تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الموشـــــح.. فـن شـعري ابتدعه العرب

ثقافـــــــة
الخميس 18-8-2011
نجلاء دنورة

فن ممتع وشائق يمتاز بألفاظه الجميلة وتنوع قوافيه وإيقاعه بما يطرب الأذن عند سماعه، له خصائص فريدة تجعله مختلفاً عن الشعر العربي التقليدي..

الموشح فن شعري ابتدعه العرب في ظروف اجتماعية وفنية خاصة، و قد شاع في الأندلس في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وهو منظومة لاتلتزم بالنهج العروضي التقليدي الذي يلتزم وحدة الوزن ورتابة القافية و إنما تُبنى على نهج جديد بحيث يتغير الوزن وتتنوع القوافي، ويتميز في استعماله اللغة الدارجة أو الأعجمية في خِرجه واتصاله القوي بالغناء، مايعطيه رونقاً موسيقياً عذباً تطرب له النفس وتأنسه، والموشحات غالبا ما تنظم لغرض التلحين، وتصاغ لتتفق مع النغم المنشود.. وعرّف /ابن سناء الملك/ الموشّح فقال: هو كلام منظوم على وزن مخصوص بقواف مختلفة, ويتألف في الأكثر من ستة أقفال وخمسة أبيات, ويقال له التام. وفي الأقل من خمسة أقفال وخمسة أبيات, يقال له الأقرع.‏

تسمية الموشّح استعيرت من الوشاح الذي كانت تتزين به المرأة في العصر الأندلسي لتشابههما في التحلي بالزخارف ولما فيهما من ترصيع وتزيين وتناظر صنعة ومن تغير الوزن ومن تنوع القوافي.‏

وتوجد عدة نظريات في نشأة الموشح منها النظرية الأجنبية: والتي أتى بها المستشرق الاسباني /خوليان ريبيرا/ ويذكر أن الموشح هو طراز شعري مختلط، تمتزج فيه مؤثرات شرقية وغربية و أنه قد نشأ نتيجة الازدواج في اللغة، حيث كان الناس يتعلمون اللغة العربية الفصيحة في المدارس والدواوين ويستعملون الأعجمية في شؤونهم اليومية، وكذلك نتيجة الاختلاط بالثقافات الأجنبية والتأثر بالشعر الغنائي الأعجمي.‏

النظرية الفنية: وفيها يذكر ابن خلدون أن الموشح فنٌ مستحدث ظهر نتيجة ازدهار الشعر وكثرة الشعراء.‏

نظرية تطور الأنواع الأدبية: فقد نظّم العرب منذ الجاهلية على أبحر تختلف عن الأبحر التي جاء بها الخليل بن أحمد الفراهيدي وربما استخدموا أكثر من بحر في المقطوعة الواحدة، فتنوعت أجناس النظم و اختلفت أوزان الموشحات و كانت مألوفة وشائعة في القرن الخامس الهجري.‏

النظرية الموسيقية: يقول عمر فروخ في كتابه تاريخ الادب العربي: نشأ الموشح من حاجة المغنّين الى كلام يسايرون به الألحان....فكان الأندلسيون يلقون آذانهم على الألحان ثم يؤلفون عليها الكلمات وبذلك ازدهرت الموشحات في بلاد الأندلس.‏

وللموشحات أغراض عدة منها: الغزل، الوصف، المديح، الرثاء.‏

و للموشح مكونات أساسية تميزه عن غيره من القصائد العربية التقليدية، ففيه المطلع والقفل والدور و الغصن والسمط والبيت والخرجة. وهذا ما ساعد على انتشاره بصورته الاصلية ولم يطرأ علية أي تغيير مع مرور العصور.‏

وكان أول من نظّم الموشّح في مصر في القرن السادس الهجري /ابن سناء الملك/ ومن أهم كتبه «دار الطراز في عمل الموشحات».‏

أقبل المصريون بعد ذلك على الموشّح و على غنائه فكانوا يقدّمون عروضهم في المقاهي والحفلات التي تسبق يوم الزفاف، وأطلق على حفظة الموشحات من المصريين اسم «الصهبجية»، ثم انتقل غناء الموشحات من المقاهي إلى المجالس الخاصة بالقصور وتم استبدال بعض الألفاظ التركية بألفاظ عربية، ومن أبرز ملحني الموشحات في مصر محمد عثمان وعبده الحامولي و داوود حسني وزكريا أحمد وسيد درويش و غيرهم.‏

أما الموشحات الدينية فقد ازدهرت في العصر الفاطمي نتيجة الاهتمام بالاحتفالات والمناسبات الدينية، وتهدف الى مناجاة الله سبحانه و تعالى والتقرب له ومدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ومن رواد الموشح الديني في العصر الحديث زكريا أحمد و كامل الخلعي.‏

وقد اختلف النقّاد والباحثون على تسمية المؤلف الفعلي لفن الموشحات، فمنهم من ذكر أنه أبو بكر عبادة بن ماء السماء، الشاعر القرطبي الفحل، شاعر الاندلس و رأس الشعراء في الدولة العامرية، وبرع الكثير من الشعراء في فن الموشحات منهم عبادة القزاز، والأعمى النطيلي الذي يعتبر كبير شعراء الموشحات في عصر المرابطين، وابن باجه الفيلسوف الشاعر، ولسان الدين بن الخطيب وزير بني الأحمر بغرناطة، بالاضافة إلى ابن سناء الملك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية