تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القيم والمشروعية... عامل الفصل في الميدان والسياسة

دراسات
الثلاثاء 25-8-2015
بقلم د: أحمد الحاج علي

سوف تبقى القيم والأخلاق هي المادة النوعية في بناء المواقف الكبرى للشعوب وهي عامل الفصل والفرز بين سياسة وأخرى والصراع الراهن الآن ميدان لاحتواء هذا المعنى لمنهج التفاعل معه ولمعرفة الأبيض من الأسود في مجريات الصراع سواء أكانت نزالاً في الميدان أو مواجهة في محطات السياسة الثنائية

أو الدولية العامة والمواقف المشروعة بلا سياسات تعبر عنها أو تنقلها من المناطق الوعرة إلى حيث الاستقامة والوضوح تبقى أسيرة دورانها حول الذات‏

ولذا فإن السياسة في أصولها الصافية هي فن وفاعلية نقل المواقف المشروعة إلى حيث الوضوح والتفاعل مع الآخرين والانتشار في كل مدى وزاوية عبر هذا العالم المعقد والمركب، وهكذا فإن الموقف السياسي يتأسس على ثلاثة عناصر مهمة أولها الحق والعدل والمشروعية في الموقف ولاسيما حينما يتصل هذا العنصر بالوطن من خلال سيادته واستقلاله ومن خلال قدرته على أن ينهض في اللحظة الحرجة والخطرة ليرد العدوان وليهدم بنيان الشر العاصف عليه من كل صوب والمشروعية هنا هي المقطع الأخلاقي والمصيري الأهم في التوحد حول الموقف وفي التعامل مع كل تشكيلات الدنيا الصديقة والعدوة .‏

نحن في سورية بنينا مواجهاتنا الراهنة بما تنتمي إليه هذه النضالات من حق وعدل وضرورات وطنية وسمات تاريخية مستقرة لهذا الوطن العزيز لسنا مخيرين في أن نواجه أولا نواجه فالمسألة هنا تتعلق بمصيرنا وحقائق وجودنا الراهن والمرتقب ولن يضيع أو ينهزم وطن مادته الشهداء والسلام وعلامات مسيرته الصمود والحضارة والذاكرة الحية التي مازالت تمتد بدون انكفاء أو انطفاء من الأجداد إلى الأحفاد عبر الأبناء مع كل جيل .‏

إن الحق مصدرنا والعدل رايتنا والمشروعية فكرنا وقناعتنا وعناوين سلوكنا أما الموقف السياسي عند الآخرين فهو قناعات مشوهة وخيارات نمت في الأوكار وفي الظلمات ثم جاء من قوى الشر من يحتضن هذه المواقف ويلبيها بالتضليل والمال ووسيلة الإعلام ويبتدع لها زوراً أنساقاً عقائدية إسلامية ودوافع مريضة تحت الظلال الصدئة لمفاهيم الغرب في تبنيه الكاذب للتطور والديمقراطية وحقوق الإنسان. ومع استمرار الإغراءات الشاذة يعتقد أصحاب السياسات الشوهاء بأنهم قادرون على أن يبدلوا الحقائق وأن يحولوا الأصول الراسخة إلى مجرد هياكل ومفاصل تلغي الحقيقة وتستبدلها بكل ماهو مزيف مرتجف ومسموم ،إنها قصة الصدام الأبدي مابين مسار الحق والسلام ومسار الظلم والظلام وهذا هو الذي يتوطد الآن في مساحة الصراع الدائر على سورية وفي سورية.‏

أما العنصر الثاني في الموقف السياسي فهو حقائق وموضوعية هذا الموقف وعند هذا العنصر تجري الآن معارك كبرى على الساحات العربية والإقليمية والدولية تعادل وتوازي المعارك في ميادين المواجهة عسكرياً وأمنياً.‏

إن الموقف السوري هو جوهر الحقيقة والموضوعية وهو الذي يعكس مشروعية هذا الموقف وضروراته القصوى وبصورة عامة لسنا هواة قتل وتدمير وإنما ندفع عن أنفسنا القتل والتدمير ونريد السيادة والكرامة لنا ولغيرنا ونريد الحرية لنا ولغيرنا أيضاً ،لذلك في كل مواقفنا نقاتل بشرف ونحاور بشرف عناويننا واضحة وسلوكنا واضح ولا مسافة عندنا بين الباطن والظاهر ولا ثغرة فينا يمكن أن تكون ذريعة لكي يستغلها الحاقدون المعتدون والإرهابيون والمستعمرون عنواننا في الموقف هو الأخلاق والقيم كما أشرت إليها في العنصر الأول ومشاريعنا في المواجهة والبناء إرادة وضرورات في سياق واحد ومنهجنا في حمل أمانة حقنا هو الصيغة العضوية المتلازمة التي أكسبتنا قدسية الشهادة وتقنية الانتصار طال الزمن أم قصر، وهنا يكمن أحد أهم خصائص الوطن السوري وأحد أهم الدوافع التي ننتمي إليها وتنتمي إلينا والعالم كله يتفرج ويتابع ولكنه في العمق هو في لحظة الذهول يسأل كيف لدولة صغرى مثل سورية تنتج هذه التحولات والمسارات الكبرى نحن نعرف الإجابة عن أنفسنا عبر متلازمة الحق و الموقف الأصيل في الإنجاز، أما الآخرون فهاهم تحت السمع والأبصار ليسوا منحرفين فحسب ولكنهم أعداء حاقدون يتحركون بدافع الجهل والرعونة وخصائص الغريزة التي مازالت تحكمهم قبل الإسلام وبعد الإسلام، نتابع مسيرة خداعهم في النشاط السياسي ونرى وزير خارجية السعودية القادم على جناح السموم والأحقاد وهو يتصرف كما لو أن سورية من أملاكه وكما لو أن روسيا الاتحادية من أدواته وبعد ذلك يتحدث آل سعود عن موقف ومنهج وهم لايعرفون بأنهم في جوف العتمة وفي الطريق إلى الزوال.‏

ويبقى العنصر الثالث ونختصره في الإرادة والوعي وانسجام تعبيرنا السياسي والعسكري مع حقنا وأخلاقنا فذلك منهج لم يألفه آل سعود وسواهم ولم يبنوا عاملاً واحداً في حياتهم على أساس الحق والأخلاق واستعاضوا عن ذلك كله بهمجية القتل وغرائزية التصريحات السياسية التي تعبر عنهم تماماً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية