تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


.. ولو كلمة عتاب

معاً على الطريق
الخميس 25-8-2011
عبد النبي حجازي

الخلافات التي لا تزال مستعرة بين الكيان الإسرائيلي ومصر منذ حادثة استشهاد ضابط مصري وأربعة جنود من الأمن في سيناء التي أثارت ردود فعل سياسية وشعبية غاضبة في مصر،

ولا مبالاة في الكيان الإسرائيلي وتحديه بشكل فاضح ورخيص، لأنه يعرف أن وضع مصر في هذه المرحلة (غير مستقر) وأن قدرتها على المجابهة العسكرية غير متوافرة أضف إلى أن إسرائيل تضمن المساندة المطلقة من أميركا.‏

رغم كل هذه المنزلقات فإن المرء يقف بمهابة أمام مصر أكبر دولة عربية عريقة ولن نعود إلى عهد الفراعنة ولا إلى عهد عمرو بن العاص وإنما لنبتدئ بعصر النهضة لنتذكر الجانبين السياسي والثقافي: أحمد عرابي وسعد زغلول وطه حسين ونجيب محفوظ وأم كلثوم وعبد الوهاب.. ونذكر أنها احتضنت شخصيات سياسية وثقافية عربية (من سورية ولبنان) مثل عبد الرحمن الكواكبي ويعقوب صنوع ومي زيادة وأبو خليل القباني وكثيرين.. ساهموا في بناء النهضة العربية، ثم نقفز إلى العام 1952 عندما قامت ثورة تموز (يوليو) بقيادة جمال عبد الناصر الذي واجه الاستعمار بعنفوان عربي ورفع اسم مصر عالياً. أما خليفته أنور السادات فيبدو أن طموحه جعله يبحث عن دور يتميز به فلم يجد سوى الذهاب إلى (الكنيست) الصهيوني في العام 1978 ويمد يده لمصافحة (القتلة والمجرمين) من قادة الكيان الإسرائيلي، وكانت معاهدة (كامب ديفيد).‏

ثلاثة وثلاثون عاماً من السادات إلى مبارك وسائر أعوانهما ولم تتحقق خطوة واحدة من خطوات التطبيع بين الشعب المصري والكيان الإسرائيلي، إلا أنه في المرحلة الأخيرة كشفت التحقيقات عن اقتناص مكاسب مادية من جراء بعض الصفقات التجارية كبيع الغاز إلى إسرائيل (بأسعار مخفضة) بينما كان أبناء الشعب المصري يلوبون بحثاً عن (قارورة غاز) فلا يجدون.‏

كانت إسرائيل بعزلة مطبقة سياسياً وتجارياً وليس لها إلا الرعاية الأميركية وجاءت (كامب ديفيد) لتكسر هذه العزلة في دول العالم الثالث، تعترف بها وتقيم علاقات اقتصادية وعسكرية معها، وصارت تبيعها أنواعاً من الأسلحة، وتوغلت في دول إفريقيا وقامت بعلاقات وشيجة، أي إن (كامب ديفيد) أنعشتها وبعثت فيها الحياة.‏

ولا يمارى أن أميركا لم تكن حاضنة (كامب ديفيد) وحسب تهيئ لها الأجواء المناسبة فكانت اتفاقية (وادي عربة) مع الأردن وهي كالحب من طرف واحد وإن أبهجت إسرائيل فإنها لم تسبب للأردن سوى المتاعب مع استحالة التطبيع. وكانت معاهدة (أوسلو) مع عرفات الذي كان يريد موطئ قدم في فلسطين فحوصر في رام الله واغتيل في ظروف غامضة.‏

ولا يخلو الأمر من علاقات (محتشمة!) وجانبية بين إسرائيل وبعض الدول العربية كفتح مكاتب وتبادل خبرات وتعامل تجاري بعيداً عن عيون (العواذل) وإذا افترضنا سلامة الطوية في كل هذه العلاقات فإننا نتساءل: تحاصر غزة ويتعرض أهلها للإبادة، وتعتدي إسرائيل على لبنان ولا نسمع ولو (كلمة عتاب)؟‏

abdunnabi.hijazi1@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية