تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الروائي حيدر حيدر.. والبوح بأسرار النفس البشرية..

ثقافة
الخميس 11-8-2011
نوار حيدر

الغوص في عالم الروايات ليس إلا هزواً والحقيقة أننا كلما اعتقدنا أننا نغوص في هذا العالم الواسع ندرك أننا مازلنا ملازمين السطح.

ويمكن أن يكون التأمل في البيئة التي خلقت الرواية أهم من الرواية بحد ذاتها، فهي الرحم الذي رعاها حتى أدركت النور.‏

فالقرية الصغيرة حصين البحر في طرطوس التي ولد فيها الأديب والكاتب السوري حيدرحيدر بنقائها وجمالها الريفي ألهمت أديبنا أولى قصصه «نورا» عندما كان في العام الدراسي الثاني في معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب.‏

ومن هنا بدأ مشوار الشهرة الأدبية حيث كانت مجلة الآداب اللبنانية أبرز المنابر التي كتب فيها قصصه الأولى التي جمعت في مجموعته الروائية (حكاية النورس المهاجر) عام 1968.‏

نادراً مايجد النقاد الكبار مثل هذا المزيج والخليط بين لغة الشعر ولغة النثر الذي كان متجلياً في كتاباته فلا نجد حدوداً بين هاتين اللغتين بل ترابط يغني المعنى والقول.‏

بعد مرور سنين على إصداره مجموعته الأولى نشر مجموعته (الومض) التي لاتتميز فقط بالأسلوب الأدبي المميز بل بأنها أول إصدارات اتحاد الكتّاب العرب الذي تأسس عام 1968، وكان أديبنا أحد مؤسسيه وعضواً في مكتبه التنفيذي.‏

بدأ الناس يتحسسون معنى مقالاته وأهميته ككاتب وروائي بعد إصداره لمجموعته الزمن المتوحش، تلك الرواية التي ترصد التجربة بجوانبها كافة قبل وما بعد هزيمة حزيران 1967.‏

لم تنقطع علاقته بمجلة الآداب اللبنانية حيث نشر فيها معظم قصصه ومن ثم أصدرتها في كتاب (الفيضان).‏

وبدأت رواياته الثورية تتوالى يستلهمها من الأحداث السياسية المتتابعة بسرعة كبيرة والمحيطة به من كل الجوانب وهذا ليس غريباً فهو انخرط في الحياة السياسية الهائجة والعاصفة منذ أن كان في العشرين من عمره.‏

رسمت روايته (وليمة لعشاء البحر) الغبن التاريخي الذي وصم بنا فموضوع الرواية يصلح للماضي والحاضر وربما للمستقبل والذي استمر العمل بها لعشر سنوات لاقى انتقادات واسعة تجلى أكثر بعد مضي سنوات على إصدارها كان سببه أسلوب الكتابة غير المألوف في العالم العربي إضافة لجرأتها في البوح بأسرار النفس البشرية.‏

وثّق الأديب حيدر حيدر حياته وتجاربه الخاصة وتشابكهما مع البيئة المحيطة التي امتزج وامتزجت به من خلال روايته هجرة السنونو فأتت بسرد لحياته بجميع أبعادها وجميع ما أحاط بها من دلالات سياسية واجتماعية وتاريخية وتقاطعها وانعكاساتها النفسية.‏

المميز في هذه الرواية الأشكال التي اتبعها الكاتب للراوي فكانت تتناوب بين غائب ومتكلم ومخاطب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية