تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا تاه حلف الأطلسي عن دوره?

الفيغارو
دراسات
الثلاثاء 29/11/2005م
سهيلة حمامة

ماذا سيكون مستقبل منظمة اتفاقية حلف شمال الأطلسي? يمكن الإجابة على هذا التساؤل بالقول أنه على الرغم من أن للحلف الأطلسي مستقبلاً متأرجحاً يظل من الصعب رؤية كيف يمكن لهذه المنظمة أن تكتسب فعالية سواء في المجال السياسي أو العسكري.

-هذا التأكيد لا يشكل اتهاماً, إذ يعتبر الحلف الأطلسي مؤسسة مميزة. فخلال الفترة الأولى لتأسيسه سارعت منظمة الحلف لأن يكون لها دور في كسب الحرب الباردة وفيما بعد أوكل لها دور آخر في البلقان ومن ثم في أفغانستان. في كوسوفو عام 1999 شن حلف الأطلسي حرباً دون أن يأخذ الضوء الأخضر من الأمم المتحدة. حتى قبل عام كان الكثيرون يشكون بأن ذلك التدخل كان ممكناً. بعد ذلك أعاد الحلف النظر في استراتيجيته ولم ينجح في الاتفاق للتوسع في سلطاته في إطار المهام التي لا تقرها الأمم المتحدة. ويبقى الحلف المنظمة الأكثر نفوذاً في الغرب,كذلك هو تحالف عسكري, على الأقل فيما يتعلق بالقدرات النظرية لأعضائه. لقد توسع الحلف مؤخراً حتى وصل إلى حدود روسيا.‏

لكن بالتأكيد إذا اقتضت الإشارة لمزايا الحلف. يجب أيضاً الاعتراف بنقاط ضعفه. ففي العديد من الحالات ينظر إليها بشكل أفضل, ليس كضعف, وإنما كحدود مرتبطة بمنطقة ترتكز أساساً على التنظيم ودمج القوة العسكرية التقليدية وليس على مهام أخرى.‏

غير أن تدخله في أفغانستان يبقى محدوداً, ولم يتحسن هذا البلد عما كان عليه تحت سيطرة طالبان, ولا يزال يشهد اضطرابات, على الرغم من مزاعم الديمقراطية التي قيل أنه ينشرها هناك, علاوة على المشكلات الأخرى, كتهريب المخدرات لم يتصور الحلف الأطلسي مشروعاً للتدخل في دار فور رغم تعرض مئات الآلاف هناك لأخطار فادحة. وخلال العقد المنصرم, لم يقم الحلف الأطلسي بشيء هام في رواندا وليبريا أو في سيراليون, ولم ينجح أيضاً في سدّ الفجوة على الطرف الآخر من الأطلسي والناجمة عن القضية العراقية. بأعضائه الأوروبيين الذي يبلغ مجموع جنودهم حوالى 2,5 مليون تواصل الرهان بنشر أكثر من 60000 جندي خارج حدودها.‏

ولم يشارك التحالف الأطلسي في إعداد جواب منسجم للغربيين عن التحدي المستدام الذي تشكله الحرب على الإرهاب, كذلك لم يشارك بنشر إصلاح تربوي وتشجيع مبادرات اقتصادية في مناطق كاملة لأراضي الحضارة الإسلامية,كما أن التحالف ليس للتعامل مع قضية أسلحة الدمار الشامل في العالم.‏

لأسباب تاريخية خاصة بها, تواصل الدول الأوروبية تركيز اهتمامها على التنمية في الاتحاد الأوروبي. ولهذا السبب فإن توسع التحالف لا يعد من أولوياتها المؤسساتية. وفي الولايات المتحدة حيث تعتبر الحلف الأطلسي ضرورياً, فإننا ندرك أيضاً أن ملاءمته محدودة لتلبية العديد من المهام وحل الكثير من المشكلات.‏

والجدير ذكره أن الأعضاء الأوروبيين لا يملكون في الحلف الأطلسي بما فيهم كندا سوى سلطة محدودة جداً باستثناء المملكة المتحدة و(جزئياً) بلدان أخرى. من الواضح أن الحلف لم يقم بعمل هام في العراق ومن الصعب تقدير مساهمته في قضية كتلك التي في كوريا الشمالية.‏

يعتبر الحلف الأطلسي تحالفاً عسكرياً قبل كل شيء, هدفه الأساسي حماية أعضائه ويستخدم حالياً لتعزيز أوروبا وجزءاً منه لضمان استقرار مناطق جغرافية أخرى وفي أي مكان تقتضي الحاجة إليه وأن تكون المهمة قابلة للتنفيذ, لكن متابعة إنجازاته في منطقة عملياته التقليدية تعد الحلف سلفاً ليكون فعالاً بين المؤسسات الدولية ويشكل لوحده سبباً في الحفاظ على استمراريته. ومن المحتمل أن يبذل الحلف جهوداً أكبر لإثبات جدارته في منطقة عمله الجديدة.‏

ربما سيقوم الحلف بعمل في أماكن جديدة وربما أيضاً سيواصل أعضاؤه غير الأميركان تحسين قواتهم العسكرية القابلة للانتشار.‏

لكن انتظار المزيد من الحلف يعود إلى إساءة الظن في طبيعة المنظمة والافتراض بقدراتها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية