تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نحو الإصلاح الاقتصادي .. فضلية: نهج اقتصاد السوق مستمر والهوية القادمة اقتصاد زراعي صناعي سياحي

اقتصاد
الخميس 18-8-2011
مرشد ملوك

ربما تكون عبارات مثل «إصلاح» أو «تطور مستمر» وكل ما له علاقة بالولادة الجديدة لأي عمل، تصلح لأي زمان وفي أي مكان، وتصلح أيضاً لأي اتجاه سواء بالسياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع.. الخ.

من هنا كان لزاماً علينا رفع شعار الإصلاح المستمر وخاصة في المجال الاقتصادي، ولا نتعجل على ذلك الشأن الاجتماعي، فقد يقف المواطن والمتابع والدارس اليوم يتساءل: إلى أين يسير الاقتصاد السوري؟ بعد عشر سنوات من الإصلاح في البنى الاقتصادية، هل بالفعل ما يزال النهج اقتصاد سوق اجتماعي؟ وماذا عن هوية هذا الاقتصاد؟ هل سنستمر بوتيرة دعم القطاع المالي والنقدي؟ والطرح الأبرز من كل ما سبق ماذا عن بنى الاقتصاد والحقيقي المتمثل بالزراعة والصناعة والسياحة وصولاً إلى التجارة؟‏

لذلك إيماناً منا من أن الإصلاح كالشمس والهواء للاقتصاد، سنبدأ اعتباراً من هذه المادة بطرح ونقاش ملامح الإصلاح القادم عبر ملفات خاصة، والنقاش مفتوح للجميع، والبداية الآن ستكون مع نائب عميد كلية الاقتصاد وعضو لجنة الإصلاح الاقتصادي الدكتور عابد فضلية الذي بدأ قائلاً: إن اللجنة التي شكلها السيد رئيس مجلس الوزراء، تهدف إلى دراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي في سورية ووضع المقترحات المناسبة حولها، ويتمثل ذلك بدراسة واستقراء الواقع، نتيجة تطبيق الخطط الخمسية السابقة، وخاصة الخطة الخمسية العاشرة، إضافة إلى مدى سلامة الخطة الخمسية الحادية عشرة في معالجة الواقع الذي تم استقراؤه بمعنى : ماذا حققت «الخمسية العاشرة» للاقتصاد والمجتمع؟ وماذا كان صائباً أو منحرفاً منها؟ وماذا كان منحرفاً عن توجهات مقررات المؤتمر القطري العاشر للحزب المنعقد في العام 2005؟‏

نجاح مادي‏

فضلية يرى أن الحكومة السابقة بذلت جهوداً كبيرة وقد أصابت في أماكن ولم تنجح في أماكن أخرى.‏

لقد أصابت في تحقيق النمو في الجانب المادي للاقتصاد ولم تحقق النجاحات في الجانب الاجتماعي بنفس القدر المحقق في الجانب المادي، وهنا الخلل، لذلك لن نقول إن نهج اقتصاد السوق الاجتماعي مازال هذا النهج المقر والمعتمد، وسيبقى مع تعديل في الأولويات وهذا ما ذكره السيد الرئيس بشار الأسد باقتصاد «نهج جديد» أي اقتصاد سوق اجتماعي بأولويات جديدة، ومختلفة عن السابق في الآلية والتطبيق، فالخطة الخمسية العاشرة كانت مبنية بشكل جيد، لكنها كانت متفائلة أكثر من اللازم وكانت طوباوية أكثر من اللازم، وهي لم تستند إلى الإمكانات الحقيقية بالسلبيات والإيجابيات وقد كان جزء كبير منها تمنيات، لذلك حققت السيناريو التشاؤمي لا التفاؤلي.‏

النهج ثابت‏

عضو لجنة الإصلاح الاقتصادي يؤكد أن نهج اقتصاد السوق الاجتماعي لن يتغير، إذ من غير المنطقي أن يتغير النهج الاقتصادي كل خمس سنوات، لأنه عندما نقول نريد أن نغير نهجاً فيجب أن نعطيه وقتاً ولعدة خطط خمسية، وبالطبع خمس سنوات غير كافية لكي نحكم على هذا النهج إن كان صحيحاً أو خاطئاً أو منحرفاً فالنهج يعني تطبيق لفترات من 10 أو 15 أو 20 سنة.‏

لقد استقرأنا وجود تراجع بالمؤشرات الاجتماعية وهناك نمو مقبول بالمؤشرات المادية، لذلك يجب أن نكون أكثر واقعية في المستقبل، ويكون لدينا القدرة على معالجة الوضع الحالي الذي يتسم بالبطالة وفي ارتفاع نسبة الفقر وفي ضعف العمل المؤسساتي، كما أن التنمية لم تتحقق في قطاعات الاقتصاد الحقيقي بالمستوى المطلوب، فالزراعة تراجعت نسبياً رغم التقدم فيها، والصناعة تضررت كثيراً نتيجة الانفتاح وتحرير التجارة ومن هنا يجب إعادة ترتيب الأولويات.‏

متفقون على الهوية‏

وحول ما يدور حول هوية الاقتصاد السوري بين عضو لجنة الإصلاح الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن أعضاء اللجنة متفقون على هوية الاقتصاد السوري، الذي يجب أن يكون اقتصاداً زراعياً صناعياً بدون أي فاصلة بين الكلمتين وفيه قطاع سياحي قوي.‏

لماذا اقتصاد زراعي صناعي سياحي؟ أي عملية إنتاج ترتكز على أربعة عناصر تتمثل بالعمل والأرض والموارد الطبيعية ورأس المال والتنظيم (الاستحداث)، وهذه العناصر الأربعة هي من تخلق الإنتاج، إذ عندما نقول العمل نجد أن لدينا عمالة زراعية ماهرة نسبياً ومتوفرة وخيرة بالزراعة، وهذا الأمر لا يؤهلنا الدخول بالصناعات الثقيلة في هذه المرحلة.‏

أضف إلى ذلك لدينا مهارات بالصناعة ومنها الصناعات التحويلية والنسيجية والغذائية والكيميائية أضف إلى أن سورية مشهورة بصناعاتها التقليدية أيضاً وهي عمالة ماهرة.‏

أما العنصر الثاني المرتبط بالأرض والموارد الطبيعية، فإننا نملك الأرض والمدخلات للصناعة التحويلية ولدينا الترتيبات المادية، ونحن بالنهاية دولة زراعية إذ لا يجوز أن أختار هويتي بعيداً عما لدي من إمكانيات وموارد ومدخلات.‏

رأس المال‏

أما العامل الثالث الذي يحدد هوية الاقتصاد السوري والمتمثل برأس المال يفند فضلية، بطبيعة الحال فإن الزراعة والصناعة التحويلية يحتاجان المال والاستثمارات وهذا متوفر لدينا نسبياً إذ أنني لا أستطيع أن أختار الآن صناعة الطائرات والبرمجيات.‏

أما العامل الرابع والأخير المتعلق بالإدارة والتنظيم فلدينا قطاع أعمال لديه خبرة في الزراعة والصناعة والسياحة.‏

على ذلك واستناداً إلى العوامل السابقة فإن هوية الاقتصاد السوري زراعي صناعي سياحي.‏

وبقية القطاعات الصناعية والخدمية سواء في أعمال المصارف والتأمين مهمة جداً لكنها ليست الأولوية وهي قطاعات خادمة لقطاعات الاقتصاد الحقيقي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية