تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة فـي الصحافـة الإسرائيليـة... هآرتس : حرب الجنـرالات تعود إلـى المؤسسة العسكريـة

ترجمة
الاثنين 1-6-2009
قراءة وترجمة :أحمد أبوهدبة

أعادت أحاديث الصحف الاسرائيلية حول الخلافات العميقة بين كل من وزير الحرب الإسرائيلي باراك ورئيس الأركان اشكنازي فيما يتعلق بتعيينات كبار ضباط جيش الاحتلال

وإعادة هيكلة الجيش الى المشهد العسكري الإسرائيلي ما اصطلح عليه داخل الجيش المذكور بحرب الجنرالات وكانت صحيفة معاريف أشارت إلى أن مسألة التعيينات ستُحسم بعد عيد الفصح بأيام، إلا أن عدم اتفاق باراك - أشكنازي على هوية نائب رئيس هيئة الأركان، كان سببا في هذه التأجيلات.من جهتها أوضحت صحيفة هآرتس أن هناك صراعاً جدياً في هذه المسألة، حيث إنه من المفترض أن تنتهي ولاية رئيس الأركان ذاته في عام 2011، وهو ما يعني أنه إذا لم تُمدد فترة رئاسته للهيئة بعام آخر، فسيتنحى أشكنازي عن منصبه، وهو ما يستوجب إعداد ضباط وقادة عسكريين ليحلوا بدلا من أشكنازي، بالإضافة إلى تحديد هوية نائب رئيس الأركان.وتساءلت الصحيفة: من يا ترى صاحب القرار الذي سيؤثر على اختيار رئيس الأركان القادم، وكيف ستوزع الصلاحيات بين وزير الجيش ورئيس الأركان؟، وما مدى تدخل رئيس الحكومة في ذلك؟«وأشارت إلى أن أشكنازي يريد وبشدة أن يُعيّن قائد اللواء الشمالي، كنائب له بدلا عن النائب الحالي ادان هارئيل»، منوهة إلى أن باراك تدخل في هذه المسألة وأوضح لأشكنازي أنه يجب أن يكون على اطلاع واضح في قضية التعيينات العسكرية الجديدة.‏‏

يشار إلى أنه وفي ضوء التعيينات الجديدة سيُنهي عاموس يدلين رئيس الاستخبارات العسكرية عمله في منصبه الصيف المُقبل، بالإضافة إلى أن الكثيرين من الضباط سيُرشحون أنفسهم لمنصب رئيس هيئة الأركان القادم.وقال اليكس فيشمان ، المحلل العسكري في يديعوت احرونوت معقبا على الموضوع :«أنه ليس من المعروف حتى اللحظة موقف رئيس الحكومة من هذه التعيينات، مرجحا أن يكتفي باراك وأشكنازي بتعيين بديل لرئيس الاستخبارات وتبقى باقي التعيينات» والمناصب تُراوح مكانها، مضيفا الذي سيدفع الثمن هم كبار الضباط في الجيش».‏‏

ويذكر ان ظاهرة الصراعات داخل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية حول المناصب في قمة الهرم القيادي لجيش الاحتلال تتكرر كل خمسة أعوام يختلط فيها الشخصي بالسياسي ، وأعادت صحيفة يديعوت احرونوت الى الأذهان ، الصراع الذي نشب بين شاؤول موفاز وزير الحرب وموشيه يعالون رئيس الأركان عام 2005عندما رفض موفاز تمديد فترة ولاية يعالون في رئاسة الأركان لأسباب شخصية تتعلق بعزل قائد كتيبة غزة، شموئيل زكاي، الذي يعتبر مقرباً من موفاز ، بعدما فقد موفاز الثقة بيعالون وخاصة في إطار الاستعدادات لتنفيذ خطة فك الارتباط.‏‏

غير ان الصراع بين جنرالات جيش الاحتلال في هذه المرحلة يكتسب خصوصية هامة نظرا للإخفاقات والهزائم التي مني بها جيش الاحتلال في حربي تموز وغزة ، وسقوط الكثير من جنرالات هذا الجيش نتيجة لذلك ،الى جانب المحاولات التي تبذل من قبل العديد من اللجان المختصة على صعيد إعادة هيكلة بنية الجيش المذكور وإعادة صياغة عقيدته القتالية ، ولعل تشكيل أكثر من خمس وعشرين لجنة مختصة بهذا الخصوص إضافة للجنة فينوغراد التي فحصت إخفاقات حرب تموز العدوانية ما يدلل على عمق الازمة التي بات يعيشها جيش الاحتلال الإسرائيلي،علاوة على المناورات العسكرية المستمرة التي يجريها الجيش من اجل إعادة ثقته بنفسه وإعادة ثقة ضباطه وجنوده به وثقة الشارع الإسرائيلي به أيضا ، في ظل الحديث الإسرائيلي المستمر عن الحروب ذات «المستوى المنخفض» حروب العصابات التي يواجهها هذا الجيش في هذه المرحلة بالذات ، وسقوط العديد من المبادئ والنظريات والشعارات التي كانت ولاتزال جزءا من الخطاب العسكري الإسرائيلي مثل «دعوا الجيش ينتصر» و«كي الوعي الفلسطيني» اوالاستئصال الموضعي وأخيرا «قدرة سلاح الجو على حسم المعركة» وهو أمر ترك تأثيراته البالغة على مقومات أساسية لجيش الاحتلال كفعالية العقيدة العسكرية والقتالية وكفاءة التنظيم والتماسك الداخلي، رغم المزاعم القائلة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمثل بشكله الحالي خامس أقوى جيش في العالم .‏‏

فقد جاء الاعتراف بفشل جنرالات جيش الاحتلال في تحقيق هذه الشعارات من قبل «يورام شفارتز» اشهر المحللين الاستراتيجيين في معهد البحوث الأمنية بقوله :« إن من يعتقد أن في الإمكان خوض حرب ضد منظمات إرهاب عسكرية، تعمل بغطاء بيئة مدنية في دول فاشلة، من خلال استراتيجيا «جراحة موضعية»فقط، ومن دون المس بالمدنيين، يوهم نفسه. في المقابل فإن من يتوقع أن تتمكن دولة ديمقراطية من هزيمة منظمات إرهاب وحرب عصابات عسكرية هزيمة تامة وجلية، قد يجد نفسه محبطا حين يتضح أن دعم الدول الراعية لهذه المنظمات، ودعم أجهزتها المدنية، سيمكنها من إعادة بناء قوتها وترميم قدرتها على العودة لاستئناف نشاطها الإرهابي والعسكري، وربما تجديد كامل قواها العسكرية».‏‏

وبالعودة الى جوهر الصراع الدائر حاليا بين باراك ورئيس أركانه وبقية كبار ضباط جيش الاحتلال ،فإن شهوة السلطة والصلاحيات والخلفية السياسية هي التي تحكم هذا الصراع بحسب ما ذهب إليه عاموس هرئيل في هآرتس ، الى جانب الخلافات المؤسسية بين أطراف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية المتمثلة بالمسؤول عن تعيين رئيس الأركان،وعن الخط الفاصل بين صلاحيات وزير الدفاع وصلاحيات رئيس الأركان،وعن كيفية تدخل رئيس مجلس الوزراء وحدود صلاحياته إزاء وزارة الدفاع وإزاء هيئة الأركان. فقد أوردت صحيفة هآرتس مؤخرا: بان تصاعد خلافات الجنرال إيهود باراك مع الجنرال غابي أشكنازي وصلت إلى مرحلة الصدام إزاء سعي كلا الطرفين إلى تبني خيارات معاكسة للطرف الآخر، ففي حين يتمسك اشنكازي بضرورة تعيين قائد القيادة الشمالية الجنرال غادي إيزينكوت نائباً له ليحل محل الجنرال دان هاريل النائب الحالي لرئيس الأركان.واعتماده كلاً من دان هرئيل والجنرال غادي شيمني قائد المنطقة الوسطى لتولي منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» ومطالبته في الوقت نفسه بإحالة كل من الجنرال يوآب غلانت قائد المنطقة الجنوبية والملحق العسكري في واشنطن الجنرال بيني غانتز الى التقاعد.يصر باراك على تعيين غلانت نائباً لرئيس الأركان وغانتز رئيسا لشعبة الاستخبارات العسكرية .‏‏

وحسب توقعات المراسل العسكري ليديعوت احرونوت بناء على تقديرات الأوساط العسكرية الاسرائيلية قد يتم تعيين يوآب غلانت الذي قاد ما سمي «عملية الرصاص المسكوب» ضد قطاع غزة نائبا لرئيس الأركان ، وتعيين عانتز رئيسا لشعبة الاستخبارات العسكرية ، وأفاد المراسل نفسه ان إصرار اشكنازي رئيس الأركان الحالي على إحالة هذين الجنرالين إلى التقاعد عزز الشكوك في مدى مصداقية توصياته وما ترتب على ذلك من شكوك بأنه يسعى إلى التخلص من العناصر التي تستطيع أن تحل محله عندما تنتهي فترة ولايته، أما إصرار الجنرال باراك على ضرورة تعيين كل من غلانت وغانتزقد ترتبت عليه بعض الشكوك التي تفيد بأن الجنرال باراك يسعى إلى تعزيز موقفه داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خاصة وأن هذين الجنرالين قد عرف عنهما الارتباط بالجنرال باراك وحزب العمل الإسرائيلي.‏‏

وبانتظار ان يحسم المجلس الوزاري الأمني المصغر هذه القضية فإن صراع باراك- اشكنازي مازال يلقي بظلاله على المؤسسة العسكرية وقيادات جيش الاحتلال العسكرية من جهة وعلى العلاقة بين وزارة الحرب والجيش ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست المعنية بشؤون الأمن والدفاع من الجهة الأخرى . وبالرغم من عدم تحديد نتنياهو كرئيس للحكومة أي موقف من هذا الصراع ، فمن الواضح ان كلا من نتنياهو وباراك يريد ان يتحاشى أي تداعيات سلبية قد تتركها هذه القضية على الشراكة الائتلافية بينهما . فباراك بدوره لا يرغب في إغضاب الأطراف اليمينية التي تسعى لتمكين العناصر الليكودية داخل المؤسسة العسكرية،وفي الوقت نفسه يسعى الى تأمين وصول جنرالات مقربين منه الى هذه المناصب .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية