تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حلف الناتو وروسيا.. إلى أين!؟

شؤون سياسية
السبت 6-8-2011
قضايا كثيرة بحاجة إلى تفسير وتحليل حول مايحدث من حالة أو قضايا بمجملها تشكل نقاطاً أو لنقل أسساً قد تكون البداية لتناقضات قد تتصاعد، وتشكل حالة من التوتر والقلق

حول مصير العلاقة بين روسيا من جهة والغرب من جهة أخرى ،وتختزل الأمور بعلاقة غير طبيعية بين روسيا والناتو!؟‏

لماذا لم يفلح لقاء آخر بين روسيا والحلف الأطلسي في مدينة سوتشي الروسية في تسجيل أي توافق يذكر حول أي من أهم القضايا العالقة؟ مااللغز وراء إصرار الناتو على مشروع بناء الدفاعات الصاروخية رغم شدة الاعتراضات الروسية؟.‏

اتضح من الجلسة التي عقدها مجلس روسيا -الناتو بمدينة سوتشي مؤخراً أن الطرفين لم يفلحا في تجاوز الخلافات على المسائل المفصلية ولم يتوصلا إلى اتفاقات ترضيهما، ولايزال الإشكال الأساسي على العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي يدور حول خطة الناتو لنشر شبكة الدفاعات الجوية الخاصة به في أوروبا وعدم الموافقة على المشروع الذي تقترحه موسكو لنصب شبكة موضعية لدرع صاروخية تشارك فيها روسيا، كما تصر موسكو على المطالبة‏

بضمانات رسمية خطية من جانب الحلف تشهد بأن المنظومة الصاروخية الأوروبيةلاتستهدف روسيا، ومن ناحيتها ترفض قيادة الناتو تقديم مثل هذه الضمانات مكتفية بالوعود الشفهية، وبهذا الخصوص ثمة من يقول:إن روسيا يمكن أن تنسحب من معاهدة الحد من الأسلحة الأوروبية، وينطوي سيناريو تطور الأحداث بهذه الصورة على جولة جديدة من سباق التسليح «إعادة تفعيل» العلاقات الروسية الأميركية، وإلى ذلك ينتقد الجانب الروسي بشدة عمليات الناتو على ليبيا كونها في اعتقاد موسكو تجاوزت تماماً إطار قرار مجلس الأمن الدولي 1973، مايدعو إلى التشكيك في تقيد الناتو بأصول القانون الدولي، وبالتالي في أمانة الحلف في تعامله مع روسيا.‏

إلا أن روسيا والناتو في الأوضاع الحالية المعقدة ونظراً للتحديات الشاملة التي يواجهها الأمن الدولي يتواصل تعاونهما فيما يخص أفغانستان، وهو تعاون يكتسب أهمية وخصوصية على ضوء بدء انسحاب القوات الأميركية من هذه البلاد، كما تواصلان التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي والقرصنة.‏

الحديث يتشعب حول القضايا الخلافية ومحاولة معالجتها وخصوصاً المناطق التي تشكل توتراً ربما يتصاعد على المدى القريب أو البعيد إلى حالة من التصادم، وهذا يجعلنا نسلط الضوء على قضية مهمة وهي واقع أفغانستان دون قوات أجنبية، وبالطبع هذا يستدعي نقاشات معمقة بين روسيا والناتو من جهة وكيف آلية التفكير بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية وماذا تريد من خلال الانسحاب، وهذا يجعلنا أمام أسئلة كثيرة ومتشعبة منها هل يترك أوباما أفغانستان مع موقع القوة أم بفعل الاضطرار؟ هل ستشدد طالبان ضرباتها للقوات الأميركية المنسحبة؟ والسؤال الآخر هل تنقسم البلاد أي أفغانستان إلى مناطق نفوذ بين الحكومة وطالبان في حال بقاء الوجود الأجنبي هناك بشكل ما؟‏

قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما حول البدء بسحب القوات من أفغانستان وإنهاء المرحلة الساخنة من العمليات القتالية في هذه البلاد يحتمل تأويلين أو معنيين، فمن جهة قد يغدو انسحاب القوات الأميركية وقوات الحلفاء حافزاً جيداً لمفاوضات السلام مع طالبان ويؤسس في بعد للمصالحة الوطنية.‏

ومن جهة أخرى يستبعد أن تتمكن الحكومة الأفغانية الحالية من توفير الأمن في البلاد والحفاظ عليه دون دعم خارجي كبير، ولذلك يعتبر وارداً تماماً احتمال بدء مرحلة جديدة من الحرب الأهلية تتمخض في شكل من أشكالها عن تقسيم أفغانستان إلى مناطق نفوذ للقوات الحكومية من جهة ولطالبان وحلفائهم من جهة ثانية، وقد اعترف الجنرال جون آلين القائد الجديد لقوات الولايات المتحدة والناتو في أفغانستان بأن حركة طالبان ستسعى إلى الاستفادة من انسحاب القوات الأميركية لتستعيد مواقعها التي فقدتها، فيما يبقى الجيش الأفغاني بعد ذلك الحين قوة غير متينة وغير قادرة على التصدي لمقاتلي طالبان.‏

كما يلاحظ المراقبون والمحللون حالة القلق لدى القيادة العسكرية الأميركية والبريطانية في كابول من قرار واشنطن بسحب القوات، وفي تصوراتهم أن الرئيس أوباما ينطلق عشية الانتخابات الرئاسية المرتقبة أول ماينطلق من اعتبارات سياسية وليس عسكرية.‏

مهما يكن من أمر فإن واقع التعاون بين الناتو وروسيا ربما سيأخذ أشكالاً مختلفة حول النقاط الخلافية والتي ذكرنا أفغانستان كنموذج واضح والمعطيات التي تجري في ليبيا ونظرة روسيا إلى ذلك.‏

هذه الحالة قد تشكل تباعد حول النظرة إلى مايجري على نقاط ساخنة في العالم، وبالطبع لايمكن أن تأخذ الحلول شكلها النهائي دون توافق واضح ومبرمج وممنهج بين روسيا والناتو من جهة وبين روسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى، وهذا يجعل الاحتمالات مفتوحة وطرق الحل والبوادر كفيلة بمعرفة ماسيجري إن في أفغانستان أو ليبيا؟!.‏

 هيثم عدرة‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية