|
شباب المرحلة من حياة الشباب فتتضح لهم خطواتهم المستقبلية وتتكون مفاهيمهم للنجاح بشكل أكثر ارتباطاً مع الواقع العملي. تختلف أهداف ومستويات طموح الأفراد وفقاً لوعيهم بقدراتهم من جهة وللعوامل المرتبطة ببيئتهم من جهة أخرى. -يكون لنوعية الطموح العلمي والعملي في البيئة المحيطة التأثير الأكبر على كثير من الشباب, فغالباً ما يقارن الفرد إنجازاته في الجامعة ومكان العمل مع الإنجازات ضمن ذلك النطاق من الأفراد. فإذا عمل معظمهم بأنواع المهن المحدودة بالتحصيل المادي قد يكتسب الطالب مفهومه للنجاح العملي طابع المهنية المادية نفسها. لا يمكن للفرد أن يتحرر من حاجته للمردود المادي الكافي, لكنْ أنْ يحد الفرد مستوى وعيه بقدراته وأن يبني طموحه العملي معتمداً اعتماداً كلياً على تلك الحاجة هو استخفاف بالعقل والمواهب الخاصة بكل فرد.
يتأثر الطالب سلباً إذا كان مستوى الاجتهاد الدراسي محدوداً عند الأفراد المحيطين به, فمن الشائع حالياً أن يسأل الطالب الجامعي زميله إذا ما نجح في امتحان مادة ما بدلاً من أن يسأله عن علامته فيها وذلك لأن مفهوم النجاح بات لكثير من الطلاب هو مجرد نجاة من الرسوب وعدم الاضطرار لدراسة المادة من جديد. فإذا كان مفهوم النجاح عند الطالب هو تحصيل 50% في امتحاناته, فماذا يملك ذلك الطالب من قدرة لتطوير مجتمعه وأي مفهوم عن النجاح العملي يمكن أن يتبنّاه بعد حصوله على الشهادة الجامعية؟ لا ينج المتفوقون من الطلاب من التأثر بالمستوى الشائع للنجاح العلمي والعملي. فقد يفاجأ المتفوق ببيئة عملية شديدة التنافسية يرتفع فيها مستوى الأداء العلمي والعملي عن المستوى الذي اعتاد عليه في بيئة الجامعة والأسرة. على الطلاب الحذر من التراخي أو الرضا بمستوى محدود من الإنجاز العلمي والعملي. يعتمد تطور المجتمع على النخبة من الشباب الجامعيين القادرين على تخطي المستويات المتدنية من الاجتهاد الدراسي والعملي والواعين لإمكانياتهم في الوصول إلى الأهداف التي يضعونها نصب أعينهم. فهل يكفي التحصيل الممتاز للفرد في جعله ناجحاً مفيداً لمجتمعه؟ يسمو المجتمع عندما تنشأ القيم الأخلاقية لأفراده وفقاً لعلاقاتهم مع بعضهم البعض التي تصقل وعيهم باحتياجاتهم ومشكلاتهم الاجتماعية والفكرية والعقبات التي تبطئ تطورهم, فتبنى تلك القيم من واقعهم. تتضمن القيم الأخلاقية مفاهيم النجاح العلمي والعملي للأفراد. فمن الأساسي أن يرتبط مفهوم نجاح الفرد مع مدى الجهود الواجب بذلها من أجل تلبية احتياجات أفراد المجتمع وحل مشكلات وثغرات عملهم وتفكيرهم, وذلك وفق خواص بيئتهم ونوعية احتياجاتهم والعقبات التي تواجههم. وإن أهم مثال هو ارتباط مفهوم نجاح معلّم المدرسة مع المستوى الذهني والتكوين النفسي لطلابه. إذ تختلف طرق التدريس والتعامل مع الطلاب باختلاف بيئاتهم والعوامل التي تؤثر على تفكيرهم فتستهدف نقاط الضعف فيها. فإنّ اعتقاد المدرس أن نجاحُه يقتصر على تفسيره الواضح للدروس المقررة خلال العام الدراسي هو فكرة طوباوية لا تصح إلا في مجتمع مثالي تكون فيه مناهج التدريس مصممة لتلبي خصوصيات كل طالب أو يخلق طلاب العلم فيه منزهون عن النقص ومعزولون عن أي عوامل سلبية قد تحيط بهم وتؤثر على طرق تفكيرهم ورؤيتهم للحياة. مهما تفوق الفرد في التحصيل العلمي وأثبت جدارته في بيئات العمل التنافسية, لن يكتمل نجاحه من وجهة نظر المجتمع إلا إذا سخر قدراته وفقاً لاحتياجات أفراد مجتمعه. يكثر المتفوقون الذين يمتلكون مفهوماً فردياً أنانياً للنجاح غير مراعٍ لما يمكن أن يقدموه لتطوير أفراد المجتمع. من الطبيعي أن يطمح الشباب لتكوين صورة مميزة عن ذواتهم واحتلال مكانة جيدة في المجتمع لكن ذلك يأخذ منحىً سلبياً عندما يفقد الشباب قدرتهم على رؤية ثغرات واحتياجات وعقبات مجتمعهم فيتحول نجاحهم إلى نتاج رؤية أنانية لا ترى إلا نفسها. إن الاندماج مع أفراد المجتمع والنظر في آليات عملهم وطرق تفكيرهم هو السبيل الوحيد للنجاح الاجتماعي المثالي الذي يخطو فيه كل فرد بجهوده خطوة إلى الأمام في مسيرة أفراد المجتمع نحو الأفضل. |
|