|
ثقافة بالمناخ العام الذي أراده منطلقاً لكسر الصياغة النحتية التقليدية المتواجدة بكثرة في الأعمال الصالونية والاستهلاكية. بحث أسلوبي وهذا يعني أنه ينطلق من مبدأ البحث عن عمل نحتي حديث وخاص بعيداً عن الارتجال مستعيداً بوضوح علاقة العمل بالثقافة التشكيلية الحديثة والمعاصرة. حيث يبقى في حيز البحث الأسلوبي في خطوات صياغة الأشكال وتقطيعها وإعادة تركيبها بطريقة فنية جديدة، تحقق المزيد من العقلانية في مراحل الانتقال من منحوتة إلى أخرى. إن قراءة تشكيلية لأعمال غزوان سوف ترسم أمامنا وقبل كل شيء إصراره الدائم على تقديم لغة تشكيلية فراغية بحتة في المنحوتة، حيث يقدم حلولاً إيقاعية انطلاقاً من إحساس داخلي وهاجس يبحث عن عمق الرؤية البصرية البادية في ابتداع أعمال نحتية غير مألوفة لدى العين التواقة دائماً إلى التجديد. فالعمل النحتي الذي يقدمه في مستوياته المختلفة، يخضع لذلك الأداء المتحرر، الذي يحرك الأشكال والإشارات الحضارية، من دون التزام مرجعية واقعية استهلاكية رغم أنه يعمل على إخراج سطح الكتلة بكل صفائه ولمعته وبريقه. أشكال ورؤى معاصرة هكذا يحقق رغبة بارزة في إطلاق الشكل الفراغي نحو الأداء الأسلوبي العقلاني في أكثر الأحيان، حيث يبتعد عن الأداء الارتجالي والانفعالي، ويعمل لتكريس لغة تشكيلية نحتية بحتة، تهدف إلى إثبات الحضور الفني في خطوات التقطيع أو الاتجاه نحو إنجاز كتل فراغية منفصلة في العمل الواحد، علاوة على أنه يعمد في أحيان كثيرة على إظهار الفراغات داخل حيز الكتل المركبة، فبدلاً من وضع كتلة واحدة فإنه في بعض أعماله يعمل على لغة المكعبات الفراغية، التي توحي بحضور حركة الوجه الإنساني المبسط والمختصر. وفي تعامله مع الكتلة الخشبية المنحوتة يذهب لإظهار الخطوط شبه المتوازنة في خطوات تقطيع المنحوتة التي تتضمن في الغالب وجهاً إنسانياً، مع حضور بعض العناصر الأخرى كالطيور والأطراف، وهو يستفيد أحياناً من جمالية العقد والحركات اللونية المتموجة والمتواجدة في جذوع الأشجار والمتشكلة بعوامل الطبيعة. ويبدو الجذع في منتهى الطواعية، ويذهب به أحياناً إلى أقصى حدود الاختزال، مبتعداً به عن الأشياء الجاهزة والايحاءات المباشرة، رغم أنه في منحوتات أخرى لا يمتنع عن الانجراف في التجسيد الأكثر اقتراباً من الواقع أو من الصورة المرئية في الحيز العيني. قيم حضارية وانسانية ومنذ بداية انطلاقته الفنية ركز غزوان على مسألة إخراج العمل النحتي الفراغي بطريقة مختلفة، على الأقل في اتجاهه نحو استخدام رقاقات برونزية في صياغة عناصر الوجوه والأقنعة، التي اتبعت أشكال المستطيلات والمثلثات والدوائر، وبدت في بعض جوانبها وكأنها منفذة بتقنية الطرق على رقاقات المعدن، كما عمل في تلك المرحلة على إخراج أشكاله النحتية البرونزية باعتماد مجسمات خشبية هندسية مفرغة، وبذلك أصبحت الوجوه والأجساد أو مقاطع منها داخلة في صلب التشكيل الخشبي الذي يؤطر العمل النحتي في صياغة فنية حديثة ومعاصرة. ويمكننا الإحساس بالمظهر التعبيري المأساوي المتصاعد من وتيرة الأداء التقني المتواصل والمتمثل في تقطيع الوجوه بطريقة درامية، الشيء الذي يؤكد ارتباط أعماله بعالم اليوم اللاإنساني، فهو إذ يعمل على تقطيع المنحوتة التي تجسد وجهاً، فإنه يريد التعبير عن مشاعر الوحدة والغربة والضياع والقلق، والوصول بالتالي إلى جوهر التعبير عن الأحاسيس الإنسانية الرافضة لأوجاع الحروب المتواصلة في حياتنا المعاصرة، دون فقدان الأجواء والرموز الحاضنة لأجواء الفرح والأمل والتفاؤل. غزوان علاف من مواليد دمشق عام 1973، درس الفن في محترفات معهد الفنون التطبيقية - قسم النحت، وأقام وشارك في مجموعة من المعارض الرسمية والخاصة التي أقيمت في سورية والخارج. وصدر له كتاب أنيق وفاخر من القطع الكبير ( مربع الشكل) حمل عنوان (وجوه مضاءة بالحلم) احتوى مجموعة من صور أعماله، مع إشارات لمواصفات الطول والعرض والخامة المستخدمة في كل عمل، ولمحة تعريفية عن حياته ونشاطاته ومعارضه، ونصاً نقدياً تحليلياً كتبه الفنان والناقد التشكيلي عصام درويش، الى جانب كلمة كتبتها رزان العز الدين، واخرى لحارثة يوسف. adibmakhzoum@hotmail com |
|