تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لاننكر عليهم..!!

الافتتاحية
السبت 10-9-2011
بقلم : رئيس التحرير - علي قاسم

لم يكن عدم الاستجابة فقط هو الذي أحدث ذلك الإحباط لدى قنوات الفتنة، ولم يكن أيضاً انحسار الأحداث ومحدوديتها وحده الدافع إلى حالة الارتباك لدى تلك القنوات، بل ثمة عاملاً آخر كان واضحاً أضاف إلى «متاعبها» ما أضاف،

حين ذهبت بعيداً في التطاول على السوريين،وحين ارتضت ان تكون جزءاً من حملة استهداف سورية وقد بانت أهدافها وغاياتها وانكشفت الادوار والعوامل التي تقف خلفها وفي مقدمتها العامل الاسرائيلي.‏

فبعد التحريض على حمل السلاح واستخدامه، وبعد حملة تجييش واسعة من أجل تأمين مصادر دعم وتمويل، لتأمين ذلك السلاح، جاء تبني حملة المطالبة بالتدخل الخارجي.‏

بإمكان تلك القنوات أن تتحدث وحتى أن تختلق وتصطنع ما تشاء، وأن تضيف إلى الفتنة الزيت لتزيد نارها اشتعالاً، وأن توقد فيها إلى ما شاءت، وأن تعمل من الحبة قبة، لكنها تورطت أبعد حين توهمت أن هناك أحداً من السوريين يقبل بالتدخل الخارجي، أو حين تعتقد أن تلك الأصوات النشاز أو أولئك المتسلقون يمكن أن يمثلوا أحداً من السوريين.‏

لا أحد ينكر مقدرة تلك القنوات ولا سطوتها ونفوذها في تبنّي الأجندات وترجمتها على الأرض، وهي التي مارستها وبأسوأ الاساليب على مدى الأشهر الماضية، ولا أحد يتجاهل دورها المشبوه في تصعيد الأوضاع وتوتيرها، وتجييش النفوس والأعصاب، والتحريض دون حدود، ثم لتطوّر في هذا الدور من تغطية الحدث إلى صانع له.. فموِّجه وصولاً إلى المشاركة فيه مباشرة.‏

ولا أحد ينكر عليها أيضاً مسؤوليتها عن كثير من دماء السوريين سواء في تحريضها على حمل السلاح أم التشجيع على توفيره أو الدفع باتجاه استخدامه، وأخيراً تبنِّي التدخل الأجنبي.‏

ليست المرة الاولى التي تكون فيها الدعوة الى التدخل الخارجي في المنطقة نزولاً عند الرغبة الاسرائيلية، فالعامل الاسرائيلي كان الحاضر الابرز في اشكال التدخل ونماذجه وكان المحرض.. كما كان الدافع.. وساهم في كل الكوارث التي شهدتها المنطقة والمآسي التي استجرها التدخل الخارجي، وهي حقيقة لاتخفى على أحد، وفي مقدمتها قنوات الفتنة ومريدو التدخل ومؤيدوه!!.‏

وبالمقابل يجب ألا تنكر تلك القنوات ولا أدواتها ولا أطرافها ومحركوها أنها أخطأت في حساباتها حين توهمت أن السوريين يمكن أن يؤخذوا بهذه الطريقة، وألا تتجاهل أنها لم تحصد سوى الخيبة حين توقعت أن بمقدورها أن تجرَّ بعض السوريين أبعد.. إلى حدّ أن أحداً فيهم يقبل بما قبله الآخرون أو يضع يده في يد أجنبي للاستقواء على السوريين.. على الوطن والأرض والإنسان، والأهم ألا تغمض عينها عن الحصيلة التي وصلت إليها، وهي تواجه الإحباط والفشل حين تتخيل أن بإمكانها أن تصنع من تلك القلة التي اعتادت أن تكون أداة ووسيلة، عنواناً أو مشهداً يمكن الركون إليه للنفاذ إلى الداخل السوري.‏

السوريون الذين عرف عنهم ما لا يعرف عن غيرهم .. والسوريون الذين رفضوا في الماضي أن يكونوا غير ذلك، سيرفضون اليوم.. والسوريون الذين لم يقبلوا يوماً بأجنبي لم يتغيروا هم ذاتهم.. وما خرج عنهم أو حاد عن سوريته لم يكن إلا مشهداً نافراً لا يمكن أن يتسع أكثر.‏

ربما ما لم تعرفه تلك القنوات أن السوريين يعرفون جيداً تلك الأبواق.. يعرفون تاريخها وارتباطاتها وتوجهاتها وحجم الاصابع الاسرائيلية فيها.. وحصيلة ما قبضوه من هذا الدور.. وما أدوه.. وكيف تتم إدارتهم.. الآن وفي الماضي..‏

وربما أيضاً ما لم تعرفه تلك القنوات أنه ليس هناك من السوريين من يقبل أن يمثله أحدٌ من تلك الأبواق التي تستجدي التدخل الخارجي.‏

لكن لكي لا ننكر عليهم «حقهم» فهم بالفعل ومن يديرهم - أطرافاً وقوى ودولاً - ومن يحرضهم .. ويحتضنهم يمثِّلون أولئك القتلة، ويعبّرون عنهم.. يمثِّلون أولئك الإرهابيين الذين يحملون السلاح لقتل السوريين.. ويمثِّلون أولئك المخربين العابثين بأمن الوطن.. والذين كانوا أداتهم طيلة الأشهر الماضية وقد أماطوا اللثام عن وجوههم الحقيقية و انكشفت اللعبة بخيوطها.. وأدواتها والأصابع المتورطة فيها، والأجندات التي تخدمها!!‏

a-k-67@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية