تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإنتاج الزراعي والقيمة المضافة...!

منطقة حرة
الخميس 11-8-2011
أمير سبور

الاقتصاد السوري يعتمد في كليته تقريبا على الاقتصاد الزراعي , هذا القطاع الذي يعمل به نسبة كبيرة من أبناء الريف ويشكل أكثر من 24% من الناتج المحلي الإجمالي, وعلى الرغم من أن هذا القطاع يعتبر أهم القطاعات الاقتصادية ,

إلا انه سجل تراجعا بالنمو خلال السنوات الأخيرة , قياسا للنمو الذي شهدته القطاعات الأخرى , ورغم تنافسية السلع الزراعية السورية فان العمليات التجارية سجلت تفوقا ملحوظا عليها , وبقيت كفة الواردات هي الراجحة وخاصة بعد الانفتاح الذي نهجته سورية على الأسواق الخارجية , وتحول الميزان التجاري للمنتجات الزراعية من رابح إلى خاسر , بعد أن تم تشجيع السلع التصديرية وبقاء بعض السلع الزراعية التنافسية خارج إطار الدعم , ورغم تأرجح المواسم الزراعية بين عام وأخر وتأثرها الكبير بموجات الجفاف التي ضربت المنطقة لعدة سنوات , الأمر الذي ساهم بتراجع نمو هذا القطاع الحيوي , وزيادة نمو القطاعات الأخرى على حسابه , ومن يتابع واقع الصادرات الزراعية خلال السنوات الماضية , يلحظ أنها وصلت إلى قمتها في عام 2007 بمعدل نمو زاد عن 13% وإجمالي صادرات بلغت 1386مليون دولار , ثم أخذت تتراجع إلى أن وصلت الحد الأدنى 6,5% أواخر العقد الماضي , وتعزى أسباب هذا التراجع إلى عدم تصدير السلع الأساسية الغذائية كالقمح من جهة , ولتصدير السلع الزراعية في معظمها كمواد خامية , وأهمها الحمضيات وزيت الزيتون والقطن وغيرها ...!‏

ونشير هنا إلى أن الانفتاح على الأسواق العالمية والتحرير التدريجي لأسواقها , والسماح باستيراد معظم المحاصيل الزراعية باستثناء الحساسة منها قد تسبب في تعثر إنتاجنا محليا , لكن كل ذلك لا يعفي القائمين على هذا القطاع الحيوي والهام من ضرورة الاستثمار الأمثل للمنتجات الزراعية والحيوانية في سورية , ورغم زيادة مساحة الأراضي الزراعية بنسبة 1,5% من مجمل مساحة الأراضي , فقد تناقصت الأراضي المزروعة فعليا بنسبة 5,4% وتراجعت الاستثمارات الزراعية بنسبة تزيد عن 3,5% نهاية العقد الماضي ..! ومع إدراكنا أهمية الخطة المعتمدة للسياسات الزراعية والتي تكمن بالحفاظ على الأمن الغذائي , واعتماد 8 مشاريع لإدارة المياه ومشروعين للبيئة وثلاثة مشاريع لتطوير الغابات وأيضا سبع مشاريع نباتية و13 مشروعا للإنتاج الحيواني وأربع مشاريع لمؤسسات الخدمات والدعم و3 مشاريع تؤمن الاستقرار الغذائي و9 مشاريع للحصول على المواد الغذائية وان تكلفة هذه المشاريع المقترحة وفق الخطة الخمسية القادمة تصل إلى 200مليار ليرة.‏

وأمام ذلك كله يبقى أن نشير إلى أن إنتاجنا الزراعي يفوق كثيرا حاجتنا الفعلية , وهذا يعني وصولنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتحديدا ما يسمى بالأمن الغذائي, ولن ندخل هنا في تفاصيل نوعية وجودة المنتجات السورية, ولا مدى الإقبال الذي تلقاه منتجاتنا في الأسواق العربية والأجنبية , بل نتساءل هنا أمام ذلك, أين هي المشاريع الاستثمارية والصناعية الزراعية والحيوانية على ارض الواقع والتي من شانها امتصاص تلك المنتجات في سورية ...؟ مع تقديرنا الكامل للخطط المرسومة والتي قد لا نجدها إلا على الورق...! ثم هل تمت مواكبة هذا التطور نحو مزيد من التسهيلات والمزايا التفضيلية, لتشجيع إقامة صناعة محلية تستوعب الفائض من المنتجات الزراعية والحيوانية...؟! وبالتالي الوصول إلى تحقيق قيمة مضافة لتلك المنتجات التي تتحول فيها النعمة إلى نقمة, عند تكدس الإنتاج أيام الوفرة وعدم القدرة على تسويقه كما يجب , ويجب السعي الجاد اليوم نحو توسيع قاعدة التصنيع الزراعي , وخاصة للمنتجات التي تحقق وفرة إنتاجية , والعمل على تصديرها لاحقا بمواصفات تنافسية وتسويقها داخليا وخارجيا وعلى مدار العام...! والأمثلة أكثر من أن تحصى هنا بدءا من تصنيع القطن والحمضيات بأنواعها وصولا إلى زيت الزيتون والطماطم والبطاطا وغيرها من المنتجات الرائجة محليا وخارجيا, وبذلك نستطيع أن نحد تلقائيا من المنتجات التي تغزو أسواقنا سواء تحت أسماء شتى من عصائر طبيعية وما إلى ذلك والاعتماد على منتجاتنا الوطنية وتصديرها مصنعة لتنافس مثيلاتها أينما وجدت ..!‏

ameer-sb@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية