|
مجتــمـــــع وهل يعتبر خجل الرجل من سمات الأخلاق الرفيعة أم لأنه أصبح عملة نادرة في زمن الانفتاح ؟ وهل تقف عائقاً أمام نجاح الرجل مهنياً واجتماعياً أم ماذا؟! وهل صفة الخجل فطرية أم مكتسبة وإن كانت كذلك فكيف التخلص منها؟ حول هذا العنوان استطلعنا آراء الكثير ممن التقيناهم وتركنا إجاباتهم بلسان حالهم تقول: صفة غير محببة جاسم من الرقة: الخجل بالنسبة للرجل صفة غير محببة ولاسيما بالتعامل مع الأهل والعامة، ومن وجهة نظري اعتبر الخجل ميزة للشاب إلا أنها تختلف في المدينة عما هي في الريف ، وان كان معوقاً أمام نجاحه بالعمل تابع ليقول : لا بد أن يكون الرجل حازماً ولا يأبه لأي موقف يشعره بالخجل تجاه الآخرين. ولفت زميله فيصل سليمان أدب إنكليزي قائلاً: الخجل ليست بعادة متقبلة للرجل فلابد أن تكون هناك حالة نفسية منذ الطفولة والبيئة والعادات الاجتماعية التي وجد فيها تشعره بالانطواء والانعزال والخوف بلقاء من حوله. فلابد من التخلص من هذه الحالة. أكثر جرأة الخجل يدفعني للباقة للتعامل مع الآخرين وخاصة الجنس الآخر لأن الشباب الشرقي قاسٍ بطبعه هذا ما قاله: ياسر الفحالي فيجب التعامل مع الخجل حسب الموقف . وعن تأثيره بالعمل لا أرى فيها مشكلة الحالة تفرض نفسها، وبالتالي مع مرور الوقت يتكيف وتزول هذه الصفة عنه. أما ولاء الساعور التي تدرس في علم الاجتماع فقد قالت : من خلال المجتمع الرجل الخجول سمة مميزة فينا سواء كانوا شباناً أم فتيات لكن علمتنا الحياة أن الرجل لابد أن يكون أكثر جرأة من الفتاة ولكن بحدود ولا أرى أن صفة الخجل ستقف عائقاً أمام عمله. حياء زائد وبدوره ماهر المونس إعلام قال : بداية لابد من التمييز بين الخجل والحياء ، فالحياء هو أدب ،أما الخجل هو الحياء الزائد ولا يمكن أن نقيّم الخجل سواء على الذكر أم الأنثى فتربيتهما في عائلة ما يمكن أن يخرج منها الاثنان خجولين ، فلابد من كسر الحواجز والاختلاط مع الناس للقضاء على هذه الصفة وتابع ليقول أيضاً: الحياء هي سمة رفيعة ومن وجهة نظري أن الخجل لا اعتبره شيئاً ناقصاً وبالتالي ليس هو شي ايجابي كامل فهو نسبي ، وبالتالي إن واجهنا حالات عدة في مجتمع ما فهذا ليس تعميماً على صفة الخجل لأنها تختلف حسب البيئة وعدة اعتبارات أخرى . وعن الدور الذي يلعبه في العمل ( الخجل ) أكد حتماً سيفشل إذا لازمته هذه الصفة، وبالتالي سوف تحرمه الكثير من الفرص التي ستتاح له في الحياة. أما زميلته يارا سليمان فقد أيدته بالقول : على أن البيئة هي الأساس في تربيته ومن خلال تعامله مع الآخرين باستمرار سيتخطى الحواجز ويصبح كالناس العاديين وكسمة فهي صفة محمودة ولكنها إذا زادت عن حدها أصبحت مرضاً وأنا بدوري أنفر من هذه الشخصية ولا أتعامل معها بكل بساطة. غير مكتسبة بينما عبّرت آلاء شنان الخجل من وجهة نظري جيد بمواضع ، وبمواضع أخرى غير ذلك فهو مطلوب من الطرفين ويعرف كيف يوظفها بين الناس ، لأن صفة الخجل ليست فطرية بل مكتسبة مع الذين يتعامل معهم ، كما علينا أيضاً أن نميز بين الجرأة والحق فإذا لازمته هذه الصفة فلا يعرف كيف يدافع عن نفسه لأن الساكت على الحق شيطان أخرس، وبالتالي لن تخدمه وتساعده فيقع ضحية ممن يتعامل معهم. وبعد استطلاعنا للآراء تركنا باب الحوار مفتوحاً مع الدكتور ثائر حيدر أستاذ الطب النفسي في جامعة دمشق ليقول : هناك فرق صغير ودقيق بين الخجل المرغوب الذي يدل على تربية مهذبة سواء كان هذا الخجل عند الرجل أم عند المرأة ، والخجل المبالغ فيه الذي يعكس خللاً نفسياً.. وهنا يجب على الأبوين تعليم أولادهم الأدب والحياء سواء كان ذلك للصبي أم البنت لأن عكس التهذيب والأدب والخجل السوي المحبّب تكون الوقاحة والتصرفات غير الأخلاقية.الكلام السابق لا يعني محو شخصية الطفل وإنقاص ثقته بنفسه لأن ذلك سيولّد الخجل المرضي كما سنذكر لاحقاً وإنما يعني بكل بساطة وضع الخطوط الحمراء له فيما يختص طريقة كلامه وتعامله مع الناس ومراقبته من بعيد والتدخل عند اللزوم بأساليب عقاب تربوية وهادئة. أعراضه وعندما يكون الخجل انعكاساً لاضطراب نفسي عن الصفات التي تظهر عليه أضاف د. حيدر فإنه يتظاهر بأعراض جسدية ونفسية يعرفها المريض نفسه ويلاحظها المحيطون به الذين يتعاملون معه يومياً من أسرة وأقارب وزملاء . من هذه الأعراض الخوف والتوتر عند اضطرار المريض للكلام مع الناس وما يرافق ذلك من احمرار الوجه والتعرق ورجفان الأيدي والشعور بخفقان في القلب والتلعثم أو التأتأة في الحالات الشديدة. هذه الأعراض تدفع هذا الشخص لتجنّب أي أماكن فيها تجمعات بشرية حتى لا يصاب بالإحراج ليصل في مراحل متطورة إلى اعتزال الناس واقتصار حديثه معهم على الأمور الضرورية. وعن تبعات وأسباب الخجل المرضي ؟ فهي تتعلق أساساً بأسلوب التربية المتّبع أثناء الطفولة: أسرة دائمة التأنيب أو التعنيف أو الاستهزاء بقدرات وتصرفات وذكاء أولادها، أسرة مفككة لأي سبب كالطلاق والوفاة وسفر أحد الأبوين، أسرة تحيط الطفل بعناية مفرطة ودلال زائد فينشأ بشخصية اتكالية ضعيفة. الخجل المرضي يعكس نقص ثقة بالنفس وحتى شعوراً بالدونية تجاه الآخرين ويستدعي تداخلاً نفسياً من اختصاصي ، لأنه إذا لم يعالج تكون التبعات المستقبلية سيئة سواء مهنياً أم اجتماعياً والأهم نفسياً وبعض هؤلاء يحدث عندهم اكتئاب شديد وعزلة كما قلنا سابقاً وحتى أفكار ومحاولات انتحارية . من يتحمل المسؤولية؟ وعن الاضطرابات النفسية من يتحمل مسؤوليتها؟ الحقيقة إن العديد من الاضطرابات النفسية التي نراها يومياً يكون السبب الأهم في حدوثها هو الأخطاء التي يرتكبها الأبوان في تربية الطفل وخصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياته . والمشكلة الأكبر أن الكثير من الناس لا يعرفون هذه المعلومة ويعتقدون أن الطفل في هذا العمر ينسى ما يحدث له ، بينما الحقيقة النفسية تقول: إن الشخصية في الكبر بكل ما فيها من اضطرابات وتناقضات وعدم توازن نفسي تكون قد تكوّنت في معظمها خلال سنوات العمر الأولى . فماذا يتوجب على الأبوين من عمل ؟ يتوجب دائماً تشجيع الطفل على الكلام مع الأطفال الآخرين واللعب معهم ، والثناء عليه في كل ما يقوله ويفعله طبعاً الجيد منه ، وعدم ضربه أو توبيخه أمام الناس والاحتفاظ بالعقاب لحين العودة للمنزل ، وعدم مقارنته بأطفال آخرين ، وعدم تلبية جميع طلباته حتى يعرف أنه لا يستطيع الحصول على ما يريد ، بل عليه أحياناً الانتظار والصبر. كل ذلك ضمن كادر واضح محدد عليه أن يعرفه دائماً: قلة التهذيب والوقاحة والاعتداء على الآخرين أو الاستهزاء بهم غير مسموح بتاتاً ويستوجب العقاب بأساليبه المختلفة ، والتي ليس منها بالطبع الضرب الجسدي لننتهي بالقول بالقاعدة الذهبية : لا إفراط ولا تفريط. |
|