تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإصلاحات السورية والهستيريا الأميركية!!

شؤون سياسية
الأثنين 22-8-2011
محمد عبد الكريم مصطفى

يخطئ من يعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية تبني سياساتها الخارجية على أساس مساعدة الشعوب الفقيرة والوقوف إلى جانبها للحصول على حقها في حياة كريمة

سواء في المجال السياسي وممارسة الديمقراطية أم في الجانب الاقتصادي وصولاً إلى التنمية الشاملة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي تنعم به شعوب الغرب وأميركا من الناحية النظرية.‏

إن الولايات المتحدة الأميركية كما أتباعها في الغرب الاستعماري تبني سياستها على نظرية واحدة هي أنه «ليس في السياسة أخلاق.. بل مصالح»، انطلاقاً من هذه الرؤية نعلم تماماً أن كل ما يحرك السياسة الأميركية هو مصالحها ومصالح إسرائيل الحليف الاستراتيجي الدائم لها في منطقة الشرق الأوسط، والسؤال الذي يتداوله الشارع السوري في ظل الحملة المسعورة التي تشنها الإدارة الأميركية وأدواتها في المنطقة العربية: لماذا ارتفع سقف التصعيد ضد سورية في المرحلة الأخيرة لينضم إليها جميع حلفاء أميركا في المنطقة، تزامناً مع تقدم حركة الإصلاح في سورية؟ ومن هي الجهة المستفيدة من استمرار حالة نزيف الدم السوري وبقاء حالة عدم الاستقرار في سورية؟‏

في واقع الأمر لاتوجد مؤامرة على سورية فقط بل هناك خطة حرب محكمة على سورية من قبل أصدقاء إسرائيل الذين تولد لديهم قلق حقيقي من تنامي الدور السوري الممانع في المنطقة، وهذا ما لا تخفيه الإدارة الأميركية، حيث صرحت نائبة وزير الدفاع الأميركي منذ أسابيع مضت معلنة أن على القيادة السورية فك ارتباطها بإيران وحزب الله وحماس حتى تعود الحياة الطبيعية إلى المدن السورية، كما بينت زيارة السفير الأميركي في دمشق «فورد» إلى مدينة حماة ولقاؤه بالمخربين الدور الأميركي المباشر في الأحداث الجارية في سورية، في الوقت الذي امتنع فيه السفير ذاته على الرد على الإعلام والتعليق على المجازر البشعة والمقابر الجماعية التي افتعلتها العناصر الإرهابية في جسر الشغور!‏

لذلك ترى الولايات المتحدة الأميركية أن الدور السوري بتحالفاته الاستراتيجية يشكل حالة خطر على الأجندة السياسية الأميركية المعدة لمنطقة الشرق الأوسط، ولاسيما أن لسورية تطلعات مشروعة في إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة برمتها بما يمتلكه السيد الرئيس بشار الأسد من رؤى استراتيجية لمستقبل المنطقة والتحولات اللازمة لتلبية مصالح شعوبها وإنهاء حالة الاستعباد التي يمارسها الغرب على شعوب ومقدرات المنطقة من خلال بقائها في دائرة التوتر والصراعات المحلية من جهة واعتمادها على المنتج الغربي بشكل عام من جهة أخرى، الوضع الذي يبقيها على حالها من التخلف والتبعية الاقتصادية والعلمية لأميركا وحلفائها.‏

ومع قرب انسحاب القوات الأميركية من العراق وإضعاف الدور الأميركي في السيطرة على مجريات الأحداث هناك، ترى الولايات المتحدة الأميركية أن أصدقاءها سيصابون بحالة عجز حقيقي عن حماية المصالح الأميركية وليس لديهم القدرة الفاعلة على تنفيذ الخطط الأميركية، في ظل وجود قوى فاعلة أخرى تمتلك مقدرة شغل الفراغ الذي ستتركه القوات الأميركية وفي مقدمتها سورية بما تمثله من فكر قومي تقدمي ممانع للاستعمار بكل أشكاله وألوانه ومنفتح ومتفاعل في الوقت ذاته على شعوب المنطقة كلها، وهذا ما يقف حجر عثرة في وجه تنفيذ المخطط الاستعماري المنوي تطبيقه حتى خروج القوات الأميركية من العراق، وقد أدت سلسلة الإصلاحات الأخيرة الواسعة التي وعد بها السيد الرئيس بشار الأسد ونفذها بسرعة مذهلة على أرض الواقع إلى حالة من الهستريا السياسية لدى الإدارة الأميركية التي تسعى بكل جهدها من خلال المال السياسي الذي تضخه ليتحول في سورية إجراماً وعمليات إرهابية فظيعة بمساعدة مباشرة من أطراف إقليمية أعمتها حرب التضليل الإعلامي ضد سورية عن رؤية حقيقة ما يجري على الأرض السورية، والسؤال الأهم الذي يفرض ذاته هو: ما مصلحة الدول العربية والإقليمية هذه في زعزعة الأمن والاستقرار في سورية؟‏

وما مصير أنظمة هذه الدول في ظل ما يخططونه لسورية؟‏

Email:m.a.mustafa@mail.sy

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية