|
إضاءات وللغضب درجات ومستويات ترتبط بطبيعة الشخص وبنيته النفسية وطبعه سواء كان ذا ترجيع قريب أو بعيد ونظراً لتأثير الغضب على السلوك الاجتماعي والعلاقات الإنسانية تشكلت في بريطانيا جمعية تسمى الجمعية البريطانية لإدارة الغضب، ولعل ما دعاني لاختيار ذلك العنوان والموضوع على وجه التحديد هو حلول شهر رمضان المبارك الذي أتمنى أن يكون شهر إيمان وخير وبركة وسعادة ومحبة لكل المؤمنين. وبالمناسبة فالصيام هو فريضة عند كل أصحاب الديانات بل وأسبق منها، فمعظم شعوب جنوب شرق آسيا التي ترى في فلسفة الصيام والامتناع عن الطعام حالة تجعل الإنسان أكثر التصاقاً بالطبيعة وسمواً وتحللاً من الأمور المادية والتصاقاً بقوى الخير وقرباً من الخالق عز وجل. وعلى الرغم من الفوائد العظيمة للصوم سواء الدينية أو الصحية، إلا أن البعض ولأسباب عديدة منها الامتناع عن التدخين عند الصوم أو نقص السكريات والأملاح في الجسم، تنتابه نوبات من الغضب التي تفسد صومه أولا وتؤثر على سلوكه مع محيطه ثانياً والغضب من الناحية العلمية يحصل عندما يتأثر الشخص بمثير خارجي حيث يحصل لديه نشاط هرموني إلى درجة الاضطراب وسبب ذلك الاستجابة عالية الحساسية لذلك الحدث الطارئ وكل ذلك يترافق بارتفاع عدد دقات القلب من ثمانين إلى أكثر من مئة وأربعين في الدقيقة الواحدة يترافق مع اضطراب في حركات بعض مفاصل الجسم مع توتر عصبي حاد قد يؤدي ببعض الأشخاص ممن لديهم مشكلات قلبية او ارتفاع في الضغط إلى الإصابة بالجلطات القلبية او الدماغية إضافة إلى أن الغضب يؤدي إلى ارتفاع نسبة الكولسترول في الجسم ويجعل الشخص يستنشق أقل ثلث حاجته من الأوكسجين. وللغضب عوامل عدة بعيداً عن الأسباب الذاتية منها الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافة الاجتماعية وقواعد السلوك والمزاج العام للناس وخاصة عند الأزمات وغيرها وخاصة الحروب والكوارث والصراعات الاجتماعية إضافة للعوامل المناخية والطبيعة التي يعيش في وسطها الإنسان فثمة فرق بين سلوك وردود فعل سكان الصحراء الجرداء والمناطق الجبلية التي تكسوها الأشجار وتغمرها المياه وعندما نحصر دائرة التأثير في قطاعات العمل لا شك أن لفن الإدارة دوراً في خلق بيئة نفسية ايجابية لدى العاملين، حيث تركز الدراسات المتعلقة بالأمن الوظيفي على تحذير العاملين من السلوك الغاضب وقت العمل الذي يصل إلى درجة الجنون الطارئ وأذكر هنا أنني كنت مع مجموعة من الأصدقاء نقوم بمساع حميدة لإصلاح ذات البين على خلفية نزاع حدث بين بعض الأقارب في إحدى المزارع في الرقة وأثناء تجاذبنا أطراف الحديث سمعت عبارة من أحد الأشخاص المسنين حفرت في ذاكرتي عميقا حيث قال في لهجة بدوية: (الغضب يطفي فانوس العقل) في إشارة منه لتأثير الغضب على سلوك الإنسان وردود فعله العمياء. ويقدم الاختصاص في الدراسات النفسية مجموعة من النصائح للتخفيف من حالة الغضب حتى لا تتحول إلى حالة من السخط والهستيريا منها التزام الغاضب بالصمت وعدم تحريكه لأطرافه بما يدل على التهديد والوعيد وعدم تقطيبه لحاجبيه في مواجهة من أثار غضبه وضرورة تغيير الشخص لمكان جلوسه وشربه للماء غير البارد، ما يساعد على الإقلال من نسبة الهرمونات المتدفقة وكذلك عدم مغادرة المكان والخروج للشارع أو قيادة سيارة وتبقى النقطة الأهم تتمثل في زوال المؤثرات الخارجية التي سببت الغضب سواء كان شخصاً أو غيره والتي كانت الأساس في انطلاق موجات الغضب. |
|