تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لحظة ... ضوء

صفحة أخيرة-نوافذ
الثلاثاء 29/11/2005م
عندما حدث وعرض احد المنتجين الكبار على المخرج العالمي انغمار برغمان عرضاً مغرياً في خارج موطنه - السويد - يومها

رفض برغمان العرض مبرراً بقوله: (شاهدت قبل سنوات فيلماً من الرسوم المتحركة لوالت ديزني يتحدث فيه عن بطريق صغير يحن الى بحار الشمال كي ينتهي به المطاف الى مياه زرقاء دافئة عند شاطىء مليء بأشجار النخيل لكن البطريق يعلق صورة للقطب الشمالي على احدى الأشجار ويبدأ ببناء قارب يعيده الى موطنه .. وأنا مثل هذا البطريق تماماً).‏

تذكرت حكاية هذا البطريق أثناء متابعة افلام برغمان ضمن تظاهرة تحف السينما العالمية التي عرضت اثناء مهرجان دمشق السينمائي فلمدة اسبوع اثبت الجمهور تشوقه للسينما بشكل عام وللسينما المحلية على نحو خاص وبحميمية يؤكدها الحضور الحاشد لعروض الافلام السورية .. ولعل فيلم (علاقات عامة) للمخرج سمير ذكرى شهد زحمة عشاق لسينما تحدثهم عن وطنهم , اكثر من غيره .. تلك اللقطات البانورامية للآثار السورية التي افتتح فيها الفيلم جعلتنا نعيش دراما ذلك البطريق على نحو ما.. وحالة شاعر قطع مسافة شاسعة ليعود الى بيته في وطنه وليفتح احدى الخزائن ليشم رائحة الزبيب المجفف على طبق من البوص حيث يقول عن تلك الخزانة :(لي وحدي تحتفظ بتلك الرائحة الفريدة ..رائحة الزبيب , انها رائحة تفوق الوصف).‏

قفز الى ذهني حال هذا الشاعر والبطريق مرة اخرى حين فاجأني العزيز (حسن م يوسف) هادئاً واثقاً كما هو دائماً ليشبك بياقة سترتي (بروش) يلمع عليه العلم السوري.. علم الجميع..‏

ولأن الحب البشري ذو نزعة انانية فإن الانسان يحتاج الكثير من الذاكرة ليشم رائحة تشبه رائحة ذلك الزبيب وليقطع مسافات العمر تحت يافطة مشروعات الشغف القدري بوطن. . وطن لايمكن ان نحكي عنه بموضوعية ابداً لانه يقتنينا كيفما تحركنا وأنى اتجهنا .. تشدنا إليه الف حكاية وحكاية ويثبت لنا أننا كبشر خلقنا لنكيف كل أحلامنا وفق خارطته..‏

وطن كلما عشقناه اكثر بادلناه العتاب اكثر .. وحدهم الذين نحبهم نمنحهم متعة عتاب يؤرخ لذروة الحرص على ان يكون من نحبهم دائماً أفضل.. أكمل..لاعيب فيهم ,لهذا ياوطن لأننا نراك بعيون المحب يطيب لنا ان نعزف على وترين: من عتب وحب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية