تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ثغرات قانونية !!

حديث الناس
الخميس11-8-2011
قاسم البريدي

إذا كان من الطبيعي إصدار عشرات القوانين الحديثة سنويا لمواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية المحلية والعالمية ، وإذا كان من الطبيعي إعادة النظر في عشرات القوانين القديمة من خلال تعديلها أو حتى استبدالها بقوانين عصرية ..

فإن ما نلحظه خلال السنوات القليلة الماضية أن ظهور هذا الكم الهائل من حزمة القوانين والتشريعات ، التي تضع سورية في مواقع متطورة عالميا وتسرع الحراك التنموي ، رافقه أيضا العديد من الثغرات التي أدت إلى حدوث بعض التناقضات بين القوانين الحديثة ذاتها نظرا لتشعبها أو حتى بينها وبين القوانين القديمة التي لا تزال ضـروريـة ..فما العـمل إذن ؟.‏‏

هنا بالذات برزت المقولة الشهيرة في قاموس أصحاب القرار انه ( لا يوجد قانون مقدس ) ..وكل قانون قديم أو حديث قابل للتعديل حتى يحقق الغاية منه بأسهل السبل وأقصرها..‏‏

وهذه المقولة صحيحة تماما ومنطقية من وجهة نظر الفقهاء القانونيين خصوصا وأن أغلب قوانيننا لابد من مواءمتها مع التوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي ومع سياسات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي يمر بمرحلة انتقالية سريعة ..‏‏

ولكن ..على أرض التطبيق العملي ظهر قصور في مسألة أسلوب التعديل واستسهاله أيضا لدرجة بتنا نسأل فيها : من هي الجهة صاحبة الحق بالتعديل ..ومن هم الذين يصوغون مسودته ..ومن هي الجهة المشرفة عليه .. وهذه البديهيات نجدها غائبة في عشرات الأمثلة نتيجة عامل السرعة لنكتشف وبعد فترة قصيرة تراكم الثغرات ونريد تعديلا لها ثانيا ثم ثالثا ودون أن نقفل الموضوع وهذا ما يمنع الاستقرار والاستمرارية المطلوبين ..‏‏

ومن الأمثلة على ذلك مشروع قانون لم يظهر بعد واقترح تسميته (قانون الأسواق ) ليحل محل قانونين سابقين للتجارة الداخلية بمفهومها السابق ( التموين ) الأول يتعلق بالتسعير والتموين والثاني بالغش والتدليس ..‏‏

وظهرت خلال نحو العامين خمسة مشاريع للقانون المذكور ولم يكتمل حتى الآن خشية ظهور تناقضات بينه وبين ثلاثة قوانين جديدة هي قانون حماية المستهلك وقانون سلامة الغذاء وقانون المنافسة ومنع الاحتكار ..‏‏

ومن المضحك فعلا أن بعض أعضاء لجان صياغة القانون المذكور كانوا يحملون مسودتين متناقضتين لنفس الجلسة (الأولى تحوي 33 مادة والثانية 48 مادة ) في وقت ظهرت تصريحات صحفية على أن مسودة مشروع القانون أصبحت جاهزة ..فأين يكمن الخلل ؟؟‏‏

المشكلة أن الجهة المنفذة للقانون هي ذاتها التي تقترح التعديل وهي كذلك التي تصوغه وأغلب أعضائها هم فنيون بالأصل وليسوا قانونيين وبالتالي يعكسون مصالح جهاتهم التي يمثلونها دون مراعاة مصالح الجهات الأخرى التي ستتأثر بتنفيذه ..‏‏

ولهذا لابد من الفصل بين الجهة المشرفة التي ترسم السياسات وبين الجهة المنفذة له ..وهذا يتطلب وجود لجنة فنية قانونية مستقلة وحيادية وعندها سيصبح العمل متكاملا ومتوافقا مع القوانين والأنظمة الأخرى وملبيا لطموحات التطور المنشود ..أليس كذلك ؟‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية