|
مجتــمـــــع ورش عمل وآراء جميعها سلطت الضوء وبلغة العرض والتحليل على أهمية الطفولة ورعاية أدوارها بالشكل الأمثل وبمايجعلها آمنة عن الصراعات والاضطرابات التي يشهدها أي مجتمع من المجتمعات ونحن جزء منه ولكن ومع ماتشهده سورية من أحداث خطيرة ومؤلمة بفعل المؤامرة الكونية العالمية نطرح سؤالاً هنا ما شعور أي منا عندما يرى طفلاً أو مجموعة أطفال في سن اليفاعة يتبارون في الشارع على أعمال العنف وبطريقة مخجلة وصادمة يشاركون الكبار بقطع الشوارع ويرشقون رجال الأمن وحفظ النظام بالحجارة وغيرها من الأدوات الحادة، يحرقون، ويقتلون، ويخربون؟ والنتيجة هو استغلال هؤلاء الأطفال سياسياً من قبل الجماعات والعصابات الإرهابية المسلحة التي أخذت تعتمد على هذه الشريحة كمنصات إطلاق لخدمة أهدافها ومشاريع أسيادها من دول الغرب والإقليم. فالطفل هو عضو في هذا المجتمع وطرف فيه مثل والده ووالدته، وفي هذا السياق تتساءل الدكتورة أمل يازجي رئيسة قسم القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة دمشق في ندوة حوارية على الفضائية السورية بالقول: هل سنقيم وصاية على الطفل إلى أن يبلغ سن18 من عمره أو سن البلوغ حسب الدولة حتى يبدأ المشاركة السياسية أم ستكون المشاركة لها ألوان أخرى وحكماً خارج الطريق لأن التعرض للشارع ليس مأمولاً بكل أشكاله، وخاصة أن الطفل غير قادر أن يعبر أكثر من الصورة لمجرد الصورة التي تلتقط له وتعكس صورته على الشاشة. وقالت الدكتورة يازجي: إنني كمراقبة خلال 3 أشهر من الأحداث التي تشهدها سورية فإن ماسنبنيه اليوم ليس لسورية فقط في هذه الأزمة وإنما لطفل سورية مستقبلاً للأجيال القادمة التي لم تولد بعد. ولكن تطلعي لبعض الأطفال الذين شاركوا وكانوا بكم كبير من الحرارة والإيمان لما يقولونه فهو جميل، تكلموا بالشعر تحدثوا عن الوطنية بعاطفة راقية جداً. فيما أطفال آخرون في الضفة الأخرى يحملون الحجارة، والعصي يستغل براءتهم من يقوم بأعمال الشغب والتخريب من أفراد العصابات المسلحة والتي ادعت شعارات الإنسانية لتمرير فعلها الشنيع، لذلك من هنا يأتي السؤال أين مكان هؤلاء الأطفال جميعهم هل هو الشارع أم خارج الشارع؟ معتقدة أن الحوار سيؤدي بنا في النهاية إلى الإجابة عما سيكون وأين يكون. تشكيل الهوية وتؤكد الدكتورة يازجي على قضية في غاية الأهمية تقوم على مسألة إذا أعدنا تبسيط الفكرة فإن العمل منذ الصغر ولغاية الـ 18 سنة سيكون على مفهوم بلورة المواطنة والتي هي مجموعة حقوق مدنية وسياسية ليس بمعنى التخريب وإنما بمفهوم تشكيل الهوية التي ينتمي إليها الفرد لتذوب بهذا الفضاء لمواطني مجموع الانتماءات الصغرى التي قد يتحزب لها الطفل؟ وبالتالي فالعمل هنا يجب أن يكون على الهوية الوطنية لأن الطفل يصنع من خلال مدرستين كبيرتين الأولى هي الأسرة والثانية هي المدرسة، وهنا يظهر الدور الرائد للدولة، كما تشير أستاذة القانون الدولي من ناحية أن الدولة إما أن تعكس وجهة نظر وطنية متكاملة لتكون عاملاً موحداً للعناصر الداخلة في تركيب مفهوم الشعب فيها، وإما أن تقوي المفاهيم الفردية أو التعصبات والتحزبات الخاصة. هذا البناء في مستوى الهوية الوطنية في رأيها يتم من خلال توعية الطفل أولاً بمجموع الحقوق المدنية التي يتمتع بها من الاسم والجنسية إلى كامل الحقوق المدنية، ثم توعيته على دور القانون في صوغ هويته ما حقوقي، ما التزاماتي، ما واجباتي؟، كي يفهم مفهوم الحق والالتزام وليعرف الفرق مابين الحق والحرية، وإذا كان السؤال متى يأتي القانون لينظم هذه الأمور، فالجواب إن هذه مسؤولية الدولة من خلال جهازها التربوي المؤطر سواء أكان تعليماً حكومياً أم خاصاً بمعنى نظرة فلسفة تمتلكها الدولة، وتعكسها السلطة عادة من خلال المؤسسات المختلفة. وتضيف الدكتورة يازجي أنه عندما نصل إلى صوغ فكرة أساسية لدى المواطن الطفل يمكن لنا القول تبدأ التأثيرات المختلفة للعناصر التي يحيا ضمنها، الأسرة وانتماءاتها والحي وانتماءاته السياسية، موضحة أن الطفل قد يتأثر بجو الأسرة، لكنه لايتخرب، وإنما يبقى أصلاً منضبطاً ضمن منظومة القانون التي تشير عادة إلى سن معين لايمكن أن تمارس العمل السياسي كاملاً، لكن ماتقدم لايعني أنه لايمارس أي صورة من صور العمل السياسي. جهاز تربوي شامل وفي السياق ذاته تلحظ الدكتورة يازجي أنه لايمكن مقارنة دور الأسرة بدور المؤسسة والتي هي جزء من جهاز تربوي شامل، فمنظور المدرسة هو أعلى من جزئيات من الممكن أن تذهب إليها الأسرة، أي هو عامل موحد بين مجموع الأفكار ضابط لها ومصحح، على اعتبار لايمكن القول في أي مجتمع من المجتمعات كل الأسر على ذات المستوى من الوعي والقدرة في صياغة الهوية الوطنية، وإلا لم نكن قد رأينا بعض التصدعات؟. وقالت: إن السلطة الممنوحة هي التي تهذب وتوحد بين هؤلاء الأطفال مايعني أن الطفل يمكن أن يأتي من اليمين أو اليسار، ولكن المدرسة هي تجمع بين الفقير والغني، مابين اليميني واليساري وتوحد الرؤية لكي يؤمنوا جميعاً بمقولة إني أنا وباختلافاتي أشترك معك دون هذا الوطن فيما هو بالأصل أعلى من اختلافاتنا. هذا الدور لايمكن للأسرة أن تلعبه، ومن هنا نقول على الأسرة أن تنمي الوعي والدور الأساسي لكون الجهاز وصاحب المؤسسة التي نسميها بالسياسة ضمن منظومة تجمع وتصل إلى هدف تعمل الدولة لتحقيقه باستمرار، فنحن لانعلم الأطفال لمجرد التعليم كي لايصبح عالة على المجتمع وإنما ليبني وطنه ويعيش من خلال أسرة في مجتمع صغير وكبير. |
|