تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محطة محردة.. التلوث يطال البشر والشجر والحجر... رغم تحويلها للعمل على الغاز.. مازال الفيول مستخدماً !!... مؤشرات الصحة: ازدياد حالات الأمراض المستعصية بين السكان

مراسلون وتحقيقات
الأربعاء 29/6/2005م
محمد مصطفى عيد

عند الوصول إلى مشارف مدينة محردة, تطل عليك محطتها الحرارية لتوليد الطاقة بعنفاتها الأربع الشامخة , تطلق انبعاثاتها الغازية على دائرة واسعة من المناطق المحيطة بها,

فعند استيقاظ كل مواطن صباحا في مدينة محردة وحلفايا, يرى بالعين المجردة طبقة هباب الفحم ( الشحار) على أرضية بيته وأسطحة المنازل والسيارات, ونثرات هباب الفحم هذه تنتشر في أجواء تلك المنطقتين, تضل طريقها إلى عيون المواطنين ما يضطرهم لمراجعة طبيب العيون لإزالتها, كما أكد أهالي المنطقة على ازدياد نسبة الأمراض وخاصة السرطانات وتضرر بعض الزراعات والسبب برأيهم هو ما تطلقه المحطة من انبعاثات غازية, فعمل المحطة يتم حاليا على مادة الفيول وهو سبب رئيسي في انتشار هذه الانبعاثات الغازية, مع العلم أن المحطة تم استثمار تشغيلها على الغاز بعد تحويلها لفترة قصيرة واعتبرت هذه الفترة, فترة ذهبية بالنسبة لأهالي المنطقة, نظرا لانخفاض نسبة التلوث, إلا أن هذا الأمر لم يستمر بسبب عدم توفر مادة الغاز كما ذكرت لنا الجهات المسؤولة في المحطة, وقد وصلنا ( 1585) توقيعا من المناطق التالية:(محردة- حلفايا- شيزر- اللطامنة- الصفصافية- أصيلة- كفر هود- جديدة) ومن مختلف شرائح المجتمع والاختصاصات يطالبون بوضع حد للمعاناة التي يعيشونها جراء الانبعاثات الغازية التي تطلقها محطة محردة الحرارية لتوليد الكهرباء.‏

والكتب والمراسلات بين الجهات المسؤولة تؤكد صراحة أن محطة محردة لتوليد الطاقة تنشر التلوث, لكن ماأثر ذلك على صحة السكان وحياتهم فماهي الاجراءات المتخذة لمعالجة المشكلة?‏‏

التلوث يطال البشر‏‏

الدكتور باسل ضاهر من منطقة محردة اختصاصي أمراض صدرية, أكد ازدياد الإصابة بإنتانات الطرق التنفسية العليا بنسبة عالية وطول مدة الاستشفاء نتيجة الأذية التي تسببها الملوثات الجوية المختلفة وارتفاع حالات الإصابة بآفات الصدر التحسسية وارتباطها الوثيق بالمخرشات الجوية وازدياد نسبتها بمختلف الأعمال وأشار الضاهر إلى وجود تليفات في الرئة بتواتر غير متوقع مؤكدا أن كل هذه الأمراض السابقة ونتيجة طول فترة بقائها تؤدي لحدوث سرطانات حيث لوحظ قدوم حالات بأعداد أكبر وأعمار أقل ( أطفال) وحتى عند أشخاص غير مدخنين, وكل هذا يعود لوجود المحطة التي تصدر أنواعا لاحصر لها من الغازات والأكاسيد المختلفة والتي تبقى لفترة طويلة ضمن هواء الاستنشاق.‏‏

الدكتور كريم سلوم اختصاصي عينية قال: يراجع عيادتي يوميا من 3-5 مرضى في منطقة محردة مصابين بوجود أجسام غريبة صلبة سوداء ( هباب الفحم) قد سقطت في عيونهم أثناء السير في شوارع المدينة أو عند ركوب دراجة نارية وهذه الأجسام ناتجة عن انبعاثات المحطة, لذلك أقترح بتحويل عمل المحطة على الغاز أو إمكانية دراسة تحويلها على الديزل أو توفير فلاتر تخفف من حالة التلوث.‏‏

قبل الانتقال إلى أثر آخر من الآثار التي تخلفها المحطة فقد حصلت على إحصاء من منطقة حلفايا بأسماء الأشخاص الذين توفوا بأمراض سرطانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية في الحي الذي يقع في جوار محطة محردة الحرارية والتي تركزت على سرطانات الرئة والدم والكبد بشكل رئيسي ,السبب حسب الإحصائية التأثر بنسبة التلوث الذي تسببه المحطة كما يوجد عدد كبير من حالات الإصابة في المنطقة.‏‏

.. والشجر‏‏

وحول الأثر السلبي الذي تتركه المحطة على المزروعات في مدينة حلفايا أشار المهندس الزراعي أحمد العثمان من إرشادية حلفايا أنه من خلال الجولات الميدانية على المزروعات من أشجار مثمرة ومحاصيل حقلية تم ملاحظة اصفرار وحروق على الأوراق مجهولة المنشأ أي أن المسبب ليس مرضيا وبالتالي هو ناتج عن غازات سامة تنبعث من المحطة الحرارية وخاصة غاز ثاني أكسيد الكبريت الذي له أثر واضح على عنقود العنب بتلون الحبات باللون البني المائل للرصاصي خاصة بعد نضج العنب, أما بالنسبة لتلوث التربة فيكمن بانحلال غاز ثاني أكسيد الكبريت بمياه الأمطار الذي يتحول إلى حمض الكبريت ما يزيد من حموضة التربة ناهيك عن آثاره على أوراق النبات من حروق وغيرها..‏‏

.. والحجر‏‏

حسام السويدان أمين فرقة حلفايا الأولى لحزب البعث العربي الاشتراكي قال: معاناتنا منذ أكثر من ثلاث سنوات فالأربع عنفات للمحطة تعمل بكامل طاقتها والمستوى الفني سيىء لهذه العنفات, حيث تنفث الدخان الأسود الكثيف ( برادة الحديد) وخاصة أثناء تنظيف المحطة كل يوم أو يومين على أسطحة المنازل, كما أن أهالي حلفايا محرومون من كل الأغذية التي تحتاج إلى تجفيف ( رب البندورة) ويوجد حي في حلفايا عدد سكانه لايتجاوز 5000 نسمة بجانب المحطة ثبت بوجود أكثر من 15 حالة سرطانية خلال سنتين, إضافة إلى التهاب القصبات والإصابات العينية من برادة الحديد التي تتساقط في العين كحالات يومية والأضرار على المزروعات والوحدة الإرشادية لها محضر بهذا الشأن.‏‏

الدكتور ياسر الحكيم من سكان مدينة محردة قال: إن محطة التوليد ملوثة ولا حاجة للبحث العلمي, كونها ملوثة عينيا وأبسط الملاحظين في المنطقة يعرف حجم التلوث الذي تسببه والمسؤولون في المحافظة ثبتوا بالكثير من الرسائل التي رفعت إلى الجهات المختصة بأن المحطة ملوثة ويأمل المواطنون من السلطات المسؤولة أن تتحمل مسؤولياتها وعدم طرح حلول جزئية بإعادة إعمار أجهزة المحطة لأنها لن تخفف الضرر والتلوث الحاصل, لذلك أقترح باعتبار المحطة قيمة استراتيجية واقتصادية هامة, فإن الأمل هو بأحد محورين, الأول فلترة مداخن المحطة أو تأمين تشغيلها على الغاز خاصة وأن الدولة قد تكلفت ملايين الدولارات لمشروع تحويل المحطة على الغاز وأنبوب نقل الغاز إلى المحطة.‏‏

التلوث ضمن المعايير الدولية‏‏

المهندس علي هيفا معاون المدير العام للمحطة أكد أن عمر محطة محردة الاقتصادي حوالى 26 سنة وهي تجاوزت عمرها الافتراضي, لكنها تعمل بشكل جيد وهي خاضعة لإعادة تأهيل لإطالة عمرها ورفع مردودها, فإنتاج محطة محردة من الكهرباء حوالي 10 ملايين كيلو واط ساعي في اليوم أي أكثر من 10 % من حاجة القطر والمجموعات الأربعة تعمل بكامل طاقاتها حيث تستخدم 2500 طن يوميا من مادة الفيول, ونستخدم الغاز حسب ما يتوفر في شبكة الغاز من غاز زائد من حاجة العنفات الغازية وحاليا لا يتوفر أي كمية منه وبالنسبة لمادة الفيول التي نستخدمها فهي تحوي على مواد صلبة وغبار والمادتين الأساسيتين الضارتين بالبيئة هما مركبات أكسيد الآزوت وأكسيد الكبريت, أما بقية المواد الأخرى فهي مواد تنتج عن الاحتراق وهي مواد ثقيلة, لا تتطاير في الجو أما مركبات أكسيد الآزوت والكبريت فهي ضمن الحدود النظامية والمعايير الدولية وأقل من القيم الموجودة في الشركات الجديدة, وبالتالي فإن المحطة تعمل ضمن الإطار الذي صممت عليه منذ الأساس, بحيث يتم تبديد الغازات المضرة والتي هي مركبات أكسيد الآزوت والكبريت وغاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الاحتراق من خلال المداخن التي ترتفع عن الأرض 125 م حسب التصميم, أما ما يتعلق بالهباب والرماد الذي تطلقه المحطة فهو من أساس عملها ولا يوجد أي حل, كما لا يوجد دراسة حاليا لوضع فلاتر للمحطة كون الفلاتر تشكل 20% من قيمة المحطة ونحن بصدد قدوم بعثة من مخابر وزارة الصحة وعلى نفقة المحطة مع مخبر متنقل لقياس الانبعاثات الغازية التي تطلقها المحطة.‏‏

تطوير عمل المحطة على نظامين‏‏

الدكتور المهندس محمد سعيد عقيل محافظ حماة تحدث حول الاجراءات التي اتخذتها وزارة الكهرباء وإدارة المحطة قائلاٌ: في البداية طورت وزارة الكهرباء المحطة وجعلتها تعمل على نظامين, التغذية بالفيول والتغذية بالغاز, وتكلفت الدولة مبالغ كبيرة لهذه الغاية ثم رفعت مداخن المحطة لارتفاع 125 متراً وهذا يساعد على تشتيت المنبعثات الغازية وتشتيت التلوث وبالتالي ستكون نسبة سقوط الملوثات على المتر المربع الواحد أقل, بعد ذلك تابعت صيانة المحطة وتأمين الجاهزية القصوى لها حيث كان وضعها قبل أكثر من عشر سنوات مترديا جدا من ناحية الجاهزية الموثوقية في استمرارية العمل, إذاً هنالك قفزة نوعية في مجال تحسين واقع عمل المحطة.‏‏

مجموعات جديدة للتدقيق على واقع التلوث‏‏

وحول نسب التلوث التي تطلقها محطة محردة من انبعاثات غازية وما هو السبب في عدم تشغيلها على الغاز? قال محافظ حماة: لقد راسلنا وزير الكهرباء وقام بزيارة المحطة, وشكلت لجان من الوزارة للتدقيق على نسب التلوث في مدينة محردة والناتج عن المحطة ,فكانت نسبة التلوث ضمن الحدود المسموح بها دوليا, ولم تنكر وزارة الكهرباء وجود تلوث, لكن هذا التلوث أيضا ضمن الطبيعي عالميا ومع ذلك منذ فترة قريبة أرسلنا مذكرة إلى وزارة الكهرباء بهذا الشأن ووعد وزير الكهرباء بإرسال مجموعات جديدة للتدقيق على واقع التلوث في مدينة محردة, وفي العام الماضي تم تشغيل المحطة بالغاز بنسبة 42%, هذا يعني أن الحكومة والوزارة وإدارة المحطة جادة بتشغيل المحطة على الغاز بدلا عن الفيول والسبب أن الغاز لا يؤدي لتلوث البيئة أو أنه أقل بكثير تلويثا للبيئة من استخدام الفيول , لكن المشكلة تكمن في عدم تأمين الكميات اللازمة من الغاز للمحطة, فالوزارة قامت بتعديل المحطة للعمل على الغاز لكن كمية الغاز التي تدخل إلى المحطة محدودة بسبب محدودية الكمية التي يمكن تأمينها, لكن حسب ما علمت بأن هناك سعيا لدى وزارة الكهرباء وبالتنسيق مع وزارة النفط لتأمين كمية أكبر منه وذلك من خلال شبكة الغاز التي تنفذ في القطر, إن كان حاليا أو ضمن الخطة المستقبلية ومن خلال توسيع استخراج الغاز في سورية, إضافة إلى الربط الشبكي الذي سيتم بين سورية وبعض الدول المجاورة بأنابيب الغاز, سيساعد مستقبلا على تأمين كمية أكبر من الغاز للمحطة وبالتالي يمكن أن ينتقل عمل المحطة على الغاز بشكل كامل.‏‏

ضرورة تأمين مادة الغاز للمحطة‏‏

أريد أن أضيف أن هذه المحطة تعمل ضمن شبكة كهربائية موجودة, وإذا افترضنا بأنه كما يطالب بعض المواطنين بضرورة إغلاق المحطة, فموضوع إغلاق المحطة يؤثر على الشبكة الكهربائية من حيث تأمين الاستطاعة اللازمة للمواطنين وللمنشآت الصناعية في سورية, إضافة لذلك إغلاق المحطة يمكن أن ينتج عنه مشكلة اجتماعية بترحيل العمال, فنحن بحاجة لهذه المحطة كمركز لتأمين الاستطاعة الكهربائية اللازمة للمواطنين من جانب وبحاجة لهذه المحطة كمركز لتأمين العمل للمواطنين والدولة تصرف مليارات الليرات السورية في قطاع الكهرباء لتوسيع الشبكة الكهربائية, لكن ما أطرحه أولا من حلول مستقبلية , ضرورة تأمين مادة الغاز وفي حال تأمينها, لايوجد مشكلة في عمل المحطة.‏‏

أخيراً‏‏

نلاحظ من خلال ما تم عرضه وجود معاناة حقيقية يعيشها أهالي مدينتي محردة وحلفايا خصوصا والمناطق المجاورة لهما, مما تنفثه محطة محردة من انبعاثات غازية تضر بصحة الإنسان والنبات والحيوان, فطبقة هباب الفحم ( الشحار) التي تتساقط بشكل يومي على أهالي هذه المناطق وحدها كافية لاستنفار الجهات المعنية في المحافظة والعمل سريعا لتأمين البديل عن مادة الفيول في عمل المحطة والسعي الجاد من قبل وزارة الكهرباء والنفط لتأمين الكميات اللازمة من مادة الغاز كونه أقل نسبة من تلوث مادة الفيول, فلا العمرة للمحطة وارتفاع المداخن للعنفات يمكن أن يخفف التلوث إذا استمر عملها على مادة الفيول, كما نطلب من وزارة الصحة ضرورة دراسة حالات الإصابة بالأورام السرطانية في تلك المناطق والتحقيق في الأسباب الحقيقية وراء هذا الأمر لكي نزيل حالة القلق من نفوس أهالي هذه المناطق وتحقيق Mohhamed-eid72@hotmail.com‏‏

"لديهم.‏‏

Mohhamed-eid72@hotmail.com‏‏

‏">الطمأنينة‏

Mohhamed-eid72@hotmail.com‏‏

"لديهم.‏‏

Mohhamed-eid72@hotmail.com‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية