تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى من يهمه الأمر.. حكايــــة رســـــــوبي

ثقافة
السبت 13-8-2011
يوسف المحمود

مسز ويست، كما لو بوغتت، أن رأت المآذن أولاً تشرئب، من فوق كتفها اليسرى، في سفح يكاد يهوي في الوادي، رغم ما يبدو، بالنظر من داخل يسار الباص، إلى يمينه، أن الأرض خارج الباص،

تظهر ممتدة إلى مسافة. ترتفع حيناً. تستوي حيناً. أو تنخفض أحياناً. تختفي وتظهر بالتتالي. تطرب لها مسز ويست. كما لو، بحب امرأة، لرجل سابق. أو سيلي؟‏

وهنا، لابد، أن أكون أنا. قد عجبت لرؤية المآذن في صيدنايا، قبل الدير. كمثل ما عجبت المسز ويست. فقد كان دخل علي الغرفة التي استأجرها، في سوق ساروجا، ظهيرة ذات يوم، رجلان. حييا بلقب أستاذ. عرفا نفسيهما. كصاحبي مدرسة خاصة في صيدنايا. وقد استكملا جهازها التعليمي حسب اشتراط وزارة المعارف، ماعدا مادة الانكليزي...‏

وهنا ابتسمت، لتحيتهما باسم أستاذ، ابتسام من ألجأت إليه ضرورة ما، يعلم في نفسه ضرورة، أنه ليس هو ذاك!‏

وحكيت بالتفصيل حكاية رسوبي، في شهادة الثقافة العامة، بمادة اللغة الانكليزية، بمستوى ما أراد الأستاذ، أن يرفعنا إليه. لاأن ينزل هو، إلى الطلاب، بالمستوى المطلوب!‏

وإذ نجحت، بإعادة السنة كلها، بما كان في النفس إذ ذاك، أن أنقل قاسيون. هكذا قلت لرئيس قسم اللغة الانكليزية، أول ما أنشئ، في الجامعة السورية - تلك السنة. فنزل بعدد المنتسبين الـ145، إلى الـ45 فقط. بما عرف مستواهم، في الثقافة العامة. إلا أنا. فقد تمسكت بالقسم «على مسؤوليتي»، كما قال بوجه عابس، بمستوى 64 علامة! وبما ألزمت نفسي بالدوام، مع مضاعفة الجهد، كاملاً!‏

ولكن صديقاً ابن صديق، إلى حد القرابة. عرف كيف نجحت، بعد فوات الأوان، دراسة خاصة. وأبيت إلا الانتساب إلى الجامعة، وقد سنحت الفرصة، بعد أن لم تعد واردة، بالنسبة لابن سبعة وعشرين. يعيش بالموجود، كيفما كان، في بيت أبويه. وقد أملا، أن يتوظف معلماً، كغيره بالبروفيه. ويعود على البيت. بما عاد إليه الله، بما لم يعد بالحسبان!‏

ذلك الصديق ابن الصديق. العالم، عن الآباء، بالأحوال كلها، وقد صار معيداً، بكلية العلوم، جاء يقول. إنه دبر لي كم «ساعة انكليزي»، في مدرسة خاصة. هو يعطي فيها، حصة العلوم، بكل المحبة والتقدير. تساعدني. على الأقل، بلقمة الأكل، التي لم تعد، في البيت. ولا هي تحصل لي، كيفما كان. إلا بما رآه ذلك العليم بكل الأحوال!‏

ولا أكتم إلا في نفسي. أنها كادت تطلع. العزم، أن لاأنشغل عن الدوام، ساعة، بأي ضرورة كانت. ولكنها لم تكن لائقة. ولا مقبولة، أن أرد يداً، عليمة بكل الأحوال، امتدت لمساعدتي، في هذه الحال. وكان لم أطلع خرجاً. بإعطاء ساعات باللغة الانكليزية، في هذه المدرسة الخاصة!‏

وعندئذ، ابتسم الرجلان، بما يخالف، قالا ابتسامتي المتواضعة! وقالا إن الذي دلهما علي ناصحاً، هو نفسه المراقب، وخاصة في صف البروفيه. وأنه يأسف، لما يحدث الطلاب من فوضى، لدخوله الصف بالخيزرانة الضرورية، قبلي. ما يوقع في ظن الأستاذ، أنه مراقب عليه، ومظنون به قلة التمرس، بعد بالتعليم الإعدادي. ورجاهما قالا اعتذاره، عن دخوله الصف قبلي، بما كان لازماً، أن يكون، على أثري، للتعريف بي. كما أوصى لي. قالا معاً. أن أقلل عامية الضيعة، كأني لم أبرح أرعى طرش الضيعة!... (سيلي)‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية