|
شباب إلى حب سافر به الردى إلى عوالم نورانية فزادها نوراً بعد نورها. إلى نفس احترقت بخوراً فصيرت الديجور نوراً. إليك طوق العطاء المحترق إليك أماه....
أشتاق كيف تركت براعم الياسمين وحيدة تجابه أعاصير الأرض والسماء، وتستطلع الأمل من خلف سجون ضيقة، فتبقى حالي حال البراعم إذا ما عصفت بي رياح الردى وأشربتني كؤوساً مترعة بالسم، صرت أشلاء هامدة في جوف الثرى حيث لا يستفيق صمت ولا ينبض قلب. آه أماه، ذكراك قد ساورت قلبي تطوف حوله كما تطوف الديمة فوق سماء الصحراء فلا ترويها ولا تسقيها بل تزيدها عطشاً، ويبقى الجدب سيد الصحراء، والأسى ملك الفؤاد، فليت القلب أصم وليت المقل عمياء. ألا يا عصفورة الشجن قد صرت مثل عينيك بلا وطن، تحت جناحيك تهجع قصتي، فصفقي لتنشري ألمي، ولننشد الموت سوية لعله يأتينا مع السحب. فبئس الوجود بعدك أماه من حياة سئمتها ونسيان انتظرته وأيام محترقة وأمل مسافر. فكيف للورد أن يحيا فوق الأشواك، لعمري إنه لأجل مناضل، فما حمرته إلا دم وما طيبه سوى احتراق المشاعر. هيهات، قد رضيت بنفسي وردة أنزف وأحترق فما أنا بفاعل؟ أفما الموت أقدر للورد؟ فلتأتني، فلتوصلني أيها الردى إلى طوق العطاء المحترق، فلتوصلني إلى قلب أمي، أحيا وإياها في وحشة المقابر. أقولها بثغر يعانق شوق الهرب وروح قد أعياها التعب: سريعاً أيها الموت تعال فمالي غيرك من منقذ. |
|