تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشكلة المدرسات في المناطق الشمالية والشرقية .. إرادات تحتاج إلى تفعيل والنوايا إلى تنفيذ

تقارير
الخميس 11-8-2011
هيثم يحيى محمد

تراجعنا يومياً العديد من المدرسات اللواتي تم تعيينهن خلال السنوات الماضية في محافظات ادلب حلب والرقة ودير الزور و الحسكة وريف دمشق الخ

وهن من أبناء محافظتي اللاذقية و طرطوس ونسبة منهن متزوجات ... ويقدمن شكاوى حول الواقع الصعب الذي يعشن به وحول معاناتهن في الذهاب والإياب وفي الإقامة وفي أمور أخرى ... ويطالبن بالمساعدة على إعادتهن إلى محافظاتهن حيث يقيم أهلهن وأزواجهن وأطفالهن .‏

وهؤلاء تم تعيينهن هناك إما بموجب مسابقات أجرتها وزارة التربية , ثم اشترطت على الناجحات التوقيع على تعهدات بعدم النقل إلى محافظاتهن قبل مضي (5) سنوات على تعيينهن تنفيذاً لتعليمات صادرة عن رئاسة مجلس الوزراء ... أو بموجب فرز خريجات كلية التربية ( معلمات صف ) إلى تلك المحافظات أو ... الخ‏

وإضافة لما تقدم ... راجعنا بعض المدرسين والمدرسات الذين امضوا حتى الآن خمس سنوات في تلك المحافظات ثم تقدموا بطلبات نقل إلى محافظاتهم ليفاجؤوا بعدم الموافقة بحجة عدم توفر الشواغر رغم ان بعض المدرسات متزوجات ومع ذلك لم تتم الموافقة على نقلهن والحجة دائماً عدم توفر الشواغر !!‏

مجموعة من خريجات جامعة تشرين( دبلوم قسم التاريخ) اللواتي تم تعيينهن في محافظتي حلب ودير الزور تقدمن لنا بشكوى أخرى تضمنت الكثير من المشكلات والمعاناة التي واجهنها هناك وقلن : نجحنا في المسابقة التي أعلنت عنها وزارة التربية في بداية 2010 على أساس ملء الشواغر في محافظة طرطوس ... لكن للأسف تم إلزامنا بالتدريس في مدارس دير الزور وحلب بما في ذلك المتزوجات منا ... وهناك عشنا التعب والإرهاق والغربة وأضفن : إننا نطالب الحكومة الحالية بإلغاء قرار إرسال المدرسات إلى المناطق الشرقية الشمالية لأنه قرار جائر ومؤلم ويؤدي إلى تفتيت العائلات والأسر ... وإيجاد طريقة لاستيعابهن في محافظتي طرطوس واللاذقية مع تأمين بدائل عنهن من أبناء تلك المحافظات.‏

ريناتي حماد من طرطوس معهد مدرسين أشارت إلى أنها نجحت في مسابقة أعداد المدرسين عام 2007 وعينت في داريا بريف دمشق ورغم مضي أكثر من 3 سنوات على تعيينها هناك لم يتم نقلها لأنها لم تمض خدمة (5) سنوات وتضيف : كنت من بين الناجحين الأوائل في المسابقة التي أجريت عام 2007 بترتيب ( 11) على ست محافظات .. والأولى على دفعتي وبدرجة امتياز بمحافظة طرطوس وبمعدل 91.71% أرجو مساعدتي في النقل للتدريس في محافظتي لأسباب عديدة أهمها الظروف الصعبة وهذا الطلب لا يخصني وحدي انما كل المدرسات المساعدات في ريف دمشق ومحافظات أخرى .‏

المدرس هايل أحمد أحمد من محافظة طرطوس يقول إنه عين مع مجموعة من أبناء طرطوس في ريف حلب بعد النجاح في المسابقة التي أعلنت عنها وزارة التربية عام 2005 ... وعند التعيين وقع على تعهد يتضمن الا يتم نقله إلى محافظته قبل مضي (5) سنوات وفي نهاية العام الدراسي السابق أتم السنوات الخمس وعندما راجع مديرية تربية حلب لتقديم طلب النقل لم يسمح له بحجة أن مباشرته الفعلية هي تاريخ تثبيته في 28/12/2006 علماً أنه ومعظم زملائه داوموا في بداية العام الدراسي 2006- 2007 .... لذلك يطلب مساعدتهم لدى وزارة التربية لنقلهم قبل بداية العام الدراسي القادم .‏

حلول للقضية‏

السؤال كيف يمكن معالجة هذه القضية الاجتماعية التربوية بشكل جذري وبحيث يتم استيعاب المدرسات في محافظاتهن سواء المتزوجات أو غير المتزوجات وكذلك المدرسين الذين امضوا السنوات الخمس ... ويتم تأمين البدائل للمنقولين من أبناء تلك المحافظات أو من غيرها ضمن تعليمات جديدة تراعي الرغبة وتبتعد عن الإلزام قدر الإمكان؟‏

د.محمـد شـــعبان مدرس في جامعة البعث قال : تعتبر مشكلة المدرسات من أبناء المنطقة الساحلية عامة، ومن محافظة طرطوس خاصة، اللواتي تم تعيينهن  في محافظات المنطقتين الشرقية والشمالية خلال السنوات الماضية من المشكلات المستعصية على الحل لأسباب مختلفة، وبنفس الوقت يبدو أنها مشكلة مركبة حقا، فهذه المناطق النامية تعليميا، من جهة هي بحاجة ماسة لهذه الكوادر التعليمية، ومن الجهة الأخرى فإن المنطقة الساحلية عموما ومدينة طرطوس خاصة تعاني من فائض كبير في خريجي الجامعات، وفي الكوادر التدريسية والتربوية، كما أن الفرص الوظيفية فيها  في هذا القطاع الحكومي وغيره قليلة، وربما معدومة، لأسباب عديدة أيضا(....)، والمشكلة هذه ليست وليدة اليوم، والمعاناة كبيرة بالنسبة لهؤلاء ولأهلهن أيضا.‏

إن حل هذه المشكلة لا يمكن أن يتم بسهولة، دونما رؤية حكومية استراتيجية تعالج هذه القضية من جذورها، ولا يمكن حلّها بشكل  إفرادي كما تم في السنوات الماضية، إن أحد المخارج لهذه القضية هو أن تقوم الدولة بتقديم مُحفّزات مقبولة للراغبين بالتدريس والعمل بهذه المناطق، وذلك على غرار الشركات التي تقيم المشاريع في مناطق نائية كشركات النفط والغاز وغيرها، كأن تقوم وزارة التربية-مثلا  بتأمين مساكن بما في ذلك مساكن عائلية للمتزوجين منهم وذلك بأسعار رمزية  وفي أمكنة قريبة من هذه المدارس على هيئة مجمعات تعليمية تساعد هؤلاء وتشجعهم على الاستقرار والعيش فيها، لفترات زمنية طويلة، على شكل جماعات مع تأمين النقل المريح إلى المناطق النائية أو البعيدة عن مراكز المدن والمناطق، فمن المعروف أن الراتب الشهري يكاد لا يغطي نفقات السفر والسكن، من هنا نرى أن تقوم الدولة بواجبها تجاه أبنائها في كلا المنطقتين: المنطقة الأولى التي تحتاج إلى هذه الكوادر والمنطقة الثانية هي التي تعاني من فائض في خريجي الجامعات.    ‏

رئيس فرع نقابة المعلمين بطرطوس محمد إسماعيل قال : إن وجهة نظرنا حول إمكانية نقل المعلمين والمعلمات من المحافظات الأخرى إلى محافظة طرطوس تتلخص بما يلي :‏

1- يجب على وزارة التربية أن تضع ضمن خططها وعلى المدى الطويل تأمين الكادر التربوي من أبناء المحافظات التي تعاني من نقص هذا الكادر لأن المعلم المربي المعين خارج محافظته .. ومهما طال الزمن .. سيعود إلى محافظته ليستقر مع أهله وذويه .... وخلال الفترة الزمنية المستهلكة لتأمين هذا الكادر لابد من العمل على :‏

1- تقديم المزيد من الرعاية ( سكن – حوافز مادية ... ) لهذا المربي لنؤمن له الحد الأدنى من الراحة النفسية ليكون العطاء أفضل فالمربي صاحب رسالة وليس موظفاً عادياً .‏

2- تحديد زمن بقاء المربي خارج محافظته منذ الإعلان عن مسابقة وزارة التربية .. وهذا الزمن يجب أن يتناسب مع حالة المعلم الاجتماعية .. وليكن أقل عند المتزوجة فالمتزوج فالعازبة والعازب...‏

2- تتحدث مديرية التربية في طرطوس عن وجود فائض من المعلمين في الحلقة الأولى .. وهذا يعني عدم توفر الشاغر لمن يرغب في أن يأتي من المحافظات الأخرى بمعنى آخر ان هذا الفائض يشكل حجر عثرة في وجه نقل من يرغب بالانتقال والاستقرار ونحن نقترح تشغيل هذا الفائض في ( رياض الأطفال التابعة لمديرية التربية وإحداث المزيد منها .. وفي رياض نقابة المعلمين .. وفي رياض الاتحاد النسائي .. وفك الدمج في المدارس المجمعة....)‏

وأياً كان الوضع لابد من العمل على نقل المعلمات وخاصة المتزوجات منهن وحتى المعلم المتزوج ....لأن بقاء الشريك بعيداً عن شريكه أو عن أبنائه وعن أهله يترك أثاراً سلبية اجتماعية وإنسانية ناهيك عن الأثر السلبي على مردود العملية التربوية عند هذا المربي أو ذاك .... والعرف السائد هو نقل المتزوج إلى حيث شريكه تحت عنوان لم شمل الأسرة وتحديد زمن الخدمة خارج المحافظة للجميع مع الإعلان عن المسابقة.‏

نقيب المعلمين الأستاذ زياد محسن قال في رد خطي على سؤالنا :‏

لاشك في ان الفائض في أعداد المعلمين والمدرسين ( ذكوراً وإناثاً ) في محافظتي اللاذقية و طرطوس يشكل عبئاً مالياً على وزارة التربية كما يعد هدراً في الرأسمال البشري والأطر التربوية في حين تشكو كل من محافظات حلب – الرقة – دير الزور – الحسكة- ادلب – إضافة إلى القنيطرة وريف دمشق من نقص الأطر التربوية من معلمين ومدرسين ومن الجنسين ولاسيما في الأرياف البعيدة ما استدعى وجود الكثير من المكلفين والوكلاء وهذا يفضي إلى ضعف الأداء وانعكاسه على المردود التربوي وعدم استقرار العملية التربوية في هذه المحافظات وعلى صعيد آخر تشكو المعلمات والمدرسات من محافظتي طرطوس واللاذقية المعينات في المحافظات المذكورة من البعد عن الأهل والأسرة وهذا ينعكس سلباً على تماسك ومهام الأسرة وعلى أداء الزميلات المعلمات ولاسيما المتزوجات الأمر الذي ربما يولد مشكلات جديدة وعدم استقرار العملية التربوية في المحافظات ( كثرة الإجازات الصحية وسواها الانقطاع عن العمل القلق والتوتر ضعف الأداء ... ) ولتسوية هذه المشكلات وحلها يمكن ان نقترح ما يلي :‏

1- حفاظاً على تماسك الأسرة من جهة واستقرار العملية التربوية من جهة أخرى لا بد من نقل المعلمات المتزوجات إلى أماكن عمل أزواجهن والاكتفاء بسنتين خدمة كما يمكن تسهيل عملية نقل عمل الزوج إلى مكان عمل زوجته .‏

2- تخفيض سنوات الخدمة للإناث في المحافظات المذكورة من خمس سنوات إلى ثلاث .‏

3- حل مسألة المسابقة بالإعلان عن مسابقات وفق الحاجة على مستوى كل محافظة بما ينسجم مع التخطيط اللامركزي واستصدار قانون يسمح بذلك أي الإعلان عن مسابقات خاصة للمحافظات مثل ( الحسكة – دير الزور وغيرها ) يتقدم من يرغب من أبناء الوطن إليها للتعيين حصراً في هذه المحافظات ولا ينقل منها مهما كانت الأسباب والظروف أي ان المتقدم للمسابقة يعلم مسبقاً وسلفاً المحافظة التي سيعين فيها وعلى أساس ذلك يتقدم للمسابقة وعلى سبيل المثال ان يكون الإعلان عن المسابقة وفق الصيغة التالية : تعلن وزارة التربية عن حاجتها لتعيين عدد من المدرسين لمواد .... في محافظة الحسكة وعلى أساس ذلك يتم التعيين .‏

4- يمكن ان تكون الأفضلية للذكور في بعض المسابقات .‏

5- كتابة تعهد من كل متقدمة إلى المسابقة بالعمل في المحافظة التي تقدمت إليها ملتزمة بالمدة المشار إليها ثلاث سنوات .‏

6- العمل على إيجاد سكن في المناطق البعيدة في المحافظات المذكورة تشجيعاً للمعلمين بهدف لم شمل الأسرة شبيهة بالسكن الشبابي أو العمالي وببدل إيجار شبه رمزي وهنا يمكن ان تساعد وتساهم نقابة المعلمين في هكذا مشروع إذا منحت أو خصصت بقطع من أراضي الأملاك العامة .‏

وأخيراً يمكن القول : إن في أولوياتنا كنقابة معلمين ان يوفر للمعلم المناخ الملائم للعطاء والإبداع في مهمة بناء الأجيال وان يعيش حالة نفسية مريحة وذهنية متفتحة متوقدة لكي يؤدي رسالته التربوية ، ومهم جداً إشعاره بالرضا والاستقرار النفسي والاطمئنان على أسرته ليقوم بأداء واجباته بحماسة ومسؤولية ، لهذا تناضل نقابة المعلمين في الدفاع عن مصالح المعلمين وإحقاق حقوقهم وإنصافهم من جهة ومن جهة أخرى تعمل على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والتربوية والثقافية عبر صناديق النقابة وحساباتها ومشروعاتها التي يمكن ان تسهم في تقديم خدمات للمعلمين وأسرهم بما ينعكس على راحتهم النفسية وعطاءاتهم التربوية .‏

وفي الختام بعد ما تقدم من أفكار ومقترحات لمعالجة هذه القضية نؤكد مجدداً على ضرورة إيجاد حلول جذرية لها من قبل الحكومة ممثلة بوزارة التربية خاصة بالنسبة للعنصر النسائي وبالأخص للمتزوجات منهن فلا يجوز أن نساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تشتيت أو تفكيك أسرنا بخلاف ما ينص عليه الدستور أو قانون الأحوال الشخصية في هذا المجال .. ولا يجوز أن نساهم بشكل مقصود أو غير مقصود في تردي الواقع التربوي حيث إن المدرس ( ذكراً أو أنثى ) غير المستقر نفسياً وأسرياً ومادياً لن يعطي عطاء جيداً في الصف هذا إضافة لكثرة الإجازات الصحية والانقطاع عن الدوام والتوتر والقلق و.... الخ .. الذي يعيشه هؤلاء .. ولا يجوز أن تبقى حلولنا في هذه القضية المهمة حلولاً ترقيعية كما كان يحصل بين فترة وأخرى في المرحلة السابقة .. ونحن وأصحاب القضية بالانتظار .. ونأمل ألا يطول هذا الانتظار !‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية