|
شباب بنفسه وبمكانها. أيضاًً عليه أن يفهم ويدرك بأن لكل شيء قيمة وما عليه إلا بذل الجهد من أجل الحصول عليها ناهيك عن قيامه ببعض الأعمال حتى ولو كانت بسيطة تعود عليه بمردود مادي يغطي جزءاً من نفقاته وهو ما يجعله يعتقد أنه إنسان منتج ومؤثر يعطي ولا يتكل له قيمته في المجتمع.
الشابة أليس أبو عيسى فتاة مدلله.. وحيدة أبيها وأمها على عدد من الذكور، لم تعرف من المسؤولية سوى اسمها رغم أنها تعتبر دراستها الجامعية إحدى المسؤوليات غير أنها تحصيل حاصل للدراسة، تزوجت وهي في السنة الثانية من دراستها الجامعية من شاب عرف كل شيء عنها ورضي بذلك حتى أن الطعام كان يوفره الأهل لأنها لم تتعلم الطهو, عرفت المسؤولية عند زواجها حيث أصبحت مسؤولة عن منزل وزوج وزادت مسؤوليتها عند ولادتها طفلتها الأولى، هنا تتساءل ما عساها تفعل , أتترك دراستها وتتفرغ لبنتها أم ماذا؟ فجأة من إنسانة كان الطعام يأتي لسريرها إلى زوجة مسؤولة عن زوج وبيت وطفلة ودراسة ناقشت أمرها مع المحيطين بها فكان الجواب عليك بمتابعة دراستك الجامعية لتتحملي المسؤولة مع زوجك في بناء حياتكما المشتركة وتأمين لقمة العيش الكريمة والتوفيق بين كل ما ذكر سابقاً بمساعدة الزوج والأهل وها هي الآن تتوعد طفلتها بتحميلها جزءاً من مسؤولية البيت لكي لا تعاني ما عانته هي. التربية هي الأساس وبدورها الشابة وفاء النعيمي س 3 أدب فرنسي تعتبر الدراسة أهم مسؤولياتها، فالمتفوق في دراسته هو ناجح في تحمل هذه المسؤولية والفاشل هو اللامبالي وغير القادر على تحملها وتعتبر أن المسؤولية تتجلى في عدة أمور أهمها مساعدة الأهل في الشؤون العائلية ومراعاة الوضع المالي للعائلة وإلى ما هنالك من أمور تصب في هذا المنحى وغير ذلك الأنانية واللامبالاة والفشل حتى في الحياة. ويرى الشاب أحمد الصلح 18 سنة بأن هذا الأمر تحدده طريقة تربية الأهل منذ الطفولة خاصة عند تقديم كل شيء جاهز دون أي عناء ظناً منهم أنه غير قادر على فعل أي شيء دون العمل على اختباره ولو لمرة واحدة أو لأنهم يعتبرونه مازال طفلاً ويتساءل هل جرب الأهل كيف سيعامل هذا الطفل حيواناً أليفاً مثلاً لو حملوه مسؤولية الاهتمام به عند ذلك سيجدونه أهلاً لذلك وسيكون مسؤولاً في شبابه عن أمور كثيرة. ويضيف على ذلك الشاب نورس 17 سنة بأن المسؤولية تأتي من طريقة تعامل الأهل مع الشاب فلو كان متواكلاً فلننظر للأهل سنجدهم يقومون بكل مسؤولياته وحتى حاجاته الخاصة ولا يكلفونه بأي التزامات مهما صغرت فلذلك سيعتاد على ذلك وتتكون شخصيته الهزيلة من كل ذلك. الاستاذ محمد مدرس صف سابع يؤكد على أن أسلوب تربية الأهل وطريقة التعامل مع أبنائهم منذ الصغر هي التي ترسم خطوط شخصياتهم المستقبلية فإن كانت عديمة المسؤولية متواكلة على من حولها في كل شيء وفاشلة كان السبب هم الأهل ويصعب تعديل سلوك هؤلاء الأشخاص مع مرور الزمن وما على الأهل سوى تحميلهم المسؤولية وجعل هذا الأمر عظيماً وذا قيمة كبيرة في حياتهم. دور الأهل الآنسة خيرية الزبيدي مديرة مركز البيادر للتنمية والإبداع تشير إلى دور الأهل بالدرجة الأولى من خلال عدة أمور أولها كيفية معاملتهم لأبنائهم فالدلال وعدم الصبر على الطفل وتدريبه على تحمل مسؤوليات تتناسب وعمره، إلى عدم فهم مراحل نموهم ومشاركتهم في مراحل متقدمة ببعض المسؤوليات بدءاً من شؤون المنزل والشؤون الخاصة وتحفيزهم مع اعطائهم الثقة بما قدموه من عمل له أهمية خاصة مهما صغر، إضافة إلى الابتعاد عن النقد قدر الامكان. التعليم التقليدي دافعللتواكل بينما تصف الشابة منال الصباغ أن التعليم التقليدي الذي يأخذ فيه الشاب كل شيء جاهزاً دون أي عناء لابل تنمي بداخله روح الانصياع وتبعده عن التفاعل الذي ينشىء شخصية قوية هذا التعليم الذي يقدم للطفل مواد دون الاحساس بالالتزام من ناحية ومن ناحية أخرى تركز على التقديم الذي يتطلب التلقي دون المطالبة بالاحساس بالمسؤولية وردة الفعل والتفاعل ولا ننسى حالة الاحباط التي يعيشها شبابنا فمن فقد فرصة التعليم والعمل والتي تعتبر دافعاً قوياً وسبباً رئيسياً للتواكل واللامبالاة من قبلهم حيث يعتبرون الأهل المصدر الوحيد للرزق. أهمية الحب والمشاعر السيدة نهلة مصطفى أم يوسف تعتبر الحب ومشاعر التعاطف التي يمنحها الأهل لأبنائهم هي البذرة التي تشكل شخصية الأبناء ولكن للأسف كما تقول السيدة أم يوسف نرى في هذه الأيام كلاً من الأب والأم يتسابقون في تقديم المال لأبنائهم ظناً منهم أن ذلك يقربهم أكثر متناسين أن ذلك سيعمل على شعور الابن بأنهم ليسوا سوى جهة توفر المال الذي يلبي حاجاته الشخصية عوضاً عن تربيته ومراعاة شعوره وإحساسه بمشاعر الحب والمودة التي يكون لها تأثير في شخصيته أكثر من المال خاصة إذا كان محروماً منها أو أنهم بعيدون عنه لظرف مالذلك ينشأ هذا الشاب أنانياً لا يفكر سوى بالحصول على المال ولا يكن لهم مشاعر الامتنان بل على العكس تماماً. دور الإعلام الاختصاصية النفسية سناء ربيع تقول: لابد من بناء جيل مستقل يعتمد عليه الوطن في مسيرته وبقائه بأسس سليمة وقوية أساسها الأسرة القوية التي تعود ذلك الشاب على تحمل مسؤولياته تجاهها وتجاه نفسه ووطنه، فبعض هذه الأسر ترى في توفير كل ما يحتاجه الطفل ومساعدته في قضاء كل أموره لأقصى حد من مسؤولية الأسرة فنراه يعتاد ذلك ولا يحمل أي مسؤولية لا في نظافته ولا تجاه إخوته ووالديه ولا حتى أقرانه وتتسع الدائرة إلى مدرسته حيث لا يجد حرجاً في تخريب أثاثها وصولاً إلى الباحة ناهيك عن العنف تجاه زملائه لتتسع الدائرة أكثر في علاقته مع الكادر الإداري والتدريسي. وتضيف السيدة سناء أن للإعلام دوراً في هذا الشأن حيث يجب التركيز في برامجه الموجهة للأطفال على تصوير الحالات الإيجابية لأن الطفل يمتاز بظاهرة التقليد لما يراه لذا فعلى الدراما والبرامج التلفزيونية والإعلام بشكل عام دور محوري في ذلك وبالتركيز على أمور تؤدي لمضاعفة الإحساس بالمسؤولية، لذا يتوجب العمل بدءاً من المدرسة بيوم عمل طوعي لغرس شجرة في حديقة أو عمل يوم في أحد المعامل وتوسيع المناهج الدراسية بمفاهيم تؤدي لبناء مجتمع سوي وقوي وصولاً إلى المعسكرات الإنتاجية وعدم حصرها في اختصاصات معينة والتي هي ترجمة للمسؤولية ولذلك ترى الاختصاصية سناء أن الشباب السوري يحتاج كثيراً لتوضيح مفهوم حس المسؤولية خصوصاً هؤلاء الذين يعتمدون كلياً على الأهل في مصروفهم الشخصي وتنمية اعتمادهم على الذات وتحمل المسؤولية من خلال الانخراط في أعمال مجتمعية والتفاعل معها ومشاركتهم لقضاياهم الشبابية من قبل كبار السن واحتضانهم والتفاعل معهم ومع كل أفراد المجتمع صغاراً وكباراً والابتعاد عما يسبب الإحباط وإطلاق بعض الألفاظ والمصطلحات التي تؤثر على نفسياتهم وبالتالي سلوكهم والابتعاد عن أمور سطحية تشغلهم نتيجة التطور التكنولوجي الذي يبعد الكثير منهم عن الواقعية والمسؤولية وتأمين مصدر رزق أساسي يجعلهم يحسون بذاتهم وقيمتهم. العلاج بيد الأهل الأستاذة نبال قدورة دراسات عليا خدمة اجتماعية تقول: إن ظاهرة التواكل والتهرب من المسؤولية ناتجة عن عوامل عديدة على رأسها التنشئة الأسرية والاجتماعية حيث نجد الوالدين يلعبان أحياناً لعبة اختلاف الأدوار بمعنى أنهم في بعض الأحيان يمنعان الأولاد من التدخل بأمور اجتماعية بحجة أنهم أطفال ولا يحق لهم اتخاذ قرار أو التكلم بمواضيع اجتماعية أو أسرية معينة فنراهم أي الأبناء يلجؤون للانطوائية والانعزال والتي هي نتيجة تحول مشاعر الاندماج والتفاعل إلى مشاعر اتكالية ناتجة عن خوف من التفاعل والانخراط في هذا المجتمع والهروب من المسؤولية وعدم مواجهة هذا الواقع وأحياناً ليتغير الدور يعطونه مرونة وتحمل مسؤولية قد تكون أكبر من سنه بحجة أنه «رجل المستقبل » فتنعكس سلباً على حالته في حال الفشل فيها أو لعدم قدرته على مواجهتها فيما لو لم يكن متدرباً على ذلك من هنا تضيف الآنسة نبال قائلة إن العلاج بيد الأهل إذ لابد من العمل على تنشئة الابن منذ الصغر على الاعتماد على الذات في أدوار مرغوبة له وتتناسب مع نمط شخصيته وخصائص مرحلته العمرية وعلى تحمل مسؤولية أعمال خارج إطار المنزل كالأعمال التطوعية مع منظمات ومؤسسات حكومية وغير حكومية والتشاركية في أدوار تسند إليه ويرغب بها تعمل على انخراطه بمجتمعه والعمل على تفاعله معه ومتابعة هذه المهام بمراحلها المختلفة والبعد كل البعد عن عامل الإحباط ومعاقبته حين الفشل وهو ما يؤثر في نفسيته وسلوكه سلباً أم إيجاباً والتي تعمل على تحمله للمسؤولية فيما بعد. أخيراً وإذ نعي تماماً بأن الدور المهم لهذه الشريحة والتي تشكل 60% من المجتمع السوري ودورها الفاعل في عملية صنع القرار والقيام بالمبادرات والأفكار الخلاقة فإنهم أي الشباب السوري يعون احتياجاتهم ومطالبهم ومسؤولياتهم الكبيرة تجاه تقدم واستقرار بلدهم والعمل لدى الكثير منهم إن لم نقل كلهم في تأمين هذا الاستقرار وتهيئة الظروف المناسبة لتطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع، فشبابنا قادر على المشاركة والعمل على أخذ الفكرة مهما صغرت لتكون نواة خطوة إيجابية نحو سورية الأفضل والأقوى وبمسؤولية كبيرة وكبيرة جداً. |
|