|
ثقافة استقبلني الرجل في بهو الفندق فقدمت اسمي وجلسنا في بهو الفندق حيث طلب لي وله القهوة وعصير البرتقال وبدأنا الحديث فقلت له: لا أريد لحوارنا أن يكون تقليدياً حدّثني كما يحلو لك عن تجربتك في الشعر والحياة فابتسم ابتسامته العذبة وكان وجهه يشع بالذكاء وسحنته سحنة فلاحية عراقية قال: بدأت كتابة الشعر منذ كنت طالباً في الثانوية وانتسبت بعد نيلي الثانوية العامة إلى الكلية العسكرية ببغداد. وتخرجت منها ملازماً ثم حكم علي بالإعدام من قبل نوري السعيد حيث كان عميلاً بريطانيا وكنت منظماً في الجناح العسكري للحزب الشيوعي العراقي فهرّبني الحزب إلى جبال كردستان ومنها هربت إلى الاتحاد السوفييتي وهناك كتبت ديواني الأول/ أباريق مهشمة/ ثم فضلت الإقامة في براغ حيث كان يقيم الشاعر محمد مهدي الجواهري فكتبت في براغ ديواني الثاني / الذي يأتي ولا يأتي/ بعدها أصابني الحنين إلى الوطن العربي وطالما أن العراق لم يعد ممكناً فضلت اللجوء إلى مصر جمال عبد الناصر فقابلته أول وصولي وبعده وجرت لي معه عدة لقاءات.. نما من خلالها حسي العروبي مطعماً بالماركسية التي نشأت عليها وقرأ لي عدة نماذج من شعره في جميع مراحله ولم يكن وقتها قد تجاوز من العمر الثلاثين عاماً. كان معجباً بالشاعر عمر الخيام وكتب عنه عدة قصائد وبفريدريك غارثيا لوركا وببابلونيرودا وببدر شاكر السياب كان أنيقاً كريماً حاضر البديهة ومهذباً وسليط اللسان في تناول الشعراء الرجعيين وهو أحد رواد الحداثة الشعرية العربية، أمضى البياتي سنوات عمره الأخيرة في دمشق ومات ودفن فيها. التقيته قبل وفاته بأيام في مطعم قصر البلّور فذكرني بهذا اللقاء في فندق سميراميس وقال لي أنه قرأ مجموعتي / صور السهل الأزرق/ وقميص الخراب/ بإمعان وإعجاب وبعدها رحل عن هذا العالم. |
|