تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية وصورة الوحدة الوطنية المتجذرة

شؤون سياسية
السبت 3-9-2011
د.عيسى الشماس

قد يتبادر إلى الذهن بداية ، أن هذا الحديث هو عن مأدبة الإفطار التي أقامها السيد الرئيس بشار الأسد للسادة العلماء ورجال الدين ، فهذا أصبح من التقاليد الرئاسية العريقة ،

منذ عهد الرئيس الخالد حافظ الأسد ، واستمر السيد الرئيس بشار الأسد في تعزيز هذا التقليد الوطني، احتفاء بشهر رمضان المبارك ،وتكريماً للسادة العلماء ورجال الدين ، في لقاء ودي يجمعهم معاً للتواصل المباشر وتأكيد دورهم الروحي والاجتماعي والوطني ، بما يحفظ وحدة الوطن وتماسكه .‏

لكن ما أتحدث عنه فعلاً ، هو ذلك اللقاء الأخوي ، الوطني بامتياز ، الذي جمع حشداً من رجال الدين المسيحي والإسلامي، من الطوائف كافة ، ومعهم جماهير من أطياف الشعب السوري بمذاهبه وانتمائه ،بشيبه وشبابه ، على مائدة إفطار رمضانية أقيمت في دير سيدة صيدنايا مساء الخميس ، الخامس والعشرين من رمضان والخامس والعشرين من آب وبرعاية من البطريركية الأرثوذكسية بدمشق...‏

جلسوا جميعاً على مائدة إفطار واحدة مميزة ، عبرت كما في اللقاءات الشعبية التي تتم في أي مناسبة ، عن الوحدة الوطنية المتجذرة في نفوس أبناء هذا الشعب الأبي الذي وقف صامداً يواجه بإرادة صلبة تداعيات المؤامرة/ المحنة التي عصفت بالوطن ، واستهدفت وجوده وهويته الوطنية والحضارية .‏

لقد عبر المتحدثون جميعاً ، من رجال دين ومواطنين مدنيين، عن اعتزازهم بهذا اللقاء وأهميته في هذا الشهر الفضيل ، ليس في تعزيز الوحدة الوطنية فحسب ، بل تأكيدها كحقيقة حية يعيشها أبناء سورية ،وكنموذج للتآخي والعيش المشترك بكرامة واحترام ، في ظل سيادة الوطن وعزته وكرامته ، الوطن الذي يفتخر كل مواطن بالانتماء إليه وحمل هويته العربية الأصيلة.‏

ولشد ما يعجب المشاهد تلك المظاهر التعاونية بين المشاركين في إعداد هذه المائدة المباركة ، حيث كانت الراهبات في الدير تشاركن في الإعداد وتأمين المواد والأدوات إلى جانب الشباب، بأريحية كاملة وتآلف يعبر عن الرضا بهذا العمل الأخوي ، وانطلاقاً من الإيمان العميق بالله والوطن ، وتجسيداً لمقولة «الدين لله والوطن للجميع» إنه الوطن الذي يجمع أبناءه على المحبة والتسامح ، والتشارك الأخوي في المناسبات الدينية والاجتماعيةوالوطنية .‏

كنت أرى هذه المشاهد الرائعة على شاشة التلفاز ، وينتابني شعور بالإعجاب والاعتزاز تارة ، وبالاستغراب والتساؤل تارة أخرى ، وأقارن بين الإعجاب والاعتزاز بهذه المحبة التي تجمع أبناء وطني على مائدة واحدة في مناسبة لها الكثير من المعاني السامية، وبين الاستغراب والتساؤل عما يريده المأجورون من تشويه لهذه الصورة الوطنية الرائعة ؟ ولماذا يحاولون زعزعة الاستقرار والأمان في هذا الوطن الآمن الأمين ؟ ولماذا يعملون على ترويج الفتنة الطائفية بين الأخوة تحت مسميات مختلفة ؟ وهم يعرفون ان الفتنة أشد وطأة من القتل ،ولمصلحة من كل هذه الممارسات المعادية للوطن وأبناء الوطن ؟ وأستنتج القول : شتان بين من يعمل لبناء الوطن ووحدته وأمنه ، ومن يعمل لهدم البناء الوطني وزعزعة استقراره..!!‏

فسورية الوطن والشعب، سورية الحضارة والتاريخ، يفخر بها أبناؤها وتفخر بهم، لا يفرق بينهم أي انتماء مذهبي أو طائفي، كما يريد أعداء الوطن في الخارج وأدواتهم المأجورة في الداخل التي تعمل على إثارة الفتنة الطائفية ، تصورها كما تريد وتسوقها بالطريقة التي تراها مناسبة لتحقيق مآرب مكشوفة ، هدفها تفكيك عرى الوحدة الوطنية الصلبة التي كانت ، وستبقى ، عصية على الاختراق بفضل الوعي الوطني المتنامي لدى أبناء هذا الشعب السوري الأبي الذي لم يكن أبداً إلا وفياً لوطنه ، حريصاً على قدسية أرضه منبت الحضارات ، ومهد الرسالات السماوية التي أعطت العالم أجمع القيم الأخلاقية والإنسانية السامية ، هذه القيم التي يحافظ عليها شعبنا ويتمسك بها ، ويدافع عنها ، لتبقى سورية كما يصفونها : «قلب العروبة النابض وموطن الإنسان منذ وجوده على هذه الأرض ».‏

ومهما حاول المتآمرون والمخربون أن يشوهوا هذه الحقيقة التاريخية / الحضارية ، فلن يفلحوا ، لأن إرادة الشعب الأصيل أقوى من أدوات التحريض والتضليل ، ولأن التاريخ بماضيه وحاضره ومستقبله ، هو الأصدق في تسجيل الحقائق وحفظها مهما حاول المشوهون والمزورون ...!‏

وتبقى الحياة الكريمة للشعب السوري الأصيل ، المتمسك بهويته وتاريخه ، ووحدته الوطنية الصلبة ...!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية