|
مرايا اجتماعية عندما يجد نفسه قد تخلى عن دوره المعتاد لصالح زوجته.. ما الذي يمكن أن يؤدي إليه هذا الوضع الجديد بالنسبة لكلا الطرفين وهل يمكن لذيول أزمة أن تنجم عن ذلك للوصول إلى طرق مسدودة في سير العلاقة الزوجية؟ في تحقيقنا الآتي التقينا عدداً من الأزواج والزوجات الذين تعرضوا لهذا الموضوع واستطلعنا آراءهم لننتقل بعدها إلى علماء النفس والاجتماع وإفاداتهم بهذا الشأن.. تقول السيدة رهام «موظفة في وزارة الاتصالات» إن حياتها الزوجية انقلبت رأساً على عقب بعد أن ترك زوجها عمله نتيجة حادث سير تعرض له أجبره على البقاء في المنزل نتيجة لإصابة بالغة في قدمه اليسرى..وكيف تبدلت طباع زوجها بشكل جعل المشكلات تتفاقم يوماً بعد يوم ولاسيما بعد أن أصبحت هي من تتولى الإنفاق على حاجيات المنزل والأولاد، وأصبح هذا الزوج متقلباً ومزاجياً كما أن نبرة الشك أصبحت تطوق كل حركاتي وتصرفاتي وحتى طريقة لباسي وأسئلته اليومية تزداد باستمرار.. من قابلت ومع من تحدثت وإلى أين ذهبت ولماذا تأخرت! أما أسيمة التي تعمل ممرضة في أحد المشافي الخاصة فالوضع لديها أشد سوءاً بعد أن ترك زوجها عمله مجبراً نتيجة لاستغناء الجهة التي يعمل لديها عن خدماته حيث تغير نتيجة لذلك بشكل كلي حتى أنها أحياناً تشعر بأنها لا تعرفه وليس هو ذات الشخص الذي تزوجته منذ عشرة أعوام... فقد ازدادت عصبيته ومزاجيته وبدأ يرفض مساعدتها في أعمال المنزل كما في السابق كما أن معاملته للأولاد تغيرت وأصبح أكثر انعزالية عنهم.. وتضيف أسيمة إنها تعود مرهقة من العمل لتجده وقد حضر لها قائمة من الأعمال الإضافية التي يختلقها أحياناً متجاهلاً التعب والارهاق الذي تحملته في العمل وتتمنى أن يحظى بأقصى سرعة بفرصة عمل تخرجه من هذه الحالة السلبية التي يعيشها. ومن آراء الجنس الناعم انتقلنا إلى آراء الرجال في هذا الموضوع وسؤالهم.. هل سيؤدي ذلك أي أن تنفق الزوجة على البيت إلى انعكاسات سلبية على العلاقة الزوجية؟ ابراهيم النوري «موظف»: رغم أن تأمين لوازم الأسرة المادية هي من مهام الرجل في الأساس إلا أن إنفاق المرأة على الأسرة لا يضير في حال توقف زوجها عن العمل لسبب أو لآخر شرط ألا تذكره في كل مناسبة بأنها هي من يصرف على البيت حتى ولو كان ذلك بشكل غير مباشر وأن الرجل يصاب بالإحباط في مثل هذه الحالات فيلجأ إلى إثبات أنه لا يزال الطرف الأقوى في المعادلة الزوجية فيبدأ بفرض آرائه وتصرفاته والتحكم بشؤون الأسرة بشكل قد يؤدي إلى منعكسات سلبية فيما بعد. أما فايز اللبواني «أعمال حرة»: فيرى أن إنفاق الزوجة ليس عيباً في حال تعرض زوجها لظروف طارئة بل عليه في هذه الحال أن يساعدها ويدعمها إن كان في عمل المنزل ورعاية الأولاد أو لجهة دعمها معنوياً وتقدير جهودها لوقوفها إلى جانبه في هذه الظروف الصعبة وهذا ليس من شأنه مطلقاً أن يمس الرجولة في شيء إلى أن يجد الرجل عملاً جديداً ويعود لتحمل مسؤولياته من جديد، فيما يرفض أبو رؤوف مطلقاً فكرة أن تصرف زوجته على المنزل وأنه هو المسؤول الأول والأخير عن تلبية حاجات الأسرة مهما كانت الظروف. أما علماء النفس والاجتماع فيؤكدون أهمية عمل المرأة للاسهام جنباً إلى جنب مع الرجل في تلبية متطلبات وحاجيات الأسرة، وعمل المرأة من شأنه أن يعزز قيماً جديدة ويعيد توزيع الأدوار في الأسرة الأمر الذي يتطلب غالباً تحمل المرأة الأعباء مضاعفة في العمل والمنزل ولاسيما إن كان زوجها عاطلاً عن العمل لسبب أو لآخر حيث تصبح معاناتها أصعب مع الرجل الذي يصبح حساساً جداً تجاه أي سلوك يصدر من جانبها حتى ولو كان ذلك من غير قصد، وليس مستغرباً في هذه الحالة أن يصبح الزوج أكثر تسلطاً واضطهاداً لزوجته في محاولة لا شعورية لتجاوز إحساسه بالعجز. ويشير علم النفس إلى أن المرأة يمكن أن تكون إيجابية أكثر تجاه هذا الوضع من خلال تقديرها لظروف زوجها وحالته النفسية واستيعابها لتصرفاته وعدم الصدام بل تجنبه وتفادي نقاط التماس التي تولد الخلافات بينهما ويعيد الأمر لتركيبة الرجل الذي نشأ على فكرة أنه رب الأسرة ويظل ينظر إلى عمل المرأة أنه غير محوري فيما يتعلق بتصريف الشؤون المادية للأسرة لكن الرجل الواثق من نفسه يتعامل مع هذا الوضع بحكمة وصبر بحيث يظهر تقديراً لزوجته من دون أن يشكل عنصر ضغط نفسي عليها ويسعى لأن يتعاون معها لحين تجاوز الأزمة كما أن الرجل الذي يشعر بالإهانة حين يعتمد على زوجته هو رجل أساساً مشحون بقيم وآراء مغلوطة عن عمل المرأة. لكن الزوجين يستطيعان تجاوز ذلك من خلال تقدير واحترام متبادلين مبنيين على مشاعر المحبة والتعاون بما يصب في مصلحة الأسرة. |
|