|
مجتــمـــــع معاناة اجتماعية بالدرجة الأولى.. ومعاناة تكييفية بالدرجة الثانية من العالم المحيط.. لنعتهم بالنقص حتى ولو لم يكن شفاهة..وتقديم نظرات العطف دون الإسهام في أي مساعدة فعلية.. معوقون كثر سطروا أروع الإنجازات بتحديهم لواقعهم المؤلم.. فحولوه إلى واقع حي بعيد عن أي محاولة للإحباط والاستسلام.. ولكن لابد من وجود ولو عامل مساعد واحد حتى يتحدى المعوق واقعه المؤلم.. ويصدر خوفه وعجزه إلى أن ينطلق في خضم هذه الحياة.. استناداً إلى منظمة العمل الدولية، يقدر عدد الأشخاص المعوقين في العالم ممن بلغوا سن العمل 286 مليون نسمة، وترتفع نسبة البطالة في بعض البلدان إلى 80 في المئة.. علماً أن جهوداً كبيرة تقام في سورية في هذا المجال بالتحديد.. وغالباً مايواجه المعوقون بأنهم غير قادرين على العمل وتحمل تبعاته... فعلى الرغم من أن المعوقين حرموا من نعمة الحياة الطبيعية بسبب إصاباتهم، وتجرعوا ألوان الحرمان والمرارات، وقدروا على تحمل صعوبات العمل ومجهوداته الجبارة ليقنعوا المجتمع في النهاية أنهم أعضاء فاعلون فيه، وأنهم أبناء صالحون للوطن يحبون العمل من أجل رفعته كما يحبها الآخرون.. وطبعاً نجد أن لكل معوق قصة رائعة.. هذا إن سنحت له الفرصة لتقديم ذاته.. وتطوير نفسه.. ليبقى السؤال طارحاً نفسه بكل أسى.. ما الحال لأسرة مكونة من 13 فرداً أربعة منهم معوقون.. ولا مصدر للدخل لديهم؟؟ إضافة إلى أن لا أحد منهم يتربع على السلم الوظيفي لا لقطاع عام ولاخاص؟. بأسئلة كثيرة مبهمة الإجابة عليها.. وألم عميق.. وحيرة مبعثرة.. يحدثنا بها السيد ماجد أحمد صالحة مواليد 1969 من قرية «دير الجرد» التابعة لمنطقة القدموس في طرطوس فيقول: ما من باب إلا وقرعته.. مامن وسيلة إلا وجربتها لكي أحظى بحياة لائقة أنا وإخوتي ولكن ما من مجيب.. وكلما تقدمت لجهة يقولون معوق لا يمكن الاستفادة منه!! بالرغم من الاتجاه الذي يجري مؤخراً لتوظيف المعوقين خاصة.. علماً أن كل فترة والثانية تصدرمراسيم ولكن لم نلق الإجابة من أي جهة ويبدو أننا خارج السرب.. منذ العام 1988 وبعد نيلي شهادة الثانوية العامة أي منذ 23 عاماً وأنا أتابع هذا الموضوع رغم الإعاقة الحركية في قدمي، فأقطع مسافة أكثر من 70 كم من قريتي إلى المدينة لكي أترجى فلاناً وفلاناً وحتى تاريخه لم أجد نتيجة تذكر!!. طبعاً نحن لانطلب معجزة ولكن مانريده المساواة مع غيرنا أو إنصافنا على الأقل.. فعندما أرى اهتماماً ينصب هنا وهناك أسأل نفسي ما معنى العدالة، وهل لها قاموس أو ناموس في واقعنا الذي نعيشه؟!. الكل يعلم أن للمعوق الأولوية في التوظيف.. فكيف لو كانوا أربعة من عائلة واحدة ومن أسرة لاتجد ما يعيلها.. أفرادها الباقون يعملون لدى عائلات هنا وهناك، وآلام كبيرة يتحملونها. ويضيف صالحة فيقول: إن منطقتنا غير زراعية ولايمكن الاستفادة من أي شبر أرض فيها.. أما أنا فأستغل ذهابي للمدينة وأطلب من هذا وذاك.. فهل هذه الحياة ترضي أصحاب العلاقة؟ من دون أن أعلم الإجابة لا..!!. كما أنني لم أكن أتمنى أن تصل مشكلتي إلى هذه المرحلة.. فكل الدروب سدت في وجهي. وفي النهاية لم أحصد سوى الخيبة.. ونجد أن البرنامج الذي تبنته وكفلته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبتشجيعها للشركات الخاصة والعامة لتوظيف هذه الفئة، قد أثلج صدور الكثيرين منا وحقق المساواة التي بحثنا عنها زمناً طويلاً.. وما أتمناه في النهاية.. أن يرسم لنا طريق نسير فيه.. فالمبادرة الطيبة والمجهودات التي قامت بها الجهات المعنية قدمت عوناً لأفراد كثر أثبتوا فعاليتهم وركزت في أذهان المجتمع قدرة المعوق على تجاوز كل المحن.. وإضافة بصمة عون هم بأمس الحاجة لها.. ولكن.. يؤلمنا كثيراً التمييز.. ولايسعنا سوى الترجي.. |
|