|
ترجمة ومطالبة الشارع المصري بطرد السفير الإسرائيلي وإلغاء اتفاقية كامب-ديفيد، من جهة، واستعداد المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية لتقديم أي تنازلات لمصر في سبيل الحفاظ على المنجز التاريخي «كامب-ديفيد» من جهة أخرى، على حد تعبير معاريف، ولعل ما يشغل جل الإسرائيليين ويثير مخاوفهم بل وهلعهم، هو تزايد عداء وكراهية الشعب العربي المصري لإسرائيل، وضعف المجلس العسكري المصري الحالي وإمكانية استجابته لكل ضغوط الشارع المصري، ولكن السؤال الأهم بالنسبة للمحللين الإسرائيليين: ماذا سيفعل الجيش المصري في حال تشكل نظام معاد لإسرائيل في مصر؟ الساحة الخلفية صحيفة هآرتس نشرت تقريرا تحت عنوان «الساحة الخلفية تشتعل على مصر وإسرائيل» حاولت من خلاله رصد ردود الأفعال الإسرائيلية وخاصة تلك المؤثرة في صناعة القرار وما يمكن فعلة في سبيل عدم تعريض اتفاقية «السلام مع مصر» إلى مخاطر من شانها أن تؤثر سلبياً على الوجود الإسرائيلي.فقد أشار تقرير هآرتس بداية إلى أن ما هو موضوع على كفتي ميزان اليوم هو مستقبل العلاقات المصرية - الإسرائيلية، وبالتحديد اتفاقية كامب ديفيد على ضوء الكراهية التي يعبرعنها الشارع المصري تجاه إسرائيل،لذلك فإن فإن المهم والحيوي جدا بالنسبة لإسرائيل هو موقف « المجلس العسكري» الحاكم المؤقت لمصر. ويكشف التقرير، أن جنرالاً إسرائيلياً واحداً ممن حاربوا ضد الجيش المصري ما زال إلى الآن في هذه القيادة هو الجنرال موشيه سنيه، في إشارة إلى مرور أكثر من 30 عاما على معاهدة السلام مع مصر بما حملته من أمن واستقرار على هذه الجبهة. وينقل التقرير على لسان موشيه سنيه تحذيره من مغبة التفريط بما وصفه بالقيمة الاستراتيجية المتمثلة بمعاهدة السلام مع مصر، وأن لا بديل عن الملاحق العسكرية لمعاهدة كامب ديفيد التي تحدد عدد القوات المصرية المسموح لها بالتواجد في سيناء. قيمة استراتيجية ويضيف التقرير أن الوزير متان فلنائي، وقائد سابق للجبهة الجنوبية،هو أيضا ممن شاركوا في حرب «الغفران» قال:«إنه من الخطأ التنازل عن قيمة استراتيجية مثل معاهدة السلام مع مصر بسبب عملية واحدة. وإنه إذا ما كان الجيش المصري يسعى للحصول على تهدئة مع غزة لأغراض سياسية داخلية، فإنه سيحصل على ذلك، مشيرا إلى أن الحل الوحيد للقضاء على حالة الفوضى الأمنية في سيناء، والتي يجري تحت غطائها إدخال أسلحة متطورة إلى قطاع غزة، وخروج خلايا مسلحة منها لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، الحل الوحيد، هو تعزيز جدي لقوات الجيش المصري هناك بالجنود والمروحيات والآليات». أما ايهود باراك وزير الحرب بحسب التقرير المذكور فانه يرى:« في حال طلبت مصر إدخال آلاف الجنود إلى سيناء فإنه سيصادق على ذلك، موضحاً أن الحديث يدور عن مصلحة إسرائيلية. باراك، كما يورد التقرير، يسعى إلى الآن للحفاظ على الوضع القائم مع مصر، وينجح بتمرير الخطوات الضرورية لذلك في الطاقم الأمني اليميني، ولكنه لا يستطيع أن يتوقع كيف يتصرف قادة الجيش المصري بعد بضعة أشهر، إذا ما قامت حكومة مناهضة لإسرائيل في مصر، وأمرتهم بإبقاء القوات المصرية في سيناء حتى بعد انتهاء المهمة التي دخلت لأجل إنجازها». غموض سياسي تصريحات باراك وفيلنائي وغيرهم من مسؤولي المؤسسة العسكرية في الكيان تكشف التخبط الذي يسود أوساط قيادة تلك المؤسسة بين الحاجة الأمنية الآنية لإسرائيل، وبين التخوفات من دخول آلاف الجنود المصريين إلى سيناء،وخاصة في ظل غموض المستقبل السياسي في مصر، وهو ما عبر عنه مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى، عندما قال هذا الأسبوع: إن التنسيق الأمني وفي أعلى المستويات قائم حتى في لحظات الأزمة السياسية، وهو يشمل عشرات الساعات من اللقاءات بين جنرالات الجيش الإسرائيلي وكبار شخصيات وزارة الدفاع مع نظرائهم المصريين، من جهة، ومن جهة ثانية فإن تدريبات الجيش المصري هي ضد دولة صغيرة في الشرق الأوسط، وقال «من جهتهم نحن ما زلنا عدوا محتملا، وإلا لماذا هم بحاجة إلى ألف دبابة من طراز (أم 1) أميركية الصنع، يجب ألا ننسى أن إعادة مركز الثقل العسكري إلى شرقي سيناء هو مصلحة استراتيجية مصرية»، بحسب المصدر. التقرير يدعي أن القادة الميدانيين للجيش الإسرائيلي اضطروا إلى أن يتراجعوا عن تهديداتهم ضد قطاع غزة بعد اتخاذ القرار السياسي الذي أراد احتواء الغضب المصري والحفاظ على الوضع القائم في سيناء، ويستعرض الضربات الجوية على قطاع غزة، مشيراً إلى الانتصار الذي حققته الضربات الجوية للناتو في ليبيا، ومذكرا بالأخطار التي تواجه إسرائيل من غزة ولبنان، وبالحربين التي خاضتهما على هاتين الجبهتين والنتائج غير المرضية على هذا الصعيد، دون أن يربط ذلك مباشرة بالسياق المصري، ولكن الرسالة كانت واضحة. بدوره أعلن رئيس الحكومة نتنياهو، أنه إذا طلبت مصر زيادة عدد جنودها المرابطين في سيناء فإنه سيطرح هذا الموضوع على المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية للبت فيه. وقال، خلال اجتماع الحكومة،:«إن إسرائيل تواجه الآن قضايا أمنية معقدة، تنبع من التغيّرات في المنطقة، وذلك إلى جانب تحديات اقتصادية على الصعيد الدولي». منع التوتر على الجانبين وفي نفس السياق، قال الوزير في حكومة نتنياهو، يوفال شتاينتس: «إن العلاقات مع مصر تنطوي على أهمية استراتيجية بالنسبة إلى إسرائيل، ولذلك يجب دراسة أي موضوع بإمعان خلال النظر إلى المدى البعيد». وأعرب عن اعتقاده أن إسرائيل ستضطر عاجلاً أو آجلاً إلى القيام بخطوة ملموسة في محيط قطاع غزة، ولكنه يجب دراسة التوقيت الملائم لذلك. وكذلك الأمر، أكد الوزير إيلي يشاي أنه يجب العمل بالتعاون مع مصر لمنع ارتكاب اعتداءات إرهابية على الحدود بين البلدين، وإذا كانت هناك حاجة إلى تعديل معاهدة السلام، فيجب القيام بذلك خلال التنسيق والتفاهم. وكان رئيس وزراء إسرائيل قد صرّح قبيل الاجتماع أنه لا حاجة تستدعي تعديل اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر، مضيفاً «إننا إذا أردنا تعديل معاهدة السلام مع مصر، وأنا لا أعتقد أننا بحاجة إلى الإسراع إليه، يجب الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء». وأشار إلى وجود اتصالات مع الحكومة المصرية في ما يتعلق بموضوع شبه جزيرة سيناء. ألف شرطي إلى سيناء إلى ذلك، أكدت مصادر إسرائيلية رسمية، أمس، أن الأنباء التي تحدثت عن إمكان تعديل معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية (كامب ديفيد) لا تستند إلى أي أساس، وأن هذا الموضوع لم يطرح للبحث من البلدين. وقالت المصادر للإذاعة العبرية الرسمية إن القاهرة لم تطلب حتى الآن زيادة عدد القوات المصرية في سيناء، باستثناء دخول ألف شرطي إلى هذه المنطقة لمواجهة تهديدات التنظيمات المسؤولة عن تفجير أنبوب الغاز الطبيعي المؤدي إلى إسرائيل. وأشارت المصادر إلى أن وزير الحرب باراك صادق على قرار دخول عدة كتائب مصرية إلى سيناء لفترة زمنية محدودة من أجل التعامل مع هذه التهديدات، وستغادر هذه القوات منطقة سيناء بعد انتهاء مهمتها. وشددت المصادر السياسية على وجود مصلحة مشتركة لإسرائيل ومصر في تجريد التنظيمات من قدرتها على العمل في سيناء، موضحة أنه إذا كان هناك طلب لإحداث تغيير جوهري في طريقة العمل في شبه الجزيرة، فسيُدرس الموضوع من خلال اتصالات بين البلدين. وكان باراك قد تحدث، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، عن العلاقات المتوترة بين إسرائيل ومصر في أعقاب عملية إيلات. قائلاً:»منذ الأزمة الأخيرة صدّقنا مرتين على أن تدخل مصر كتائب من جنودها إلى سيناء، وأريد أن أذكّر أولئك الذين لا يتذكرون أن الحديث يدور عن منطقة تعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة دولة إسرائيل كلها». وأضاف أن طلب مصر إدخال قوات إلى سيناء هو أمر تريده مصر على نحو مؤقت من أجل ضمان عمل أنبوب الغاز وألا يُفجّر مرة أخرى، ومكافحة الإرهاب» صور الكراهية لنا العلاقات المتوترة بين مصر والكيان الصهيوني ومصير اتفاقية كامب ديفيد أخذت حيزا كبيرا في الصحافة الإسرائيلية على ضوء التطورات الأخيرة على الحدود والتصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وفي هذا الإطار كتب نداف هغتسني في معاريف يقول:» وزير الدفاع وإن قال هذا الأسبوع إن الذخر الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل هو «السلام» مع مصر، إلا أن هذا الذخر ليس قائماً حقاً. كي نفهم ذلك يكفي أن ننظر إلى صور الكراهية لإسرائيل التي تطل من القاهرة، الكراهية التي كانت فظة في عهد الدكتاتورية المباركية. نوافق على خرق تجريد سيناء من السلاح، والآن أيضا أوقفنا النار مع حماس «لإرضاء» الطغمة العسكرية.تنازلنا عن الذخر الاستراتيجي الحقيقي – سيناء نفسها، منذ سنين ونحن نتصدى لتهريب السلاح والمتسللين والآن أيضا لإرهاب آخذ في التصاعد. واضح أنه في كل يوم يمكن لوهم «السلام» مع مصر أن ينهار، وعليه فقد حان الوقت لاستيعاب البث من القاهرة. فالبث يجسد مرة أخرى كم هو متعذر أخذ المخاطر في هذا المربع غير المستقر عندنا. فقط تصوروا ماذا سيكون مستقبل تل أبيب والقدس إذا ما استقر هذا الخليط بين حماس غزة وحارقي الأعلام في القاهرة وفي جبال الضفة الغربية (يهودا والسامرة). نظام جديد في سيناء هآرتس وفي مقال افتتاحي تحت عنوان « نظام جديد في سيناء» كتبت تقول: «إحدى العقبات الكأداء في المفاوضات مع مصر في سنوات 1977 – 1979، فضلاً عن مسألة الصلة التي بين السلام الإسرائيلي – المصري وحل المسألة الفلسطينية، كان مدى المس بالسيادة المصرية بعد انسحاب إسرائيل من سيناء. وقد تبلور الرد على القلق الإسرائيلي على أمنها بتسوية متدرجة من تجريد السلاح. تخفيف حجم القوات والقوة المتعددة الجنسية. العملية في شمال ايلات قبل أسبوع ونصف الأسبوع جسدت ما كان معروفا منذ زمن بعيد: القيود التي فرضتها إسرائيل على التواجد العسكري المصري في سيناء تعمل في غير مصلحتها أيضا. وأضافت هآرتس،شبه الجزيرة القاحل لم يبعث أبداً اهتماماً كبيراً في القاهرة. وفي أقصى الأحوال كان مهما للنظام حماية المواقع السياحية التي أقيمت على طول قاطع الشاطىء وتشكل مصدر دخل هام. وبالتالي تعتبر هدفاً للإرهاب أيضا. اهتمام أقل بكثير كان للسلطات المصرية في الأعمال في الجبهة الإسرائيلية – الفلسطينية. وخوفا من التصعيد عمد الحاكم السابق، حسني مبارك، إلى السماح لإسرائيل بالخروج عن القيد الذي فرض عليها أيضا، وان كان أساساً لغرض التبادلية الرمزية، وإدخال قوة مدرعة إلى محور فيلادلفيا، فإن هذا الإذن ألغي من تلقاء ذاته عندما قررت حكومة شارون الانسحاب من الجبهة وتركها لرحمة حماس. |
|