|
طب «الطبيعة تداوي نفسها» ومعنى ذلك أن للجسم قوة حيوية طبيعية يقاوم بها مايعتريه من الأمراض، وما على المرء إلا أن يعاون هذه القوة الطبيعية في جسمه على أداء مهمتها، بالتعرض للشمس والهواء الطلق والنظافة واتباع الحمية في الأكل وما إلى ذلك. ومن قبل ذلك، كان أبقراط أبو الطب يقرر هذه الحقيقة ويقول: «ويل للجسد الذي لايدافع أمراضه إلا بالأدوية والعلاجات»، أما الغربيون فلم ينتبهوا إلى هذا الأمر إلا في أوائل القرن الماضي، فظهر في ألمانيا وغيرها كثير من الأطباء الذين تخصصوا في الطب الطبيعي، القائم على مساعدة القوة الحيوية الطبيعية في الجسم، والاستغناء بذلك عن الأدوية والعقاقير الكيميائية في علاج الأمراض والاكتفاء عند الضرورة باستعمال الأعشاب الطبيعية الطبية. وفي جامعة برلين معهد خاص يدّرس فيه العلاج بالوسائل الطبيعية،ويتخرج فيه كل عام متخصصون في هذا العلاج، يمارسونه في عياداتهم الخاصة، وفي كثير من المصحات العامة التي يقوم العلاج فيها على تنظيم التغذية والتدليك والرياضة البدنية والحمامات الباردة والساخنة والمعدنية، وتعريض الجسم لأشعة الشمس، وللأشعة البنفسجية أو الأشعة تحت الحمراء، والأمواج القصيرة، والتيارات المتقطعة، وغيرها. ويؤكد المختصون أن كثيراً من أنواع الحيوان والطير والهوام تلجأ بغريزتها إلى وسائل طبيعية مختلفة لعلاج أمراضها، وقد سجل رحالة مشهور في مشاهداته خلال رحلة له في إفريقيا الاستوائية أنه شاهد قرداً من فصيلة الغوريللا يعالج جرحاً في ذراعه بمسحوق يضعه فوقه بعد أن حصل عليه من ورق الشجر، وقد استطاع القرد وقف النزيف الدموي من جرحه. وهناك ملاحظات كثيرة أخرى من هذا القبيل، من بينها أن أنواع الماعز التي ترعى في جبال سويسرا، وأمثالها من الحيوانات التي تعيش طليقة هناك، تعالج ماتصاب به من الإسهال بتناول أعشاب معينة تنبت في تلك المناطق، فإذا لم تجد شيئاً من هذه الأعشاب المحتوية على مواد قابضة للأمعاء، صامت عن الأكل أياماً، إلى أن تشفى من الإسهال!. وفي المستشفيات الحديثة يستعمل الماء البارد علاجاً لتخفيف حدة الحمى وارتفاع درجة الحرارة، وقد أخذ هذا العلاج الطبيعي عن الحيوانات المتوحشة التي تعيش في الغابات، بعد أن لوحظ أنها حين تشعر بارتفاع درجة الحرارة تسارع إلى البحيرات الموجودة في أعالي الجبال حيث تستحم بالماء البارد!. إن الطبيعة هي الطبيب الأول، ومهمة الطبيب البشري الماهر هي أن يساعدها ويمهد الطريق أمامها لكي تؤدي مهمتها على مايرام.. |
|