تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لغة الحوار وأسلوب التهديد

إضاءات
الاثنين 16-10-2017
د.خلف علي المفتاح

على خلفية العداء لإيران والانقلاب على السياسة التي اتبعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وفريقه السياسي حيالها وانتهاج خطاب شعبوي وتعبوي يتباكى على تراجع دور أميركا في العالم

واعداً باستعادته وصل الرئيس دونالد ترامب إلى سدة البيت الأبيض وكان فوزه بالانتخابات مخالفاً لأغلب التوقعات واستطلاعات الرأي العام ولعل اللافت أن الدوائر الإسرائيلية ومراكز القرار في الكيان الصهيوني قد رحبت وتفاءلت بفوزه في الانتخابات لجهة أنه تبنى في حملته الانتخابية أغلب إن لم يكن كل الرغبات الإسرائيلية من نقل السفارة الأميركية للقدس إلى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران ومواجهة حزب الله وتعقب قياداته بمعنى أن ترامب قد تعهد بكل ما ترغب به إسرائيل وتعجز أو تخشى القيام به نظرة لتكلفته الباهظة عليها.‏

إن الإعلان عن استراتيجية أميركية تجاه إيران قد لا يحمل الكثير من الجديد فالعداء الأميركي للثورة الإيرانية كان منذ قيامها ونجاحها في إسقاط نظام الشاه عام ١٩٧٩ وهو الحليف الأقوى لأميركا في المنطقة خاصة وأن الثورة الإسلامية الإيرانية تبنت مبادئ وانتهجت سياسات مناهضة لأميركا وإسرائيل ووقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية وكل من هو في صف المواجهة لأميركا ومشاريعها التي تسعى للهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها وعدم السماح لها ببناء دولة قوية مستقلة القرار ولا شك أن اتباع هذه السياسة واعتمادها نهجاً ثابتاً في علاقاتها الخارجية قد وضع إيران في مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة وعلى رأسهم إسرائيل.‏

إن الإعلان والإفصاح عن تلك الاستراتيجية العدائية يشكل تطوراً خطيراً في سياق الأحداث والظروف التي تعيشها المنطقة والعالم ولاسيما أن المنطقة تواجه موجة عاتية من الإرهاب شكلت مواجهته أولوية لأغلب الدول وتشكل إيران طرفاً فاعلاً وأساسياً في الحرب عليه وحققت مع شركائها وحلفائها نجاحات مهمة ومشهودة في تعقبه وصولاً لهزيمته سواء في سورية أم العراق ما يطرح عشرات الأسئلة وعلامات الاستفهام حول الأهداف الحقيقية لطرح مثل تلك الاستراتيجية وتوقيتها وطريقة الإعلان عنها وما سبقها من حمى إعلامية.‏

لقد قوبل الإعلان الأميركي عن ضرورة إعادة النظر في الاتفاقية المشار إليها ولغة التصعيد التي انتهجتها الإدارة الترامبية تجاه إيران بردود فعل سلبية ومنتقدة لها وغير مرحبة بها بما في ذلك أصوات في الداخل الأميركي مع إعلان من أغلب الدول الأوربية باستمرار الالتزام بالاتفاقية ناهيك عن تحذير كل من روسيا والصين من التداعيات السلبية المترتبة على ذلك على السلم والأمن الدوليين واستقرار العلاقات الدولية ما يعني أن الإدارة الأميركية تبدو معزولة على الصعيد الدولي حتى من أقرب حلفائها الأوربيين الذين أبدوا العديد من الاعتراضات والانتقادات للسياسة التي تتبعها الإدارة الأميركية إلى درجة أن بعض دول الاتحاد الأوروبي بدأت تقترب أكثر من روسيا وإيران والصين وتبدي استياءها من سياسات الرئيس ترامب في العديد من القضايا الدولية.‏

إن حالة الفوضى والارتباك التي تعيشها الإدارة الأميركية في ظل رئاسة ترامب ضعيف الخبرة في الشأن الدولي والتي يبدو أنها لا تقدر حجم النتائج السلبية لانتهاج سياسات عدائية وعدوانية تجاه بعض الدول بحجم كورية الشمالية وغيران تطرح العديد من الأسئلة حول مآل هكذا سياسات وتأثيرها على أمن واستقرار دول العالم وعلى أميركا ذاتها وإلى متى تصبح العقلانية السياسية هي من يحكم السياسة الأميركية التي تريد العودة بالعالم إلى زمن الحرب الباردة واحتمال أن تتحول إلى حروب ساخنة تستعمل فيها الأسلحة غير التقليدية وهي الأشد فتكاً وتدميراً عندها لن يكون ثمة رابح وخاسر لأن الضحايا المادية والبشرية ستتجاوز كل التوقعات ولن تستثني أحداً من شرورها بمن في ذلك مشعلو الحريق ومدعو إطفاء النيران.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية