف نشأة هذا الجيش وتطوره والدور الوطني والقومي الذي اضطلع به منذ هذه النشأة وحتى الآن. إن النواة الأولى لجيشنا كانت مجموعة من التشكيلات المسلحة التي خاضت أعمالاً قتالية ضد المستعمر الفرنسي، منها معركة ميسلون والتي استشهد فيها البطل يوسف العظمة مع أربعمئة من زملائه على أبواب دمشق مجسدين أعلى درجات البطولة والفداء، عندما رفضوا إنذار الاستسلام وأبوا أن يدخل الفرنسيون دمشق إلا على أجسادهم الطاهرة. وبعد دخول الفرنسيين دمشق أقدمت سلطات الاحتلال الفرنسي على حل التشكيلات العسكرية الوطنية، واستحدثت تشكيلات بديلة أسندت قيادتها للضباط الفرنسيين، الأمر الذي خلق تذمراً بين صفوف هذه التشكيلات، وأدى إلى التحاق الكثير من عناصرها بالتشكيلات العسكرية الوطنية التي وسعت نضالها ضد الفرنسيين، ما اضطر الفرنسيين إلى وضع هذه التشكيلات تحت تصرف السلطات السورية عام 1945 إذاً على هذا الشكل نرى أن البدايات الأولى لتشكل هذا الجيش كانت بدايات نضال وكفاح ضد العدو الأجنبي. وبعد الاستقلال تأثر جيشنا بالظروف السياسية التي كانت سائدة آنذاك، شأنه في ذلك شأن الجيوش الأخرى، إلا أن دوره ظل وطنياً مشرفاً، حيث وقفت طلائعه ضد مشاريع الأحلاف الاستعمارية مثل حلف بغداد وغيره، وكان له الدور المشرف في تحقيق وحدة عام 1958 بين سورية ومصر، والتي كانت أول تجربة وحدوية في تاريخ العرب الحديث، حيث ضغط على السلطات الحاكمة والتي ترددت في إنجاز تلك الوحدة وأجبرها على القبول بها. وكان جيشنا قد دافع عن عروبة فلسطين، رغم أنه كان يافعاً، واحتل شمال فلسطين، وظل يخوض المعارك ضد إسرائيل مقدماً آلاف الشهداء في سبيل عزة الوطن وكرامته، وبعد ذلك كان لجيشنا الدور الأساسي في تفجير ثورة الثامن من آذار عام 1963 وفي حمايتها من أعدائها في الداخل والخارج. لقد أولت ثورة آذار مسألة إعادة بناء الجيش وتعزيز قدرته القتالية أهمية بالغة و لاسيما بعد الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد في 16 تشرين الثاني عام 1970، حيث تطور جيشنا في ظلها تطوراً نوعياً عبر تسليحه بأحدث أنواع الأسلحة والتركيز على بناء المقاتل الواعي المؤمن بعدالة قضايانا الوطنية، والقومية والمستعد للتضحية في سبيلها وكذلك الاهتمام بتدريبه، الأمر الذي مكن هذا الجيش من خوض حرب تشرين المجيدة عام /1973/ التي أعادت للعرب عزتهم وكرامتهم وحطمت أسطورة تفوق الجيش الإسرائيلي «الذي لا يقهر». وإلى جانب ذلك قدم جيشنا مساعدة أخوية كبيرة للبنان الشقيق عندما ساعده على تجاوز مؤامرة تقسيمه إلى دويلات طائفية، وأعاد الهدوء والاستقرار إلى ربوع لبنان، وساعده على التصدي للعدوان عليه عام 1982. كذلك قدم جيشنا ولايزال المساعدات للعديد من الدول العربية في مجالات التدريب والتسليح وقد نالت المقاومة الفلسطينية قسطاً وافراً من الدعم العسكري والمعنوي والمادي. وفي ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد واصل جيشنا تطوره من مختلف الجوانب بعد أن قدم له سيادته كل صنوف الدعم وكان باستمرار يعبر عن اعتزازه بالانتماء لهذا الجيش، ويشارك في نشاطاته ومشاريعه وبياناته التدريبية . وقد أصبح لدى جيشنا في ظل هذا الاهتمام قاعدة تدريبية وفنية متميزة هذا إلى جانب تحسين رواتب وتعويضات واختصاصات المقاتلين نظراً للجهود الكبيرة التي يبذلونها على الدوام. وما من شك في أن هذا الاهتمام جعل جيشنا من الجيوش المتطورة على مستوى المنطقة وذلك من حيث القدرة القتالية العالية التي يمتلكها والخبرات التي اكتسبها والدور الوطني والقومي الذي اضطلع ويضطلع به. هذا وتحل الذكرى السادسة والستون لتأسيس جيشنا الباسل هذا العام في ظروف يشتد فيه التآمر على قطرنا بسبب مواقفه الوطنية والقومية الثابتة وعدم خضوعه للإملاءات الأميركية والصهيونية ودعمه للمقاومة العربية في كل مكان ومواجهته للمشروع الرامي إلى فرض الهيمنة على المنطقة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وتجلى هذا التآمر في محاولات ضرب الوحدة الوطنية عبر تشجيع ودعم عصابات مسلحة للقيام بأعمال القتل والتخريب وترويع المواطنين تحت شعار المطالبة بالحرية والاصلاح والديمقراطية. وقد استهدفت هذه العصابات المدعومة من الخارج قواتنا المسلحة عبر قيامها بالاعتداءات على عناصرها ومنشآتها ومحاولات شقها من الداخل، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل ، حيث أظهر جيشنا تماسكاً فريداً من نوعه ومارس دوره بكل وعي ومسؤولية عالية، عندما استطاع أن يعيد الهدوء والاطمئنان إلى المواطنين الذين روعتهم تلك العصابات في أكثر من محافظة وأجبرتهم أحياناً على مغادرة منازلهم بالقوة. وقد قدر المواطنون تقديراً عالياً هذا الدور المتميز الذي قامت به قواتنا المسلحة والتضحيات التي قدمها مقاتلوها من أجل راحة وكرامة المواطن والدفاع عن مكاسب الثورة والجماهير وتجلى هذا التقدير في أكثر من مظهر. على أي حال ، هذا الدور الوطني المشرف ليس بجديد على قواتنا المسلحة التي التزمت بقضايا الجماهير ودافعت عنها وكانت أقوى من كل محاولات ضرب تماسكها والنيل من وحدتها الراسخة. إن جماهير شعبنا أكدت وتؤكد عبر مواقفها الملموسة تقديرها لقواتنا المسلحة ولدورها في حماية أمن الوطن والمواطن، وهي اليوم تؤكد من جديد دعمها لهذه القوات التي كانت وستبقى عماد هذا الوطن وقلعته الراسخة، والتفافها حول قيادة السيد الرئيس بشار الأسد الذي يقود سفينة الوطن إلى شاطئ الأمان بكل قوة واقتدار، تحية من القلب لقواتنا المسلحة في عيدها الكبير. |
|