|
يديعوت أحرونوت دون أن تأخذ باعتبارها الجوانب الأخرى لذلك نجد البعض يتساءل عن الهدف من الهجوم إن كان يرمي إلى تدمير شامل للبرنامج النووي الإيراني أم يهدف إلى وقفه فحسب؟ بينما يتساءل آخرون إن كانت إيران ستقابل الهجوم بوابل من الصواريخ التي ستطلقها على تل أبيب؟ وعن مدى مشاركة حزب الله وحماس في المعركة؟تمضي التحليلات في تقدير التكلفة التي يمكن أن تدفعها إسرائيل المتمثلة بالدماء المراقة التي قد تنجم عن هذه الحرب وما يمكن لإسرائيل أن تتجنبه من كوارثها لكن ينبغي أن يكون بعلمنا جميعا أن الأمر لن يقتصر على الدماء فحسب بل سيمتد ليشمل قطاعات ومجالات عديدة أخرى، لذلك على القادة التحسب والدراسة المستفيضة للعواقب الاقتصادية والدبلوماسية الوخيمة المحتملة الوقوع جراء صراع قد يشمل المنطقة بأسرها. إن التأثير الأول للصراع سيتمثل بارتفاع كبير لأسعار النفط حيث سيتضاعف سعر البرميل الواحد ليتجاوز 150 دولارا أميركيا. وهنا نتساءل عن التأثير الذي يمكن أن يلحقه هذا الارتفاع بأوروبا التي تعاني من ظروف اقتصادية قد تودي بها إلى الإفلاس؟ وعن إمكانية قيام الولايات المتحدة بتقديم مساعدة عسكرية لإسرائيل دون أن تتورط في حرب تقود بها إلى تفاقم عجزها المالي وديونها؟إن الآثار المترتبة على ارتفاع أسعار النفط وما ينجم عنها من تقلبات السوق في ضوء اقتصاد يتنبأ بالحرب سيفضي حتما إلى حالة من الركود العالمي، وهذا الوضع سيؤدي إلى نوع من البطالة الجماعية التي تعد أرضا خصبة للتطرف السياسي. في ضوء هذه الأجواء المضطربة سيدفع الثمن أولئك العاطلون عن العمل بدلا من أن تدفعه إيران الأمر الذي يجعلنا نستذكر ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي عندما ساد الاعتقاد لدى ملايين الأميركيين والأوروبيين بأن الممولين اليهود كان لهم الدور الرئيس في الأزمة الاقتصادية العالمية وألقوا باللائمة عليهم. لذلك فمن الحكمة لقادة إسرائيل الاتعاظ مما حدث في الماضي والعلم بأن الهجوم على إيران سيفضي إلى ركود اقتصادي وسينعكس إلى مزيد من المعاداة للسامية. إذا ما ضربنا صفحاً عما قد تسفر عنه الحرب من عداء لإسرائيل نرى أن الضرورة تستدعي من نتنياهو التفكير الجاد بسياسة واقعية ولاسيما أن التاريخ الحديث علمنا بأن حروب الشرق الأوسط التي تدخلت بها الولايات المتحدة أدت إلى قيام أميركا بانتزاع تنازلات كبيرة من إسرائيل والمثال على ذلك ما جرى في أعقاب حرب الخليج ومؤتمر مدريد اللذين قادا إلى اتفاقيات أوسلو وبعد حرب الخليج الثانية مارس بوش، المعروف بتأييده لإسرائيل، ضغوطا عليها بغية الانسحاب من غزة وإننا لسنا بحاجة إلى الكثير من الأوهام لنفهم ما هو الثمن الذي يتعين على القوى العالمية انتزاعه من إسرائيل فيما إذا نشبت حرب ثالثة في المنطقة.ليس من شك بأن ثمة ردة فعل سلبية ستحصل نتيجة هجوم إسرائيل على إيران ومن المحتمل أن يهرع المجتمع الدولي لعقد مؤتمر للسلام إزاء ما ينتاب أوروبا من غضب من جهة ومن حنق روسي من جهة أخرى، الأمر الذي يجعل أمريكا المنهكة تلجأ إلى فرض الآراء التي يعتبرها المجتمع الدولي الدواء الناجع للصراع بين إسرئيل والمسلمين: ألا وهو الانسحاب الكامل من الضفة الغربية بالاعتماد على حدود عام 1967. لنفرض أن هجوما على إيران قد قاد إلى إرجاء برنامجها النووي لسنوات عديدة فإن ديناميات الدبلوماسية في الشرق الأوسط تعني أنه على إسرائيل دفع فاتورة تتمثل بإعطاء حركة فتح وحماس الحق في إقامة دولة في الضفة الغربية، لكننا نتساءل فيما إذا كانت هذه الدولة مسالمة؟ إذ نرى أن ما جرى في غزة يؤكد بأن تلك الدولة ستكون حليفة لإيران التي تهدف للانتقام من إسرائيل ولن تمضي سنوات طويلة حتى تعيد الكرة في السعي لبناء قدراتها النووية من جديد وبذلك ستبدو إسرائيل قصيرة النظر إن هي سعت إلى مكاسب سريعة قد تقود في النهاية إلى كارثة استراتيجية. يتعين على إسرائيل أن لا تفكر بشن هجوم على إيران إلا عندما تتوصل إلى قناعة تامة بأن الهجوم سيفضي حتما إلى تدمير برنامجها النووي وإن لم تتوفر تلك الثقة لديها فمن الأفضل أن تكرس جهودها في مطالبة القوى العالمية بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية على إيران لا تُرفع أبدا عنها إلا في الأحوال التي تقرّ بها صرف النظر عن برنامجها النووي. وبذلك سيتحقق لإسرائيل مزايا تتمثل بأمرين الأول سيقتنع القادة الإيرانيون بعد جدوى المضي في سباق التسلح النووي لأنه لن يؤمن لها الاستمرار والسلامة ولن يجعلها في منأى عن التقهقر الاقتصادي والعزلة الدبلوماسية الأمر الذي سيضعف من رغبة آية الله خامنئي في تصنيع القنابل النووية، أما الثاني فإن أحمدي نجاد سيكون غير قادر على إرضاء الكبرياء الوطني بما يقوم به من برنامج نووي وعندها سيدرك الإيرانيون أن العقوبات المفروضة من قبل الغرب لا تستهدفهم. في الواقع يجب على نتنياهو وباراك الإدراك بأن الحرب ذات التخطيط السيئ لن تفضي إلا إلى تمهيد الطريق أمام أعداء الصهيونية نحو القدس الأمر الذي يشكل مأساة لليهود بأسرهم. بقلم: رفائيل كاسترو |
|