|
إضاءات وإذا كان من قراءة تحليلية سياسية لذلك وتفسير لها فإنها ستذهب حتماً إلى طبيعة العلاقة بين الإرهاب وقوى المعارضة المرتبطة بالخارج والذي يعتقد البعض أن لا علاقة بينهما وربما كان ذلك صحيحاً من الناحية النظرية ولكن في القراءة العملية والواقعية نكتشف أن العلاقة بين العصابات الإرهابية والقوى الخارجية أكيدة وحتمية لأن المرجعية واحدة لكلا الطرفين فهي التي تموّل وتُدير وتُنسّق وتُحرّك كلا الطرفين وبلعبة تبادل أدوار مكشوفة، فتارة يُطلب من العصابات الإرهابية أن تُصعّد وتيرة العنف ومساحته، وتارة أخرى يوعز إلى المعارضة المرتبطة بالخارج رفع وتيرة خطابها وصراخها وهذان الأمران مرتبطان بساحة الصراع في الميدان العسكري وساحة الحراك السياسي ومناخها العام. إن الحديث عن حل سياسي أو مبادرات سياسية لم يصل إلى الآن إلى مستوى الطرح الجدي لدى القوى الخارجية لأنها ما زالت تراهن على متغيرات في الميدان تفرضها العصابات الإرهابية بحكم الدعم المادي واللوجستي الذي تتلقاه من الخارج وفي حال حصوله -وهذا هو الرهان- فهذا يعني بالمحصلة تحقيق ضغط على الحكومة السورية ما يعني قبولها بالحلول السياسية التي تطرحها القوى الخارجية ولسان حالها هنا هي قوى المعارضة بمسمياتها المختلفة وهذا ما ترفضه السلطة الوطنية السورية قولاً واحداً. وقد يشكك البعض في عدم جدية القوى الخارجية في محاربة الإرهاب، وهنا يظهر السبب في ذلك فالإرهاب بالنسبة للقوى الخارجية هو الوسيلة الأساسية والورقة الأهم بأيديها حيث يشكل العصا التي تحملها في وجه السلطة الوطنية السورية وأداتها في الضغط عليها ومن خلالها قد يتحقق أحد هدفين أو كلاهما، إما قبول ما تطرحه تلك القوى من حلول سياسية تناسبها وتحقق مصالحها الجيوسياسية أو استمرار استنزاف وتدمير مكونات البنية السورية بعناصرها وقواها المتعددة من قوات مسلحة وثروات اقتصادية ومؤسسات حكومية وبنى تحتية وغيرها، وهذا هو الهدف الأساسي لكل ما يجري وهو ما يصب في خانة ومصلحة العدو الصهيوني وقوى الهيمنة الغربية التي تستهدف بشكل أساسي سورية ومحور المقاومة. ولأن الهدف واضح في نظرنا واللعبة مكشوفة في جوهرها فلا خيار أمام السوريين ومن يساندهم من قوى مقاومة إلا الاستمرار في مواجهة الإرهاب ومحاربته وصولاً للقضاء عليه واجتثاثه من جذوره، وهذا بالتأكيد ليس بالأمر السهل فهو يحتاج إلى مزيد من التضحيات والصبر وقوة في الإرادة واستعداد عال لمواجهة كل الاحتمالات والتحديات، وهو بالتأكيد مسألة متوفرة ويدركها السوريون وحلفاؤهم جيداً ويعدون لها الإعداد المناسب والضروري، وبحسب تداعيات الصراع واحتمالاته المستقبلية فلا استرخاء أو تهاون في هذا المجال مع التأكيد على خيار المسار السياسي الذي يؤدي بالنتيجة إلى الحل الشامل للأزمة التي يدرك الجميع أنها مركَّبة ومتشعبة في أبعادها الداخلية والخارجية وتحتاج إلى توافق إرادات داخلية ودولية أيضاً، ولكن ومهما يكن شكل المقاربات السياسية أو مضمونها يبق الأساس في ذلك هو الميدان العسكري الذي يشكل مدخلات كل ما يجري أما جنيف وموسكو وغيرها فما هي إلا مخرجات ذلك. من هنا تأتي أهمية الانتصارات التي يحققها أبطال قواتنا المسلحة الباسلة والمقاومة الرديفة لها في إطار مآلات الصراع واحتمالاته واجتراح أية مقاربات أو مشاريع سياسية لحل الأزمة والوصول بسورية والمنطقة إلى حالة الأمن والاستقرار. |
|