|
فضاءات ثقافية فإنها تطرح مشكلات الهجرة إلى أميركا وما يعانيه المهاجر مع قانون الهجرة الأميركي من خطر الترحيل، إضافة إلى تعرية الواقع الحقيقي للمدينة الأميركية في ظل هيمنة علاقات المجتمع الرأسمالي على الحياة فيها. هجرات متواصلة منذ البداية تكشف الرواية عن مشكلة الشباب العربي المهاجر بحثاً عن فرصة للعمل وتأمين حياته حيث تنعدم تلك الفرصة في بلده، فيمضي متنقلاً من بلد إلى بلد بحثاً عن تلك الفرصة حتى ينتهي به المقام في أميركا، إلا أن انتهاء الفترة الممنوحة له تجعله مجدداً مطالباً بمغادرة البلاد خلال أيام بعد أن تناسته أجهزة الهجرة هناك أكثر من عام، ما يدفع جولي لاستخدام كل الوسائل القانونية الممكنة من أجل إلغاء هذا القرار والحصول على الإقامة مجدداً لكن دون جدوى. إن مأساة هذه الشخصية التي تمثل مأساة الكثير من الشباب العربي وشباب البلدان النامية ترسم صورة مريرة للمعاناة التي يعيشها هؤلاء الباحثون عن فرصة للحياة بعيداً عن أوطانهم التي تركوها مكرهين ليواجهوا ظروفاً صعبة دون أن يستطيعوا الاستقرار أو الحصول على الأمان، وهو ما تحاول الرواية أن تعرضه من خلال معاناة بطل الرواية مع قوانين الهجرة الأميركية ومسيرة انتقاله من بلد إلى آخر بحثاً عن العمل والاستقرار. الحب والحلم الأميركي يلعب القدر لعبته مع بطل الرواية من خلال لقاء الصدفة الذي يحدث بينه وبين بطلة الرواية جولي وعلاقة الحب التي تنشأ فجأة بينهما، ما يقود إلى حدوث تحول كبير في حياته تجلى في انفتاحه على حياة المجتمع الأميركي وانخراطه فيه بعد أن تعرّفه إلى مجموعة أصدقائها في المقهى، وتطلب منه الانتقال للعيش معها في منزلها. لكن هذا التحول المفاجئ في حياته سرعان ما يصطدم بانكشاف أمر إقامته المخالف ومواجهة خطر الترحيل خلال أيام، الأمر الذي يجعل جولي تستبسل في البحث عن مخرج قانوني لمشكلته بعد أن أصبح من المتعذر عليها الحياة دونه، لكنها تفشل في جميع محاولاتها ما يضطرها للسفر معه والإقامة معه في بلده الأصلي حتى تستطيع الحصول له على موافقة للإقامة له مجدداً في أميركا فتعود معه ليبدأ حياتهما هناك من جديد. لقد استطاع الحب أن يحقق له حلمه بعد أن عجز عن تحقيقه عبر محاولات سفر متعددة إلى بلدان كثيرة كانت تنتهي دائماً بالخيبة والرحيل عنه مجدداً. يلعب الحوار الذي يجري بين شخصيات الرواية دوراً مهماً في الكشف عن الجوانب المختلفة من الحياة السياسية والاجتماعية في المجتمعات التي وفدت منها تلك الشخصيات، إضافة إلى الإضاءة على واقع الحياة وتبايناتها الكبيرة بين عالم الضواحي والأحياء الفقيرة، في حين تتميز لغة الرواية بالرشاقة والشاعرية والتكثيف الذي يسهم في تسريع حركة السرد وتعزيز جمالياته عند المتلقي خاصة وأنها تتناول موضوع الحب والعلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة خارج إطار كل الموانع التي يمكن أن تخلق مسافات فاصلة بين البشر بسبب تباين ثقافاتهم وهوياتهم الاجتماعية. |
|