|
ترجمة ففي الوقت الذي كثرت فيه التحذيرات الاستخباراتية الإسرائيلية حول نشاط ما سمته هذه التحذيرات «جماعات إرهابية مسلحة» عبر حدود سيناء إلى جانب تحذير السياح الإسرائيليين بمغادرة سيناء ومنطقة شرم الشيخ ، يقول خبراء ومراقبون: إن الكثير من جوانب هذا الهجوم يمثل فخا استراتيجياً إسرائيلياً لمصر ولحكم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي من جهة واستهدافاً غير مباشر لقطاع غزة من جهة أخرى. الأصابع الإسرائيلية تعبث وعلى الأقل كما يقول الكثير من الخبراء إن العملية تستهدف مما تستهدفه ضرب التسهيلات التي حصل عليها قطاع غزة مؤخرا من الرئاسة المصرية، ومحاولة تعديل اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل لإقامة منطقة عازلة تخدم الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية الجديد ة واستدل هؤلاء الخبراء على الأصابع الإسرائيلية التي تعبث بالملف الأمني في سيناء بإطلاق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تحذيرا للسياح الإسرائيليين من دخول الأراضي المصرية، قبل عدة أيام. صحيفة هآرتس ذكرت في تقرير لها أن العملية التي وقعت في سيناء وأودت بحياة 16 جنديا مصريا، قد اضطرت الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إلى مواجهة الواقع المعقد وربما تقوده أيضا إلى مواجهة مع حركة حماس بسبب نشاط الأنفاق في قطاع غزة، لكن، قالت الصحيفة، من شأن الأيام الأخيرة أن تخلق الانطباع الصحيح بأن هذه الأحداث تشكل فرصة جيدة للرئيس مرسي. وبحسب الصحيفة فقد نجح الرئيس المصري في توظيف العملية لتحقيق هدف رئيسي، إذ تساعده حملة الجيش المصري في سيناء على بناء نفسه وصورته باعتباره «رجل الأمن» في مصر، فالمعارك التي تخوضها القوات المصرية في سيناء تبعد الرئيس مرسي عن صورة «رجل الأخوان المسلمين» وتقربه من صورة «الرئيس الذي يجرؤ على القيام بما امتنع عنه سابقه- الحرب من أجل التحكم بسيناء والسيطرة عليها.» وترى الصحيفة أن الرئيس يواجه مشكلات داخلية - في أقل تعبير- بدءا بغضب الجمهور المصري بفعل تواصل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، ومرورا بالمواجهات بين الأقباط والمسلمين، واستمرار الفوضى في شوارع المدن عدا عن المتاعب الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد المصري. زيادة على ذلك فإن قرار مجلس الشورى الذي يسيطر عليه الأخوان المسلمون، بفصل عشرات محرري الصحف والصحافيين أثارت انتقادات شديدة وغضبا على «الأخوان المسلمين» مما حدا ببعض الأحزاب والحركات إلى الإعلان عن مظاهرة جماهيرية في 24 من الشهر الجاري ضد سياسة المرشد العام ومحاولات تحويل مصر إلى دولة شريعة. ومضت الصحيفة تقول إنه في ظل هذه الظروف وفي ظل جو معادي للرئيس المصري في الصحافة المصرية، فإن الرئيس محمد مرسي يسعى إلى تركيز جهوده في الأماكن التي يمكن ضمان تحقيق النجاح فيها ، وعليه قام خلال ثلاثة أيام بزيارة سيناء مرتين، حيث تجول برفقة رئيس المجلس العسكري، اللواء الطنطاوي، والتقى بأفراد القوات المصرية، وتناول إفطاره على مائدة رمضانية مع الجنود ، كما التقى برئيس هيئة أركان الجيش المصري اللواء سامي عنان لمتابعة تقدم حملة النسر» في سيناء. وتقوم الصحف المصرية بموازاة ذلك بنشر الأخبار عن تقدم قوات الجيش وتحقيقها إنجازات ضد خلايا القاعدة في سيناء، وتسريبها أخباراً مثل خبر عن اعتقال «أسامة بن لادن شبه جزيرة سيناء»، مع إبراز القدرة على تحقيق هذه الإنجازات خلال يومين فقط من بدء الحملة. محاولات لزرع الفتنة ويعتقد الكس فيشمان في يديعوت أحرونوت أن إسرائيل كانت تملك المعلومات قبل ايام من وقوع الهجوم بتحذير مواطنيها بعدم السفر ومغادرة سيناء ومن المحتمل أن تكون على معرفة بالجهة التي نفذت وخططت لهذا الاعتداء ، وذلك من خلال اختراق عملائها لهذه المجموعات وإما أن تكون زرعت بعض العملاء لها لتحريض هذه المجموعات للقيام بهذه العملية والحاق اكبر الخسائر في صفوف جنود الجيش المصري لتكون ردة الفعل المصرية قوية لتحقق إسرائيل أهدافها.ومن هذه الأهداف إجبار الجيش المصري على القيام بعملية لضرب هذه الجماعات المتشددة واتهام حركة حماس المسؤولة قانونيا عن قطاع غزة بهدف زرع الفتنة بينهما، وخاصة أن مصر بعد فوز مرسي وطدت العلاقة مع حركة حماس وتعهُد الجانب المصري بفتح معبر رفح وتسهيل حركة مرور الفلسطينيين.لكن الهجوم غير التوجيهات التي أمر بها مرسي بتسهيل الحركة على معبر رفح بحيث تم إغلاق هذا المعبر تماما أمام الفلسطينيين العالقين وزيادة معاناتهم في غزة من خلال تدمير وإغلاق الأنفاق. ويرى مراقبون آخرون أن جميع السيناريوهات محتملة وسيناريو أن تكون إسرائيل متورطة بهذا الهجوم غير مستبعد ولكن حتى وان لم تكن متورطة فهي قد جنت ثمار هذا الهجوم وحققت مكاسب سياسية وأمنية جمة وهو محاولة ضرب الجانبين المصري والفلسطيني ودق إسفين الفتنة ولكي تضغط على الجانب المصري بأن لا يتهاون مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وبذلك أصبح واضحا بأن إسرائيل أرادت أن تصبح مصر هي الأداة التي تحمي أمن إسرائيل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبعد هذا الهجوم أرادت إسرائيل أن تبرهن بأن مصر ضعيفة وغير قادرة على حماية حدودها.إسرائيل تريد من مصر أن تتحمل مسؤولية وعبء حماية حدودها لكي لا تضطر هي إلى فعل ذلك مما يؤدي إلى مواجهة مع الجيش المصري، فإسرائيل خلصت نفسها من هذا العبء. وبالرغم من الارتياح إن لم نقل الابتهاج الإسرائيلي حول ما يجري في سيناء من تحركات للجيش المصري ودخول المزيد من الدبابات والآليات والطائرات المصرية إلى سيناء ، باعتبار ذلك كله يحقق المصالح الأمنية الإسرائيلية . إلا أن التطورات التي أعقبت الحادث والتي تمثلت بإقدام الرئيس المصري محمد مرسي على إحالة وزير الدفاع ورئيس أركان وعدد من كبار الضباط في المؤسسة العسكرية المصرية على التقاعدوالغاء القرار المكمل للدستور قد رفعت من منسوب القلق والدهشة لدى صناع القرار في الكيان الإسرائيلي ، فمنهم من حذر بانه إذا لم ينسق القادة العسكريون المصريون الجدد مع إسرائيل في سيناء فان إسرائيل ستقوم بذلك بمفردها ، ومنهم من يرى أن الإخوان المسلمين قد احكموا قبضتهم على المؤسسة العسكرية وانه لامفر لإسرائيل سوى الدخول في مفاوضات معهم وإيجاد صيغة جديدة للتعامل معهم حول ما يجري في سيناء وحول ما يمكن أن يؤول اليه مصير اتفاقية كامب-ديفيد. الإخوان المسلمون يسيطرون على مصر تحليلات الصحف اختلفت فيما بينها في تقييم التطورات الحاصلة في مصر لكنهم يتفقون على أن الأخوان المسلمين أصبحوا الآن يسيطرون على مصر ، فقد كتبت هآرتس تحت عنوان « الأخوان يسيطرون على مصر» تقول :«التعيينات والتنحيات في القيادة العليا للجيش المصري (بما في ذلك تعيين قائدين جديدين لسلاح الجو والبحرية) مرت حتى الآن دون اعتراض خاص. بل أن الرئيس المصري حاول أمس تهدئة الخواطر وأعلن بأن الذين تمت تنحيتهم، وزير الدفاع السابق طنطاوي ورئيس الأركان السابق عنان، سينضمان إلى الفريق الرئاسي الذي سيعمل إلى جانبه في إدارة شؤون الدولة. بهذه الخطوة سيخفف الاحتجاج الحاد الذي انطلق مع التنحية. فليلة أول أمس احتشد بضع عشرات من الأشخاص أمام وزارة الدفاع المصرية، للاحتجاج على تنحية طنطاوي وعنان. ولكن هذا الاحتجاج لا قيمة له مقارنة مع التأييد الذي حصل عليه مرسي لخطواته من الاخوان المسلمين، ولكن أيضا من قادة الجيش في الحاضر والماضي، بل ومن رجال حركة الاحتجاج الذين قادوا المظاهرات في كانون الثاني 2011. في نهاية المطاف، استعاد الرئيس المنتخب لذاته الصلاحيات التي أخذها منه المجلس العسكري برئاسة طنطاوي عشية الانتخابات واتخذ مرسي خطوة شجاعة عديمة الهوادة وفاجأ مرة أخرى معارضيه ومنافسيه على الهيمنة في الدولة. وفي نفس السياق كتبت إسرائيل اليوم :«لا يجوز أن نكون أسرى الأوهام؛ فبرغم رد الرئيس مرسي الصارم على الإرهابيين في سيناء فإن الإقالات الجماعية في القيادة العسكرية العليا تبرهن على أن الإخوان المسلمين يلتزمون بإلغاء اتفاق السلام. وليست بواعثهم هي كراهية الأجانب القومية فقط بل هي عقيدة إسلامية متطرفة لا هوادة فيها. ليست المنظمة متشددة في فرض الشريعة الإسلامية على مصر فقط بل في إحراز احتلال عالمي إسلامي مع معارضة معايشة أديان أخرى. فقد تحالفت في الماضي مع النازيين وانشأت حماس والتزمت بـ «الكيان الصهيوني». وفي المدة الأخيرة عاد رئيس الحركة ودعا الى «فرض السلطة الإسلامية في أنحاء فلسطين». ويدفع قادة الحركة الى الأمام بمعاداة سامية عنيفة. وينظر الأئمة الى اليهود على أنهم أحفاد القردة والخنازير ويدعون الى موتهم باعتبارهم أعداء النبي محمد. وللمنظمة تراث طويل من العمليات الارهابية. الرياح تهب من القاهرة وكتب اليكس فيشمان في يديعوت احرنوت :«المصريون مصابون بالأسى والصدمة. وعلى مدى طول يوم أمس أجرى القادة المصريون المداولات حول خطواتهم التالية في سيناء. كل المنشورات عن التعزيزات والطائرات المصرية التي نُقلت الى سيناء – ليس لها أساس من الصحة. فالمصريون لم يطلبوا من اسرائيل أذوناً بادخال طائرات، لم يُدخلوا طائرات، وبالفعل في الطرف الإسرائيلي لم يلاحظوا أي نشاط جوي مصري شاذ. هذه التقارير كانت محاولات من وسائل الاعلام المصرية لرفع المعنويات المصرية.الاهانة عظيمة. ففي الساعات التي ارتُكبت فيها الجريمة بحق الجنود المصريين في سيناء، كانت قيادة وزارة المخابرات المصرية تجلس مع قادة القبائل البدوية في سيناء في وجبة افطار كجزء من التقارب والتفاهم بين البدو في سيناء والسلطات المصرية. بدورها كتبت اسرائيل اليوم :«يفترض أن تُبين العملية القاتلة أول أمس قرب المعبر الحدودي كرم سالم والتي قتل فيها 16 شرطياً مصرياً، لمصر أن اسرائيل ليست المشكلة بل هي الحل خاصة.يجب أن يكون واضحاً للسلطة الإسلامية الجديدة في القاهرة أن لمصر وإسرائيل مصلحة مشتركة في الحفاظ على حدود هادئة في وجه منظمات إرهابية إسلامية لا تحجم عن إطلاق النار على أخ مسلم يتناول فطور صومه.استطاع الرئيس المخلوع مبارك وجنرالاته إدراك هذا جيدا. فلم يفعلوا ذلك حباً لإسرائيل بل حباً لمصر. والحفاظ على مصالح مشتركة بين الدولتين وتقويتها أكبر تحدٍ يواجه اسرائيل ومصر اليوم، وليس هذا أمرا سهلا في الوقت الذي أصبحت فيه الرياح التي تهب من القاهرة منذ كانت الثورة باردة جدا. وتسهم في ذلك حقيقة أن محمد مرسي ينتمي الى حزب يرى اسرائيل، من جهة عقائدية، نبتة غريبة. |
|