تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث .. الوجه الآخر

آراء
الخميس 8-9-2011
د. اسكندر لوقا

أحيانا نردد ، بيننا وبين أنفسنا ، أن لفلان وجهين يختلف أحدهما عن الآخر رغم محاولة إخفاء ما يريد إخفاءه عن أعين الآخرين ، وفي السياق المتصل نكتشف أن ما يظهره لا ينم عن الحقيقة، وخصوصاً عندما يخضع لامتحان المصداقية ، على سبيل المثال ، في مكان ما أو في ظرف ما.

هذه المعادلة تذكرنا بحدث جرى في شهر آب عام 1974 ، وذلك عندما أعلنت الحكومة اليونانية تجميد النشاط العسكري لحلف شمال الأطلسي فوق أراضيها احتجاجا على دور الحلف تجاه الأحداث التي عصفت بجزيرة قبرص قبل أسابيع قليلة وكرست التقسيم على أراضيها بين القبارصة والأتراك . ومن هنا بات يخامر أحدنا هذه الأيام الشك أن واقع التقسيم الذي يتبدى في ليبيا على وجه الخصوص، فضلاً عن هاجس مماثل يتعلق بمستقبل اليمن كما حدث في السودان ، لم يعد بعيد المنال ، ولهذا الاعتبار صار بديهياً السؤال عن مبرر دخول حلف شمال الأطلسي على خط التآمر على مستقبل المنطقة بشكل عام ، من منطلق سقوط القناع من على وجه أسياده استجابة لأوامر الإدارة الأميركية في سياق محاولة إعادة ترتيب الأوراق لجهة تحقيق ما عرف بالشرق الأوسط الكبير.‏

وبقراءة خلفيات عبارة ال (كبير) هذه تحديدا ، يستطيع أي مراقب وأي محلل سياسي أن يتبين دور الولايات المتحدة الأميركية ، منذ أن نشرت الخريطة المتصورة بشأن تقسيم الوطن العربي إلى دويلات صغيرة قائمة على أساس العرق أو الدين و سوى ذلك ، تبرر قيام الكيان الصهيوني على أساس الدين وبغطاء سياسي مكشوف كما هو ملاحظ .‏

وفي هذا الإطار تكشف الأحداث الدائرة في منطقتنا العربية عموماً ، تكشف عن الوجه الآخر للقادة المتوارين وراء النوايا الطيبة ومنها نشر الديمقراطية وإنعاش الروح الوطنية في هذا البلد أم ذاك وما شابه ذلك من ادعاءات باطلة ، سواء كانوا في واشنطن أو باريس أو لندن أو روما أو برلين ، أو في أي مكان آخر على وجه الأرض .‏

ومعروف لدى الناس كافة في الوقت الحالي ، أنه على أرضية التآمر ضد الأمة العربية عموماً , يجهد هؤلاء القادة لتدريب عملائهم على استخدام أحدث أنواع الأسلحة القادرة على إيذاء الآخرين واغتيال حرياتهم ، دون التفريق بين الجنس أو اللون أو المعتقد ، وذلك وصولاً إلى إشباع شهية الطامحين في استرداد ماضيهم الاستعماري في المنطقة على حساب دماء من يجرؤون على قول ال لا في مواجهة هذا الطموح . وسوف يبقى التاريخ شاهدا على جرائم وسقوط هؤلاء القادة إلى نهاية الأيام .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية