تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستثمار المصرفي في الثروة المهاجرة.. فرص ضائعة تحتاج لجهود أكبر

مصارف وتأمين
الخميس 18-8-2011
أمل السبط

تكتسب أعمال التحويلات خلال الفترة الراهنة أهمية متزايدة وخاصة انها تنمو باطراد حيث وصل حجمها عالمياً عام 2010 إلى 305 مليارات دولار وفقا لشركات تحويل الأموال الدولية

فعدد الأشخاص المحولين حول العالم يبلغ 200 مليون نسمة وفي سورية تبدو البيئة الاقتصادية الآن تعول كثيراً على استثمارات السوريين المقيمين في الخارج وهنا يجب استغلال هذه الحلقة التي يسود اعتقاد خاطىء بأنها تسهم بالنمو ، بينما جهود المغتربين تذهب سدى في الاستهلاك‏

محفز أم مثبط‏

تعتبر سورية من الدول المستفيدة من تحويلات مهاجريها المقيمين بالخارج ولعل من المهم التساؤل عن أهمية هذه التحويلات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة أن الاقتصاديين غالباً ما يثيرون هذا الجانب معتبرين أن لها أثراً ايجابياًمن ناحية مساهمتها في التخفيف من الفقر والرفع من حجم الاستهلاك الذي يساهم في حث عجلة الاقتصاد على الدوران وزيادة نشاطها بما يعين على توفير أرضية لخلق وحدات انتاجية لتلبية الطلب المتزايد وبغض النظر عما يمكن أن تحدثه تحويلات المهاجرين على المستوى العائلي من حيث اسهامها في رفع القدرات المالية للأسر وتمكينها من توفير فرص عمل أفضل ومن إمكانية تشكيل نوع من الرأسمال القابل للاستثمار في مجال من المجالات ، فإن هذه التحويلات تساهم أيضا في تقليص عجز ميزان الأداء وفي الرفع من احتياطي العملة الصعبة لتغطية الواردات ولكن غالبا ما تحجب هذه الآثار الايجابية بعض الجوانب السلبية التي تنتج عن تزايد تدفق التحويلات ومن ذلك الرفع في مستوى السيولة النقدية التي لا يسايرها دائماً رفع في مستوى الانتاج نتيجة ضعف الاقتصاد ما يؤدي إلى رفع معدلات التضخم !‏

ولا يمكن أن نستثني هنا النظام المصرفي الذي يتحمل جزءاً من المسؤولية لأن ارتفاع تحويلات السوريين على شكل ودائع بنكية لا يتم تصريفه في القروض الموجهة للاستثمار إلا بشكل ضئيل !‏

وبينما يصعب تحديد رقم لتحويلات المغتربين السوريين الرسمية لا تمثل الأخيرة أيضاً اجمالي التحويلات نظراً لكون الكثير من الأموال تمر بقنوات لا تسجل فيها ، ما يعني محدودية تأثير هذه التحويلات على النمو الاقتصادي الاجمالي فعقود من التحويلات الرسمية أسهمت بخجل في نمو الاقتصاد الوطني ..‏

هذه المسألة تطرح اليوم تحديات كثيرة أمام النظام المصرفي الذي لم يستقطب إلانذراً يسيراً من مدخرات السوريين الخارجية ولم يجد الأدوات الفاعلة القادرة على إعادة توطين جزء من الثروة السورية المهاجرة في قنوات ملائمة كالاستثمار في الصناعات التحويلية وقطاع الزراعة والسياحة .‏

فالمصارف السورية لم تبذل حتى الآن جهوداً تذكر على هذا الصعيد فيما اقتصرت مبادراتها على السعي للتواصل مع المغتربين السوريين عبر الخدمات المصرفية التقليدية كالحصول على وديعة من هنا أو تمويل اعتماد تجاري من هناك !‏

إن العمليات المصرفية الحديثة التي يمكن أن تتبعها المصارف السورية توفر أدوات فاعلة لربط الثروة السورية الخارجية بالوطن الأم وتساعد قطاعات الاقتصاد على إظهار امكاناتها ويمكن الإشارة في السياق إلى عمليات الصيرفة الاستثمارية ودورها في تحقيق هذا الهدف عن طريق إعادة الرسملة باستقطاب مستثمرين جدد مساهمين أو دائنين .‏

وهذا هو الدور المنتظر من المصارف السورية خلال المرحلة المقبلة ولاسيما أن تحويلات السوريين مثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي رساميل تجوب البلاد بحثاً عن فرص للاستثمار ما يظهر مستوى أهميتها ومحوريتها في تحريك الاقتصاد مجدداً !‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية