|
قضايا الثورة بعد أن ناقشت على مدى يومين وفي ظل غياب بارز للرؤساء والقادة العرب الطرف الآخر في معادلة الشراكة, قضايا مهمة ومسائل تتصل بمواضيع (الإرهاب والسلام) وما سمي تشجيع الإصلاحات الديمقراطية للشرق الأوسط, تلك التي تتخذ منها الولايات المتحدة شعاراً وغطاء لهجمتها الاستعمارية الجديدة واجتياحها للمنطقة, وتوجهها الكوني للهيمنة على العالم ومحاسبة ومعاقبة بلدانه وشعوبه, إضافة لمسيرة الشراكة والمعوقات التي تعترضها وتحول دون استثمار القدرات الهائلة لأطرافها. وبغض النظر عن طبيعة وحجم هذا الاستحقاق والآمال المعقودة عليه, بأن يخرج بقرارات وتوصيات تؤطر لشراكة حقيقية واستراتيجية متوازنة بين دول المجموعة والجانب العربي, تترجم عملياً على الأرض بإجراءات ملموسة يمكن أن تقدم مساهمة في تطوير هذه المنطقة وتحقيق تقدمها, وإرساء أمنها واستقرارها بمنأى عن مظاهر وشرور الحروب والعدوان والاحتلال والتدخل الخارجي التي تتبناها إدارة بوش وحليفها الإسرائيلي, فإننا نجدها مناسبة لإعادة التأكيد والتشديد على وجوب أن يضطلع الأوروبيون بالدور المنتظر, وإثبات حضورهم كطرف مؤثر وفاعل في صياغة العملية السياسية وتحقيق الدفع لمسيرتها المتعثرة وصنع السلام, خصوصاً وأن تجارب السنوات الماضية والمواقف الغربية إزاء ما حصل ويحصل اليوم من تطورات دراماتيكية, وخضات سياسية وعسكرية خطيرة تستهدف الوجود العربي وإغراق المنطقة بالفوضى والحرائق, لم تكن مشجعة وسجلت تراجعاً خطيراً في المواقف والسياسات الأوروبية تجاه الصراع ولمصلحة المعتدي الإسرائيلي. نسوق ذلك التقويم من باب العتب والحض على ضرورة أن تأخذ دول المجموعة بزمام المبادرة, والانتقال إلى الفعل بدل دبلوماسية الوعود والكلام المعسول, والتلطي خلف واشنطن والسير في ركابها والبقاء في أسر (عقد الذنب) والتكفير عنها إرضاء لإسرائيل وكسباً لودها, تلك السياسات التي شجعتها وتشجعها على التمادي في غيها وعربدتها وجرائمها واغتيالها للسلام, ولا سيما أن الحليفين الأميركي والصهيوني قد أغفلا عن عمد أوروبا الجار الأقرب والأشد التصاقاً بجغرافية المنطقة وتفاعلاً مع تاريخها وحضارتها, وأبقيا هذا التجمع بكل ما يمثله من ثقل مادي وبشري وسياسي في الساحة الدولية, خارج دائرة الرعاية والمشاركة في عملية مدريد, والطرف المحظر عليه تقديم أي مساهمة يمكن أن تشكل مؤازرة ودفعاً لمسيرتها, وإيصالها إلى هدفها المنشود والمحدد بسلام العدل والشمول, اللهم باستثناء إبقائها تحت الابتزاز وحصر مهمتها بدور (البقرة الحلوب), والجهة التي تتولى التمويل والدفع لأثمان صفقات واستحقاقات هي أبعد ما تكون عن السلام. لقد آن لأوروبا أن تساعد في جعل منطقة وحوض المتوسط منطقة سلام, وهي قادرة بما تمتلك من إمكانات ومن خلال الأخذ باستقلالية الموقف والقرار المتحرر من إسار واشنطن وتل أبيب, أن تكون عامل توازن وقوة منع في وجه الحماقات العسكرية الجديدة والاندفاعة العدوانية الأخطر والأشرس, التي تشهدها المنطقة في سياق مشاريع الاجتياح والاحتواء, تلك التي لم تعد تحتمل تحت أي اعتبار الحيادية ولا المسايرة للمشروع الأميركي الصهيوني والانخراط في خندقه وتقديم الخدمات المجانية له, خلافاً للقانون الدولي ومواثيق وقرارات الشرعية الدولية, وإغفالاً لمشاعر ونبض الشارع الأوروبي الذي سبق وأعطى رأيه الصريح وقال بالأغلبية كلمته في أميركا وإسرائيل, وبأنهما العدوان الأساسيان الأكثر خطورة وتهديداً للسلام العالمي. ومن الخطأ القاتل والحال هذه أن يتوهم أحد من الأوروبيين أو يعتقد ولو لوهلة, أن الإدارة الأميركية الحالية التي سبق ووصفتهم بأبناء (القارة العجوز), يمكن إذا ما كتب لا قدر الله لمشاريعها النجاح في هذه المنطقة أو في أي مكان آخر من العالم, أن تتقاسم وإياهم الكعك وأن تجود وحليفها الإسرائيلي عليهم بشيء أكثر, من دور المراقب وضيف الشرف المعطى لهم بالإشراف على معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر, أحد إنجازات إدارة بوش والوزيرة رايس على طريق تعميم ثقافة (الديمقراطية والسلام) الخدعة. |
|