|
على الملأ فضائل هذا الشهر الكريم لا تعد ولا تحصى، وجعل رب العباد هذا الشهر خاصا به بقبول الصيام والحساب ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ). لكل هذا ولغيره هل تبادر الفعاليات الاقتصادية من صناعيين وتجار إلى تخفيض أسعار المواد الاستهلاكية الغذائية وغيرها؟ قد يكون الطرح مستغربا في ظل هذه الظروف التي تسببت بالضرر للجميع، ولأجل هذا أطلب من الفعاليات المبادرة إلى تخفيض أسعار سلعهم، لأن الغلاء استفحل وأصبح خارج قدرة الكثير من المواطنين وخاصة أصحاب الدخل المحدود، فلا يوجد سلعة إلا زادت أسعارها وبشكل غير مسبوق، ومؤشر الأسعار إذا كان صحيحا فإنه سيسجل أرقاما قياسية يصلها للمرة الأولى في تاريخ سورية.. الحديث عن ارتفاع الأسعار له أسباب داخلية وخارجية، وبغض النظر عن هذه الأسباب ومن يتحمل مسؤوليتها، فإن الجميع مدعو اليوم للبحث عن وسائل تخفض هذه الأسعار، مهما كانت النتائج المادية المترتبة على هذا التخفيض، فالنتائج المتوقعة من الغلاء أشد قسوة من النتائج المادية المتوقعة من خسائر للتجار أو الحكومة.. الكثير من الأحاديث اليوم تدور حول هذا الأمر، وبالتأكيد الجميع يعرف ومطّلع على الواقع، فالأحاديث ليست سرية بل يتداولها الموظف في مكان عمله والعائلات في اجتماعاتها، وعدم التدخل رغم معرفة الواقع يعني الموافقة على ارتفاع الأسعار، بل وقد يعني التدخل لبقائها كذلك!.. المبادرة الايجابية بتخفيض الأسعار ننتظرها من الفعاليات في هذا الشهر على الأقل ضمن دعوة رحمة العباد ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، وبما أن الفئات الأكثر ضررا هي أصحاب الدخل المحدود في القطاعين العام والخاص وغيرهم من الفقراء الأقل دخلا، فمن واجب هذه الفعاليات البدء بتوزيع منتجاتها على هذه الشريحة خاصة بأسعار مخفضة، أو زيادة الكمية مع المحافظة على السعر المحدد، وإذا تحقق شرط تمليك الفقراء لهذه المنتجات بسعر مخفض فيمكن اعتبار التخفيض من زكاة الأموال، وليس أفضل من شهر رمضان لإخراج الزكاة، وقد يكون أكثرها فضلا رمضان هذا العام، بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.. أما من ناحية الحكومة فهي تملك بالتاكيد حلولا متعددة للظروف الاستثنائية، والظرف الحالي هو اكثرها استثنائية ولابد من طرح مبادرات مباشرة أكثر عمقا من التدخل الايجابي عبر مؤسسات الخزن والاستهلاكية وغيرها، فلا أعتقد أن حلولا مثل إلغاء الرسوم الجمركية على جميع المواد المستوردة الأساسية للمستهلك خلال هذا الشهر سيجعل الخزينة فارغة، أو إعفاء الفعاليات الاقتصادية من الضرائب والرسوم عن هذا الشهر إذا بادرت هذه الفعاليات إلى تخفيض أسعار السلع، أو اي حل آخر لم يكن مطروحا سابقا حتى لو كان خارج الأطر المعهودة.. ما تمر به سورية استثنائي وهذه الاستثناءات تحتاج حلولا استثنائية، والخسائر المالية والمادية مهما كانت كبيرة ستبقى أقل أهمية من غيرها، بل ويمكن تعويضها لاحقا من أبواب أخرى.. |
|