تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماضٍ قد مضى

رسم بالكلمات
الأثنين 8-8-2011
صفوان ناصر الخطيب

ماض قد مضى...ولم يعد يستفزك لغط رافق شرعية الجدل, ولازم لزوميته تحت خيمة الحداثة.. وعلى درب التجديد...لم تعد تؤرقك تلك الصراعات وتعاويذ المستشعرين... وطنطنة المستغربين.

لكنك وأنت من كان قد اعتقد بأنه مع التجديد مضموماً وإلى أبعد الحدود. كنت ومازلت المولع بالشكل الموروث ميزة لقصيدتنا فسياجاً -فظاً بعض الشيء- يمنع أولئك المشعوذين من التطفل المؤذي على الإبداع ويحول دون (اللغوصة) اللامسؤولة على مائدة الشعر.‏

ماض قد مضى...وأنت من اعتقد أن الشعر أحياناً لا يقرأ ولا يكتب, لكننا نتلمسه وأحياناً يكون مكتوباً بماء الروح ومعلقاً على الأهداب المسبلة...‏

إن أزمة الشعر والنقد والقراءة التي نعيشها لا بد لها من بطولة وشهداء وأضاحٍ. أعترف أنني أريد الثمرة قبل زرع الشجرة, وأن أكتب قبل أن أعيش- أصارح نفسي قبل أن أصارحك-‏

لطالما راودتني رغبة في تأبين الشعر, وأن أنعي نفسي شاعراً, وربما صدقت حتى الثمالة أن الشعر لم يعد لازماً...لماذا؟ أيضاً لا يوجد لدي جواب قاطع حتى اللحظة, لكنني اعتقدت دون يقين راسخ أن العالم لا يريدنا, فالشبكات الحاسوبية ضاقت ذرعاً بالشعراء والأنبياء والمتسولين..‏

من استفزته صراحتي, فآذته بعض الشيء, فليجرب ويحمل ديوانه إلى أكثر الناشرين رحمة وإنسانية... ليراقب وحده إشفاق الشعر إن وجد, وليتحمل وحده اعتذاره المهذب عن بلادة المكتبات وارتفاع أسعار الورق...و..و..و...‏

إن الشعر ليس «المانشيت» وهو شيء يختلف عن الإعلانات المبوبة... كما أنه ليس حكراً على الرموز مع سبق الإصرار في حياتنا الأدبية..‏

الشعر مخلوق بري, لا يعيش  في الحدائق المسيجة, والبيوت الزجاجية ولا ينمو أبداً في البلاط حيث تخنقه الشهرة أو يغتاله السلطان. كلمة أخيرة لا بد أن تقال:‏

الشعر حلم زاهر معطار وسلافة بين الأنام تدار‏

غسل الزمان بها هموم جراحه وتواترت عن سرها الأخبار‏

لولاه.. لولا الشعر لانتحر الضحى واهتز في درب النجوم مدار‏

لولاه لاقتلع الربيع جذوره وبكى الصباح وغصت الأعمار‏

لولاه لمات العطر في كلماتنا وانهدّ في نفق الظلام نهار‏

يا شعر يا نعم الألوهة هيئت لك في شغاف قلوبنا الأوتار‏

فاصدح لترتعش النفوس هناءة وترف في أرواحنا الأزهار‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية