|
رسم بالكلمات نفت الأسطورة ليليت من النهار وحشرتها في ظلمة الليل, وألصقت بها تهمة خطف الأطفال, بعد أن كانت ربة المهد وراعية الطفولة, أما شهرزاد فقد نفتها الحكاية أو الأسطورة من النهار لتحشرها في مخدع شهريار الليلي لتقص الحكايات وتكتب لنفسها كل يوم حياةً جديدة. لم يأت العداء للنسوية في عصرنا الراهن إذاً, بل هو ميراث ثقيل منذ القديم. في كتاب (مطرقة السحرة) عام 1484 بتأليف عدد من المفتشين الدومينيكانيين- من محاكم التفتيش- نرى في مقدمته قرار البابا أنوسنت الثامن لتسعير العداء لليليت وأنصارها (أي للمرأة) فهو ضد كل ما يتعلق بالنسوية. ويذكر الناقد الرائع حنا عبود في كتابه عن ليليت أن عدد النساء اللواتي صرعتهن محاكم التفتيش في اسبانيا فقط بلغ 30 ألف امرأة وذلك بتهمة تعاطي السحر!! حوصرت المرأة في ركن مظلم, ونسبت لها صفات سلبية, وأحرقت, ونبذت, وفي أبسط اعتداء على كينونتها نفيت داخل جسمها, وتوالت تعاليم نبذ جسدها بحيث صار عبئاً وذنباً عليها, تخشى النظر إليه أو الخروج منه! لتكتب المرأة كتابة جديدة, لابد من خروجها أولاً من منفاها, فتواجه جسدها قبل أن تواجه أي شيء خارجه, وتعيد بناء قناعاتها ورؤيتها له على أساس نسوي لا أساس ذكوري متوارث, وإلا فستبقى الكتابة عندها مجرد نسق ذكوري, ولغة ذكورية تكتبها نساء. لتكتب المرأة جديداً عليها أن تخرج من الليل الموسوم بكل أشكال الإثارة والعتمة والغرائز والإلهام والسحر, إلى النهار المعترف به كساحة للفعل والتفكير والعقل. |
|