|
ترجمة وأن يواجهوا في فترة حكمهم كل مارغبوا بتجنبه وجعله طي النسيان وذلك كشكل من اختبار النار الذي يحسم مصيرهم السياسي في الحياة أو الموت. هكذا واجهت غولدا مئير حرب يوم الغفران بينما كانت في حمامها المريح، وهكذا سحب اسحاق شامير من الحمام نفسه إلى مؤتمر السلام الدولي في مدريد، بينما هبطت العمليات الفلسطينية على رأس قادة أوسلو، كما دفع قادة الليكود (أنبياء الاستيطان) إلى تفكيك المستوطنات والقيام بانسحابات حقيقية من المناطق الفلسطينية. ما الذي يخبئه القدر لبنيامين نتنياهو في ولايته الثانية؟ ربما من الأفضل أن لايطرح عليه هذا السؤال إن كان يريد أن ينام في الليل. ولكن بعد لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي توفرت بعض التلميحات بشأن الاتجاه الذي ستسير عليه المهزلة التاريخية، كل ما خشي منه نتنياهو وخاصة مسألة إقامة الدولة الفلسطينية وقضية المستوطنات- موضوع الآن على الطاولة، وكل ماكان ضريبة كلامية أو وعداً غامضاً من قبل رؤساء الوزراء السابقين تحول بصورة مأساوية إلى اختبار النار لبنيامين نتنياهو قبل أن ينقضي شهران على حكمه. لقد نسي الجميع فجأة أنه طوال سنوات كثيرة ومعظمها في عهد حزب العمل كانت «الدولة الفلسطينية» نوعاً من المحرمات المطلقة، الحقيقة أنه في سنوات ذروة التنازلات الكلامية لدى أولمرت وكاديما وتسيبي ليفني وحايم رامون وشركائهم تواصلت المستوطنات ولم يتم دفع قضية الدولة الفلسطينية خطوة واحدة للأمام، بينما يتفاخر إيهود باراك أن أي مستوطنة لم تزل في عهده، وحتى عندما أقدم آراييل شارون على فك الارتباط مع قطاع غزة من جانب واحد فإن ذلك لم يرتبط إطلاقاً مع إقامة الدولة الفلسطينية بل على العكس تماماً. يضاف إلى ذلك أن الجدل حول نضج الفلسطينيين عموماً لإقامة دولة حقيقية (القضية التي أصبحت أكثر حرجاً بعد سيطرة حماس على قطاع غزة قد تبددت هي الأخرى، فجأة وبالتحديد بسبب معارضة نتنياهو المعلنة تحولت مسألة إقامة الدولة الفلسطينية إلى مطرقة سياسية وأمر بديهي وحقيقة راسخة بالنسبة لمجمل التوجهات السياسية الدولية). ربما أن هذا الأمر لم يكن ليحدث بمثل هذه السرعة، لو أن نتنياهو اقترح تصوراً إيجابياً ما بدلاً من التركيز حسب طريقته على بث المخاوف وإشعال الخوف، ولكن تركيزه الاستحواذي على مجابهة الأمر الذي يخشى منه أكثر من أي شيء آخر هو الذي رد هذا الشيء إليه بطريقة مرتجعة. وما يثير السخرية أن كل ماولد من خلال خدعة دعائية ضمن العلاقات العامة، هذا المجال الذي يعكف عليه نتنياهو وفشل فيه المرة تلو الأخرى، أن رئيسة كاديما تسيبي ليفني هي التي طرحت قضية الدولة الفلسطينية في مفاوضاتها الائتلافية مع نتنياهو كنوع من ورقة الحبر السري، من هذه التجربة خرج نتنياهو متجهما، الجهاز السياسي ووسائل الإعلام في إسرائيل والبيت الأبيض ركزوا على هذه القضية وكذلك العالم العربي والعالم كله، ماحدث في الأيام الأخيرة مجرد مقدمة لما سيأتي طوال فترة حكم نتنياهو مهما امتدت، عندما كان نتنياهو تواقاً لأن يصبح رئيساً للوزراء بأي ثمن سعى إلى إحاطة نفسه بكل هذه الضرورات الإيديولوجية قبل وبعد الانتخابات من أجل إرضاء شركائه الائتلافيين من خلال إطلاق أحاديث رهيبة حول المستوطنات، وحول معارضته للدولة الفلسطينية، ما دفع العالم كله للتركيز على هذه المسائل وترصد تحركات وتصريحات نتنياهو وفريقه بشأنها تحديداً، ونتنياهو بذلك يشبه ذلك الشخص الذي يركب دراجة هوائية ويخشى كثيراً من العمود المزروع فوق الرصيف إلى أن يصطدم به. سوف أغامر بالتنبؤ: في آخر المطاف سيكون نتنياهو تحديداً رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول الذي سيقيم الدولة الفلسطينية قولاً وفعلاً- أو سيسقط بسبب عدم إقامتها، لم يعد بمقدوره الآن أن يفصل مصيره عن مصيرها. لقد قال القدماء إن آلة الحظ تحب الشجعان لكن يبدو أن هذه الآلة لاتحب أبداً رؤساء وزراء إسرائيل ولاتعطيهم إلا عكس مايحبون. بقلم: دورون روزنبلوم |
|