تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تذكرنــــي ..أنـــــا روزالـــــين

ثقافـــــــة
السبت 6-8-2011
عمار النعمة

فؤاد يازجي .. كاتب سوري قدم خلال السنوات الماضية مجموعة أعمال مهمة حققت حضورا متميزا على الساحة الأدبية كما لاقت صدى جيداً لدى المتابعين . ومن هذه الأعمال نذكر :

(أسنان الرجل الميت – الفولفا الأزرق – فرصة للسراب ) وقد دأب الكاتب في مؤلفاته السابقة هذه على أدب الرحلات ، فوصف لنا آلام الجاليات العربية بفضيلتها ورذيلتها ودموعها وفرحها وحبها وغدرها , في كل من بريطانيا وروسيا وهولندا ...‏

(صلوات الحب السبع ) عنوان رواية جديدة للكاتب فؤاد يازجي .. يعبر من خلالها عن عودته إلى موطنه ليقف على الأطلال ، متذكراً حبيبته الوحيدة... تقع الرواية في 230 صفحة من القطع الصغير .‏

في مستهل الكتاب أول ما يجب الالتفات إليه ، عندما بدأ الكاتب بالقول : عندما يناديك الحنين، إلى أرض مفروشة بالذكريات، إلى تلك الأطلال التي تنادي كل خلية من جوارحك، تبتهل إلى ربك ألا تنسى شعاعاً واحداً من ابتسامة آسرة من شفتي مراهقة، أول فتاة سقطت عليك نظراتها المقدسة، فطارت الدنيا بها وبك، حين الحب في أول وعيه.‏

صباحَ عيد الحب ذاك، زمانَ مراهقةٍ من دموع ونسيان، مضيت إلى الشرفة وقلت سأحب أول فتاة تخطو على الدرب، سأهيم بها حتى الممات، وسأتذكرها بعده ملايين السنين في عوالم أخرى من الحنين , كنت أجمع في قلبي لوحدي كل المحبة التي نثرتها الآلهة على الحي بأكمله, ودمدمت في نفسي كن ملاكاً هذا العيد، خبىء النقود للحب فقط ...‏

وعندما لفح ضباب الصباح شعري، تحيرت لماذا يغشى قلبي كل هذا الهناء، وخطا على الأوراق الصفراء في الشارع الحزين، فتيات وشبان الحي، ولم يكلمني أو يلق علي تحية أحد، وأحببتهم وودعتهم وهم يغيبون، كانت السماء عميقة والوجود كله في حلم , وظللت أنظر إلى الغيم، حتى أيقظتني التفاتة غريبة لفتاة ناعمة مثل لحن على البيانو، هاتفةً دعونا نهدي هذا الياسمين لذلك الفتى، آلا يبدو صافي العينين؟ ! ونظر إليها أحدهم شزراً ، فهتفَتْ :أليس هو عيد الحب؟! وهرعَتْ نحوي عائدةً ، كانت في عينيها طهارة غريبة لبراءة لم تسمع بالشر، فتجرأت وقلت : ما اسمك ؟ فهزها السؤال هزاً ، كأنما بيتت ألا تبوح بكلمة واحدة، وكمن يضع رسالة في زجاجة ويرميها في المحيط ثم يمضي ينتظر السراب، هكذا رجعَتْ، وحيث وطئت قدماها، كانت الأرض تزهر، والأغصان تثمر، والأشجار تمتلىء بالعصافير، وقلبي يطفح بالأناشيد، ودمي كأنه في عيد.‏

أمور القلب لا تزال في القلب، ولون عينيها لا يزال تحت مخدتي, والسماء عميقة عميقة , والوجود كله في حلم , صباح عيد الحب ذاك, أهدتني سيدة الحنين : إكسير الحب , وعندما شربت, وأرقت رددت آواه ... لكم تختلف هذه الليلة عن باقي الليالي.... يا ليتني لم أحبك قط‏

وغابت دون أن ينبت لها جناحان، وانفطر قلبي، وبقي الحلم، وسحر في الذاكرة، وعدت إلى غرفتي، واسترخيت بهدوء، وشعرت بسكينة غريبة، ودمدمت في صمت: طوبى لها إن حبها يخدرني.‏

وبدأ المطر يتساقط فلم أغلق النافذة، تركت الهواء يتدفق حتى صدري، وغفوت وأنا أشعر بخصوبة الأرض، وبملائكة العيد تتسلل من النافذة وتلثم وجهي، كنت نائماً وأحس بكل قطرة تلامس التراب وبرائحة الأرض تتصاعد كنت نائماً وأنا أعلم أن ابتسامة ترتسم على شفتي، ابتسامة ليست من هذا العالم.‏

تتطرق الرواية في صفحاتها إلى علاقة حب يملؤها الدفء والحنان وهذا ما جعلنا نشعر به الكاتب فؤاد من خلال لغته وسرده الجميل للأحداث ليأتي في نهاية الرواية‏

إن روزالين وعلى الرغم من أن الوهن والمرض قد أمتلك كيانها , أرادت أن تخرج مع عشيقها في صحبة الربيع لينتهي المطاف بهم إلى ...!!‏

لابد أن صمتها من صمتي , وسحر الغروب يغرق روحها كما يفعل بكياني , وسرت وسرت وكنت أتمنى أن أقول كلمة ولكنني كنت أؤثر أن يشجعني صوتها , فقد كان النور قد بدأ يتبدد وقلبي قد غطس في الكآبة , وفجأة ألقيت نظرة خاطفة على وجهها , فوجدتها ميتة وشحوب الغسق يقبل وجنتها , وفي تعابيرها سكينة طفل ووجهها يقول:‏

تذكرني ... فإنني أنا روزالين ...‏

وجاء بقلم الكاتب على غلاف الرواية : لقد تغلغل في ضلوعي،أعمق مافي هذا العالم.‏

ولم تعد النفس تختلج لترنيمات أقل قداسةً , وها أنا وقد نساني الآن الربيع، لا أجد سوى ذكريات حبيبتي مسرباً إلى الحلم...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية